الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمين. أما بعد:
فيجب على المسلم الذي عرف التوحيد والإسلام والإيمان أن يعرف ما يضادهم مثل الشرك والكفر والنفاق حتى لا يقع فيهم، يقول تعالى: “وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ” [الأنعام:55].
ويقول حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: “كان الناس يسألون رسول الله عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يارسول الله إنا كنا في جاهلية وشر، وجاء الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم. قلت: وهل بعد هذا الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يستنون بغير سنتي، ويهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله صفهم لنا. قال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا. قلت: فما تأمرنى إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك ” متفق عليه.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “تُنقض عرى الإسلام عروة عروة من نشأ في الإسلام ولم يعرف الجاهلية”.
وقال الشاعر:
عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه | ومن لا يعرف الشر جديراً أن يقع فيه |
وقد ذكر أهل العلم نواقض الإسلام حتى بلغت أكثر من أربعمئة ناقض. ومن أعظمها ما ذكره الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – حيث قال: “اعلم أن أعظم نواقض الإسلام عشرة:
1. الشرك في عبادة الله وحده لاشريك له، قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً” [النساء:116].
2. من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة كفر إجماعاً.
3. من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر إجماعاً.
4. من اعتقد أن هدى غير محمد صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه، أو حكم غيره أحسن من حكمه، كالذين يفضلون حكم الطاغوت على حكمه فهو كافر.
5. من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به كفر إجماعاً، قال تعالى: “ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ” [محمد:9].
6. من استهزأ بشيء من دين الله أو ثوابه أو عقابه كفر، قال تعالى: “قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ” [التوية:65،66].
7. السحر ومنه الصرف والعطف، فمن فعله أو رضي به كفر، قال تعالى: “وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ” [البقرة:102].
8. مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، قال تعالى: “وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” [المائدة:51].
9. من اعتقد أن بعض الناس لا يجب عليه إتباعه صلى الله عليه وسلم وأنه يسعه الخروج عن شريعته كما وسع الخضر الخروج من شريعة موسى عليهما السلام فهو كافر.
10. الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به، قال تعالى: “وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنْ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ” [السجدة:22].
ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف إلا المكرة، وكلها من أعظم ما يكون خطراً، ومن أكثر ما يكون وقوعاً، فينبغي للمسلم أن يحذر ويخاف منها على نفسه” ا.هـ.
من خلال القراءة المتأنية لتلك النواقض؛ يُلاحظ أنه يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أقسام:
1. الشرك: تشبيه الخالق بالمخلوق في خاصية من خصائص الربوبية أو الألوهيه أو الأسماء والصفات.
2. الكفر: أي اعتقاد أو قول أو عمل يناقض الإيمان.
3. النفاق: إظهار الإيمان وإبطال الكفر.
أي أن نواقض الإسلام يمكن تبيسطها إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما يتعلق بالشرك
الناقض الأول؛ الشرك. والناقض الثاني؛ اتخاذ الوسائط. وكلاهما من الشرك.
القسم الثاني: ما تتعلق بالكفر
النواقض: الثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والتاسع، ما تتعلق بالكفر. ويمكن تصنيفهم أيضاً إلى ثلاثة فروع وهم:
1. ناقض واحد بالقول، وهو الناقض السابع؛ الاستهزاء.
2. ناقضان بالعمل، وهما الناقض الخامس؛ البغض. والناقض السابع؛ السحر.
3. ثلاثة نواقض بالاعتقاد. وهم الناقض الثالث؛ عدم تكفير المشركين. والناقض الرابع؛اعتقاد النقص. والناقض التاسع؛ اعتقاد ترك التكليف.
القسم الثالث: ما يتعلق بالنفاق
الناقض الثامن؛ مظاهرة المشركين. والناقض العاشر؛ الإعراض. وكلاهما من النفاق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.