‘);
}
تحليل قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين
قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين لي بن الحسين هي واحدة من أشهر قصائد مدح آل البيت في الأدب العربي، وفيما يأتي تحليل لها:
مناسبة قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين
ذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق أنّه في زمن خلافة الوليد بن عبد الملك وأثناء أداء أخيه هشام بن عبد الملك فريضة الحج، فكان هشام إذا ما ذهب ليستلم الحجر الأسود زاحمه الحجيج ولم يستطع الوصول، فتنحّى جانبًا ينتظر الناس ليفرغوا.[١]
لكنّه فوجئ برجل يتنحّى عنه الناس ليقبل ويستلم الحجر، فعرفه ولكنّه زعم أنّه لا يعرفه، فسأل عنه أن من هذا الذي تقدّره الناس وتبتعد عنه، فأجابه الفرزدق بهذه القصيدة؛ لأنّ الفرزدق يعلم أنّ هشامًا يعلم حقيقة ذلك الرجل الذي هو زين العابدين ولكنّه أنكره بدافع الغرور والتكبر، فسجنه هشام على إثر تلك القصيدة.[١]
‘);
}
شرح قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين
يقول الفرزدق -واسمه همام بن غالب- في مدح زين العابدين:[٢]
هَذا الَّذي تَعرِفُ البَطحاءُ وَطأَتَهُ
-
-
- وَالبَيتُ يَعرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ
-
هذا الرجل يعرفه كل مكانٍ هنا، فحتى مساكن قريش تحفظ آثار أقدامه.
هَذا اِبنُ خَيرِ عِبادِ اللَهِ كُلِّهِمُ
-
-
- هَذا التَقِيُّ النَقِيُّ الطاهِرُ العَلَمُ
-
إنَّ هذا الجل ينحدر من سلالة خير البشر، ويقصد به النبي عليه الصلاة والسلام؛ كون الجد بمثابة الوالد، وإنه مثال للتقى والنقاء والصفاء وطهارة الأصل والنسب والحسب.
هَذا اِبنُ فاطِمَةٍ إِن كُنتَ جاهِلَهُ
-
-
- بِجَدِّهِ أَنبِياءُ اللَهِ قَد خُتِموا
-
إنَّ والدته السيدة فاطمة الزهراء، وجدَّه هو آخر الأنبياء الذين أرسلوا إلى الدنيا، فهو حفيد خاتم الأنبياء.
وَلَيسَ قَولُكَ مَن هَذا بِضائِرِهِ
-
-
- العُربُ تَعرِفُ مَن أَنكَرتَ وَالعَجَمُ
-
أنك إن تسأل من هو فذلك لا يعود عليه بالضرر؛ لأنك إن كنت لا تعرفه أو تنكر معرفته، فإنَّ العرب وغير العرب على معرفةٍ به.
كِلتا يَدَيهِ غِياثٌ عَمَّ نَفعُهُما
-
-
- يُستَوكَفانِ وَلا يَعروهُما عَدَمُ
-
هو الذي يتصف بالكرم إذ يغيث المضطر بما يعيد إليه الحياة والحياء، وكأنه المطر الذي يحيي الأرض بعد موتها.
سَهلُ الخَليقَةِ لا تُخشى بَوادِرُهُ
-
-
- يَزينُهُ اِثنانِ حُسنُ الخَلقِ وَالشِيَمُ
-
طباعه حسنة وسهلة وليس فيه طباعًا يمكن للشخص أن يجعله خائفًا منه، ويتزين بأخلاقه الفاضلة وعاداته العظيمة.
حَمّالُ أَثقالِ أَقوامٍ إِذا اِفتُدِحوا
-
-
- حُلوُ الشَمائِلِ تَحلو عِندَهُ نَعَمُ
-
يحمل أثقال قومه ومن يسأله وهمومهم ومتاعبهم، جميلٌ بكل ما فيه من طباع لتصبح كلمة نعم حلوة حين يقولها.
ما قالَ لا قَطُّ إِلّا في تَشَهُّدِهِ
-
-
- لَولا التَشَهُّدُ كانَت لاءَهُ نَعَمُ
-
دائمًا ما يقول نعم، فلا يرفض شيئًا، واللا الوحيدة التي يقولها هي التي يقولها عندما يلفظ التشهد: “أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله”، ولولا ذلك لكان كل قوله نعم.
عَمَّ البَرِيَّةَ بِالإِحسانِ فَاِنقَشَعَت
-
-
- عَنها الغَياهِبُ وَالإِملاقُ وَالعَدَمُ
-
بوجوده انتشر الإحسان في كل مكان، لينجلي كل ما كان يسود من ظلامٍ شديدٍ وفقرٍ وحاجةٍ وعدمٍ.
إِذا رَأَتهُ قُرَيشٌ قالَ قائِلُها
-
-
- إِلى مَكارِمِ هَذا يَنتَهي الكَرَمُ
-
حينما تقع عين أحد من قبيلة قريش عليه يقول فورًا أن هذا الشخص هو الذي يبلغ منتهى الكرم.
يُغضي حَياءً وَيُغضى مِن مَهابَتِهِ
-
-
- فَما يُكَلَّمُ إِلّا حينَ يَبتَسِمُ
-
يغض بصره من حيائه، والبشر يهابونه فلا يتكلمون إليه هيبةً له إلا عندما يرونه يبتسم.
بِكَفِّهِ خَيزُرانٌ ريحُهُ عَبِقٌ
-
-
- مِن كَفِّ أَروَعَ في عِرنينِهِ شَمَمُ
-
بكف يده خيزران معطر يعبق برائحة زكية، والذي يحمله زاده جمالًا بما يملكه من صفات رائعة تجعله أبيًّا مرفوع الرأس والجبين والأنف.
يَكادُ يُمسِكُهُ عِرفانُ راحَتِهِ
-
-
- رُكنُ الحَطيمِ إِذا ما جاءَ يَستَلِمُ
-
يكاد الحجر الأسود يمسك زين العابدين لشدّة معرفته بيديه اللتين اعتادتا إمساكه وتقبيله، وذلك كناية عن شدة عبادته وورعه.
اللَهُ شَرَّفَهُ قِدمًا وَعَظَّمَهُ
-
-
- جَرى بِذاكَ لَهُ في لَوحِهِ القَلَمُ
-
لقد عظّم الله مكانته وجعل له منزلةً عاليةً من الشرف ذلك ما كتب له وكأن القدر سطر ذلك بالقلم.
الصور الفنية في قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين
مما ورد من صور فنية في القصيدة السابقة:
- تَعرِفُ البَطحاءُ
استعارة مكنية، فقد شبَّه البطحاء بالإنسان الذي يعرف، وحذف المشبَّه به الإنسان، وأبقى على شيءٍ من لوازمه وهو المعرفة، فهي استعارة مكنية.
- وَالبَيتُ يَعرِفُهُ
استعارة مكنية، فقد شبَّه البيت بالإنسان الذي يعرف، وحذف المشبَّه به الإنسان، وأبقى على شيءٍ من لوازمه وهو المعرفة، فهي استعارة مكنية.
- كلتا يَدَيهِ غِياثٌ عَمَّ نَفعُهُما
تشبيه مجمل، وأركان التشبيه هي: المشبَّه: يدي زين العابدين، والمشبَّه به: الغياث، ووجه الشبه: عَمَّ نَفعُهُما، إذ شبَّه يدي زين العابدين بالغياث، وكلاهما يعمان بالنفع والفائدة على المضطر والمحتاج.
- يَكادُ يُمسِكُهُ عِرفانُ راحَتِهِ رُكنُ الحَطيمِ
استعارة مكنية، فقد شبَّه ركن الحطيم بالإنسان الذي يستطيع إمساك اليد، وحذف المشبَّه به الإنسان، وأبقى على شيءٍ من لوازمه وهو إمساك اليد، فهي استعارة مكنية.
- جَرى بِذاكَ لَهُ في لَوحِهِ القَلَمُ
استعارة مكنية، فقد شبَّه القلم بالإنسان الذي يجري، وحذف المشبَّه به الإنسان، وأبقى على شيءٍ من لوازمه وهو الجري، فهي استعارة مكنية.
الأفكار الرئيسة في قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين
من الأفكار الرئيسة في قصيدة الفرزدق:
- معرفة كل مكان في موضع الحج لزين العابدين.
- تميزه بتدينه ونقائه وبأنه ابن خير العالمين.
- عدم تضرره من عدم معرفة هشام له، لأنَّ العرب والعجم يعرفونه.
- كرمه الشديد وإغاثته للمضطر.
- اتسامه بأحلى الصفات، من حيث الأخلاق والطباع.
- تحمله لهموم ومتاعب قومه.
- انقشاع الظلمات والفقر بمجيء زين العابدين.
- إقرار قريش بكرمه الشديد ومكارم أخلاقه.
- تشريف وتعظيم الله لزين العابدين.
شرح مفردات قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين
من المفردات التي تحتاج إلى شرح في قصيدة الفرزدق:
المفردة
|
معنى المفردة
|
البطحاء
|
بطحاء مكة هي مساكن قريش البطاح وهم خلاف قريش الظاهر.[٣]
|
وطأته
|
الوطأة أثر القدم، وهي ما يُترك في المكان الذي تطؤه القدم.[٤]
|
ضائره
|
أي ما يتسبب له بالضرر.[٥]
|
العجم
|
عكس وخلاف العرب.[٦]
|
غياث
|
الشيء الذي يغاث فيه المحتاج والمضطر سواء طعام أم غيره.[٧]
|
يستوكفان
|
استوكف الماء أي استقطره واستدعى جريانه.[٨]
|
الغياهب
|
الغيهب من الليل هو الظلام الشديد، فيقصد انقشاع الظلام الذي كان قبله.[٩]
|
الإملاق
|
الافتقار والفقر والعوز.[١٠]
|
عرنينه
|
هو ما برز من عظم الأنف ويُراد به الإباء والأنفة.[١١]
|
الحَطِيم
|
بناء يقع مقابل الميزاب من خارج الكعبة.[١٢]
|
المراجع
- ^أبابن عساكر، تاريخ دمشق، صفحة 400 – 403. بتصرّف.
- ↑“هذا الذي تعرف البطحاء وطأته”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 22/1/2022.
- ↑“تعريف و معنى البطحاء في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 22/1/2022. بتصرّف.
- ↑“تعريف و معنى وطأته في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 22/1/2022. بتصرّف.
- ↑“تعريف و معنى ضائره في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 22/1/2022. بتصرّف.
- ↑“تعريف و معنى العَجَمُ في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 22/1/2022. بتصرّف.
- ↑“تعريف و معنى غِياثٌ في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 22/1/2022. بتصرّف.
- ↑“تعريف و معنى يُستَوكَف في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 22/1/2022. بتصرّف.
- ↑“تعريف و معنى الغَياهِبُ في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 22/1/2022. بتصرّف.
- ↑“تعريف و معنى الإِملاقُ في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 22/1/2022. بتصرّف.
- ↑“تعريف و معنى عرنين في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 22/1/2022. بتصرّف.
- ↑“تعريف و معنى الحَطيمِ في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 22/1/2022. بتصرّف.