افرد القرأن الكريم سورة كاملة لابراز حالة وواقعة عظيمة في تأثيرها على حياة الانسان وطبيعته، الا وهي الطلاق ، وقد يكون من عظمة الاسلام انه تنبأ بأثر الطلاق على حياة الانسان قبل غيره من الحضارات والعلوم والاديان، فكانت سورة الطلاق، والتي ناقشت الطلاق بكامل حالته، فالطلاق في عصرنا الحالي اصبح من اكثر الامور التي تهدد المجتمع العربي وتهدد الاسرة العربية، فعندما نرى بعض الاحصائيات المخيفة التي تتحدث عن نسب الطلاق في بعض الدول العربية تدرك متى اهمية البحث في الوسائل التي تعالج هذه المسألة العظيمة، وقد يكون من افضل الوسائل الى البحث في العلاج هو دراسة اسباب الطلاق ، لماذا يحصل الانفصال ؟ لماذا يبتعد الطرفين عن بعضهما البعض نفسيا وعاطفيا وجسديا قبل الانفصال بصورة كاملة عن بنيان العائلة، في هذا المقال سنبحث في هذه الحالة وعن ابرز تسعة اسباب تجعل من هذه الظاهرة الخطيرة تعيش.
و بمناسبة الحديث عن الطلاق يجب التنبيه ان مقولة ( ان ابغض الحلال عند الله الطلاق )، لا يمكن التصديق على اصلها فهي ليست بأية قرأنية كما يعتقد الكثير، ولم يثبت على انه حديث نبوي صحيح، فيجب التنويه الى هذا الامر لعظم نسبه الى الله تعالى او الرسول عليه الصلاة والسلام دون سند .
تسع اسباب تؤدي الى الانفصال :
عدم الانسجام الفكري : من العوامل التي تؤدي الى الطلاق بصورة رئيسية هي عدم الانسجام في الفكر والاراء بين الزوجين، فعندما يضع الزوج تصوره بخصوص امر ما، يكون لا ينسجم مع رؤية الزوجة، هذين الامرين يؤديان في النهاية الى الكثير من الخلافات والنقاشات التي قد تتحول الى حرب فكرية عالية الصريخ في البدء، فهذا يرغب بتغيير تلك وتلك ترغب بتغيير هذا، الى ان ينتهي الامر ان يكون الخلاف صامتا، عندها يجب ان ندرك ان الامر سينتهي الى الانفصال، فهذا الصمت يخلف وراءه الكثير من الالام والكثير من المعاناة، والتي لن تظهر كما كانت سابقا بصورتها العلنية الا عند الانفصال.
الملل والروتين : عندما تنتهي العلاقة بين الزوج والزوجة الى ان تكون كعلاقة زملاء في السكن، عندها يكون قد وصل الطرفان الى اكثر من نصف الطريق الى النهاية، فلا هذا سيكمل و لا هذا يرغب بالاكمال، وان اكملوا فيكون هذا الامر على حساب الابعاد النفسية والعاطفية، ففعليا الطلاق حاصل، ولكن بدون كلام حفاظا على الشكل الخارجي للزواج ان كان امام الابناء او كان امام الاخرين، فالروتين من اهم الاسباب والفيروسات التي تقتل جسد مؤسسة الزواج بالعلل ويؤدي بالنتيجة الى الانفصال الحتمي، والاصل ان يبحث الزوجان في كل فترة وفترة عما يحيي هذا الزواج وينعشه، ويبعده عن حالة الملل والروتين، عن طريق التجديد.
البرود العاطفي والجنسي : وهو من اخطر الاسباب التي تجتاح معظم الازواج، الا قلة ما، فبعد فترة من الزواج يصيب احد اطراف الزواج او كلاهما حالة من البرود التي تعتبر منغصة لهما، وهذه الحالة تعني ابتعاد كل منهما عن الاخر بطريقة روحية وجسدية، وقد ينتهي الامر الى ان ينام كل زوج في غرفة لوحده تاركا الطرف الاخر في غرفته هو الاخر، وهذا الانفصال العاطفي والجسدي سيعني في النهاية الانفصال، والحل ان يبحث الزوجان عن سبل العلاج لهذه المشكلة وجذورها، حتى لو تطلب هذا الامر مراجعة اخصائيي الطب النفسي، فهي حالة في النهاة لا تتعدى خطوط بعض العوائق النفسية والتي تحتاج الى الوسائل لتعديها.
الضائقة المالية او الانفراج المالي : يلعب المال دورا حيويا في حياة كل انسان، ويعتبر عصب الحياة بشكل عام، ولكن اي تغير في الحالة المالية قد يؤدي الى الانفصال ان كان سلبا ام ايجابا، ففي الحالة الاولى وهي حدوث الضائقة المالية يصاب الانسان في العادة ان لم يكن ذو شخصية قوية بالعديد من الامراض النفسية كالاحباط والاكتئاب فيميل الى العزلة والانكماش على نفسه، وهذا الامر قد يؤدي في النهاية الى عدم تقبل الطرف الثاني وما يأتي منه. هذا الاغلاق سيؤدي حتما الى الانفصال، وفي الحالة الثانية وهي الانفراج المالي، وهذه الحالة غالبة عند الرجال، قد يصيبه الشعور بإنه اعلى من شريكه وبالتالي البحث عن مصادر للمتعة اخرى. وحل هذه المشكلة في القناعة، وادراك ان الزواج كما كانوا يقولون قديما ( على الحلوة والمرة).
عدم الانجاب : يعتبر الانجاب حالة خاصة في الوطن العربي على الاقل الى فترة قريبة، حيث يتوجب ان تكون العائلة الواحدة مكونة على الاقل من ستة افراد، وهذه الطريقة من التفكير تتصل بالموروث الشعبي ونمط الحياة، حيث كانت المجتمعات في اغلبها قروية وتعتمد على الزراعة في حياتها، ومع التطور الحاصل في الحياة وتحول المجتمعات الى مجتمعات خدماتية، قلت هذه النظرة الى العدد ولكنها ما زالت متصلة بالانجاب فدوما الزوج يبحث عن الطفل والولد الذي سيحمل اسمه، وفي الكثير من الاحيان وعند حصول العجز في الانجاب تكون النتيجة الحتمية هي الطلاق، خاصة ان كان سبب عدم الانجاب من الزوجة.
التباين في الدرجات العلمية : كثيرا من الزيجات ترتبط في بلداننا بمنطق زيجات الاقارب، وفي احيان كثير يكون على الشاب او الفتاة الزواج من ابنة عمته او ابن عمها، مع الاختلاف في الدرجات والتحصيل العلمي، ومع المعاشرة داخل البيت، يبدأ التباين في طرق التفكير وانماط الحياة بالظهور على السطح مخلفة اثار عميقة على هذا الزواج والذي قد يؤدي بالنتيحة الى الانفصال، خاصة ان كانت الفتاة ذات تحصيل علمي اكثر من الزوج، فهذا سيخلف الشعور بالنقص عند الزوج.
الزواج من اجل مصلحة ما : وتفسير هذا الامر بسيط فالارتباط بوجود المصلحة في الزواج يعني انتهاء الزواج بإنتهاء المصلحة، فإذا كانت الفتاة توافق على الزواج من الشاب او العجوز لاجل ماله سينتهي الزواج بإنتهاء الغاية والحصول على المال وكذلك العكس، اي ارتباط بين المصلحة وبين الامر يعني انتهاءه بإنتهاء المصلحة.
تدخل الاخرين في شؤن العائلة : في الزواج كحالة خاصة يجب المحافظة على اسرار العائلة وحمايتها من التدخل الخارجي، ولكن تكمن المعضلة تكمن في الكم الهائل من التدخلات العائلة بينهما وفي شؤون العائلة، ان كان بواسطة اهل الزوجة او اهل الزوج، فالكل يعتبر نفسه الوصي القانوني والشرعي لهذا الزواج والادرى بمصلحته، وقد تخلف هذه التدخلات الكثير من الشروخ بين الزوجين في حال انحاز كل واحد لاقاربه.
الغيرة : يعتمد الزواج على الثقة، ولكن ان فقدت هذه الثقة واصبح كل شخص يغار على الاخر او احدهما يغار على الطرف الاخر بطريقة غير منطقية ومبالغ فيها فهذا يعني في النهاية وجود شق كبير في الزواج اجلا ام عاجلا سينتهي بالانفصال.