‘);
}
تطور الفكر التربوي عبر العصور
يُسهم التّعليم في إحداث التغيير في العالم، إذ يُعدّ الخطوة الأولى لاكتساب المعرفة والمهارات التي يحتاجها الفرد لتحقيق حياة أفضل،[١] وفيما يأتي مراحل تطور الفكر التربوي عبر العصور:
الفكر التربوي في العصر البدائي
يتميز الفكر التربوي في العصر البدائي بما يأتي:[٢]
- ينحصر الفكر التربوي في العصر القديم تحت مسمّى (الانثقاف)، أي عمليّة الانتقال الثقافي، إذ إنّ ثقافة الإنسان البدائيّ تُمثّل عالمه، كما إنّ لديه شعوراً مستمراً بالثقافة، إذ يُعتقد أنّ الحياة ثابتةٌ نسبيًا، كما تنتقل من جيل إلى آخر مع القليل من التغيير.
- يهدف التّعليم في العصر البدائيّ إلى إنشاء مواطنٍ صالح، ومنتمٍ إلى القبيلة، بالإضافة إلى فهم أسلوب الحياة أثناء الانتقال من مرحلة الطّفولة إلى مرحلة البلوغ.
- يتمثّل المنهج الدراسيّ بالقيم الثقافيّة، والدين القبَلي، والأساطير، بالإضافة إلى التّاريخ، والفلسفة.
- تنقسم عمليّة التّعليم في العصر البدائيّ إلى مرحلتين، هما: مرحلة التعليم قبل البلوغ، إذ تضمن مشاركة الطفل بالأنشطة الاجتماعيّة ليتعلم عن طريق الملاحظة والمحاكاة من قبل أفراد المجتمع، ومرحلة التعليم بعد البلوغ، إذ يُرسل بها الشخص إلى مكانٍ منعزلٍ عن العائلة؛ لتوسيع ثقافته.
‘);
}
الفكر التربوي في العصر القديم
أثّرت الحضارة اليونانيّة بشكلٍ كبيرٍ على الفكر التربويّ في العصر القديم؛ بسبب النّظام التعليميّ المميّز، كما اشُتهرت مدينتي أثينا وأسبرطة بالتعليم في اليونان القديمة، وفيما يأتي توضيحٌ للفكر التربوي في العصر القديم المتمثّل بما هو سائدٌ في الحضارة اليونانيّة:[٣]
- نظام التعليم
يُتاح التّعليم لعامّة النّاس في المرحلة الابتدائية باستثناء الأفراد ذوي البشرة السّوداء، كما يُخصّص بالدرجة الأولى للأطفال الذكور، ويركّز التعليم على الأخلاق، والقراءة، والكتابة، والموسيقا، والرقص، وحفظ الشعر، والرسم، والعد، وبالمقابل لا يتوفّر التّعليم المتقدّم للجميع، إذ يقتصر على أفراد الطبقة الاجتماعية الثرية الذين يستطيعون تحمّل تكلفة الدراسة.
- أهداف التعليم
يهدِف التّعليم إلى التّدريب الجسديّ؛ لأنّه يُسهم في تقوية وتطوير فردٍ مستعدٍ لخوض الحروب، كما يسعى التّعليم إلى إعداد مواطنٍ صالح، ويهدف التعليم في مدينة أثينا إلى تنشئة الفرد أخلاقيًا وبدنيًا.
- المنهاج
يتضمّن المنهاج موادّ العلوم الطّبيعية مثل علم الأحياء والكيمياء، كما يضمّ البلاغة، والقصائد، والأداء المسرحيّ، بالإضافة إلى الهندسة، وعلم الفلك، والأرصاد الجويّة، إذ تُسهم في تنمية الأفراد، وتؤدّي إلى اكتساب مكانةٍ جيّدة في المجال السياسيّ، وتُساهم في الحصول على التّأييد.
- المنهجية
اعتُمد كلٌّ من المنهج الاستقرائيّ والاستنتاجيّ في التعليم، بالرّغم من انتشار التّعليم بالتّلقين في معظم المدن اليونانيّة.
- بيئة التعلم
تتمثل بيئة التعلُّم بالمدرسة، حيث يُفصل الطّفل عن أسرته، وينتقل إلى الثّكنة العسكرية؛ لتلقّي التعليم الأساسيّ فيها.[٣]
- تعليم المرأة
تتلقّى المرأة تعليمها في كلّ من رمي الرمح، والمصارعة، والجري، والغناء، والرقص، والعزف على الآلات الموسيقية.[٣]
الفكر التربوي في العصر الحديث
ظهرت عدّة نظريّات تفسّر الفكر التربويّ في العصر الحديث، مثل النّظرية المعرفية التي تُعنى بالتّطور المعرفي، وكيفية اكتساب المعرفة، وفهم طبيعة الذكاء، كما يعتقد العالم جان بياجيه صاحب النّظرية المعرفيّة أنّ الطفل هو محور العمليّة التعليمية، إذ يستطيع بناء المعرفة بنفسه عن طريق أداء التّجربة، وإجراء الملاحظة، والتّفاعل النّشط، ويبين أنّ الطفل يمر بأربع مراحل نمائيّة، وهي:[٤]
- المرحلة الحسيّة الحركية
تبدأ في سنّ الولادة حتى سنّ عامين، إذ يكتشف الطّفل البيئة من حوله بالحركة والإحساس، كما يتعلّم بالملاحظة، والاستماع، والإمساك بيديه، إذ يكتسب المعرفة عبر التّجربة الحسية واللّعب، كما يتعلم الطّفل في مرحلة العلميّات الحسية كيفية أداء الحركات الجسديّة مثل الزّحف والمشي، وتعلّم اللّغة، وربط الكلمات بالأشياء.
- مرحلة ما قبل العمليات
تبدأ في سنّ عامين وتستمر حتى سنّ 7 أعوام، إذ يبدأ الطّفل في التفكير بشكل رمزيّ، وتمثيل الأشياء بالكلمات والصّور، ويسعى لرؤية الأشياء كما يراها الآخرون، وتتطوّر لديه اللّغة، ويفكّر بالأشياء عبر اللّمس، كما تتطوّر لديه مهارة اللّعب.
- مرحلة العمليات الحسية
تبدأ في سن 7 أعوام حتى سنّ 11 عاماً، حيث يُصبح تفكيره منطقياً ومنظماً حول الأشياء المحسوسة من حوله، كما تتطوّر لديه مهارة الحفظ، ويستخدم المنهج الاستقرائي، أي يتوصل إلى المعرفة بالانتقال من معلوماتٍ محددة إلى مبادئ عامة، كما تختفي النّزعة الأنانيّة لديه، ويصبح أقل تمركزًا حول ذاته.
- مرحلة العمليات المجردة
تبدأ في سنّ 12 عامًا فما فوق، حيث يصبح تفكير الطفل البالغ مجردًا، ولا يرتبط بأشياء محسوسة، كما يفكّر في القضايا الأخلاقيّة، والفلسفية، والاجتماعية، والسياسية التي تحتاج إلى التّفكير المجرد، و يستخدم المنطق الاستنتاجيّ ليتوصل إلى المعرفة من مبادئ عامّة إلى معلوماتٍ محددة ويكون قادرًا على حلّ المشكلات، وممارسة التّفكير العلمي، و يخطّط للمستقبل.
العوامل المؤثرة في تطور الفكر التربوي
يوجد عدّة عوامل مؤثِّرة على تطوّر الفكر التربويّ وفقاً لدراسة أُجريت على يدّ (Rohmani Indah، Agung Kusuma) في سنة 2016 م، وهي:[٥]
- إتقان اللغة
تؤثّر اللّغة على الفرد عند ممارسة التّفكير الناقد، إذ يكتب الأفكار وينظّمها ويُعبر عنها بواسطة اللغة، كما يجب إتاحة الفرصة للكتابة بواسطة اللّغة المُتقنة، وممارسة الكتابة مسبقًا، بالإضافة إلى عدم تقييم الكتابة الأوليّة له.
- الخلفية الثقافية
تُؤثّر الخلفية الثقافية للأفراد على ممارسة التّفكير الناقد، فمثلًا، يُبين العلماء أنّ الآسيويين لا يمارسون التفكير الناقد عند الكتابة، بينما يفعل ذلك الغربيون، كما لا يمكن تعميم ذلك على جميع الأفراد.
- التعليم
يُمكن تعليم التّفكير النّاقد للأطفال، إذ لا يُعدّ ممارسةً اجتماعية، حيث تتأثر مهارات التفكير النّاقد بعمليّة التعلُّم، بالإضافة إلى المعرفة المسبقة بالموضوع.[٥]
أهمية تطور الفكر التربوي
يؤدّي الفكر التربوي دورًا هاماً في فهم العمليّة التعليميّة، ويُبيّن التّناقض في النّظريات التّربوية، كما يعود بأهميّة على أطراف العمليّة التعليميّة كما يأتي:[٦]
- المدرسة
تُمثّل المدرسة مؤسسةً تعليميةً اجتماعيةً تؤدّي دورًا هامًا في التّربية والتّعليم عبر نقل التّراث الثّقافي إلى الأجيال الجديدة، وتدريس المواد الأساسيّة مثل: الدين، والتاريخ، والأدب، والعلوم، واللّغة، إذ تقدم ضمن منهاج منظم ومتسلسل من مرحلة التعليم الأساسي وحتى مرحلة التعليم الثانوي، كما وتغرس القيم الثّقافية بنفوس الطّلبة، بالإضافة إلى أنّها تُعزز مبادئ حقوق الإنسان.
- المعلم
يُعدّ أحد أطراف العمليّة التعليميّة التربويّة، كما ساهم التحوُّل من التعليم التقليديّ إلى التّعيلم الإلكتروني في تغيير دور المعلم، إذ يُعدّ مشرفاً، وموجِّهاً، ومنظماً، ومقوِّماً للعملية التعليمية، ويُثير دافعيّة الطّالب نحو عملية التعليم، ويؤثِّر في سلوكه من ناحيةٍ وجدانيّةٍ، ومهاريّة، ومعرفيّة، كما تُسهم البيئة الدراسية المناسبة في تحقيق الأهداف التعليمية، بالإضافة إلى العمل ضمن بيئةٍ تعاونيةٍ يسودها الاحترام والمودّة.
- المنهج الدراسي
يُمثّل جميع الخبرات التعليمية التي تُقدَّم إلى الطالب داخل أو خارج الغرفة الصفيّة، إذ يشمل الأهداف التعليمية، والمحتوى الدراسي، وطُرق التدريس، والتّقويم.
- الطالب
يُعتبر الطالب محور العمليّة التعليميّة، إذ يتوصّل إلى المعرفة بنفسه عبر تطبيق استراتيجياتٍ تعليميةٍ حديثةٍ مثل استراتيجية التَّعلم الذاتي، لكي يكتشف المُتعلم مهاراته الشّخصية، ممّا يؤدي إلى الإبداع والابتكار، لذا يجب أنْ يفهم كلٌّ من المعلم والطالب دوره في العملية التعليمية؛ لتحقيق تعلُّم فعَّال، كما يتمّ التركيز على مرحلة الطفولة المبكرة عبر إنشاء رياض الأطفال وفئة ذوي الاحتياجات الخاصّة.
- عملية القياس والتقويم
تُساعد عملية القياس والتقويم على تحديد مدى تحقّق الأهداف التعليمية بواسطة طُرقٍ وأدوات تقويمية مُبتكرة تُسهلها.
أثر تطور الفكر التربوي على المجتمعات
تعتمد الفلسفة التربوية على الفلسفة الاجتماعية التي تؤدي دورًا هامًا في توجيه العملية التعليمية، كما أنّ التعليم يصُبّ في مصلحة المجتمع المُتمثلة في حفظ ونقل التراث الاجتماعي للأجيال المتتالية، الأمر الذي يساهم في نهضته وتطوره.[٦]
المراجع
- ↑“Read these educational quotes for students to get inspired and take another step toward your dream”, uopeople, Retrieved 15/12/2021. Edited.
- ↑James Bowen (1/11/2021), “education”, britannica, Retrieved 17/12/2021. Edited.
- ^أبتHabib Elahi Sahibzada, Shakirullah and Sadaf Naz , “Education in the Ancient Greek Civilization—Lessons from the Past “, uop.edu, Retrieved 15/12/2021. Edited.
- ↑Kendra Cherry (31/3/2020), “The 4 Stages of Cognitive Development”, verywellmind, Retrieved 16/12/2021. Edited.
- ^أبRohmani Indah , Agung Kusuma (8/6/2016), “Factors Affecting The Development of Critical Thinking of Indonesian Learners of English Language “, ac, Retrieved 15/12/2021. Edited.
- ^أبhala alsaleh, “Importance of Educational Philosophy”, preservearticles, Retrieved 15/12/2021. Edited.