إن الأطفال لديهم قدرات هائلة سواء عقلية و جسدية أو إنفعالية , و كثيرا ما يدهشنا أطفالنا في مواقف بأشياء لم نتوقع أبدا أنهم على دراية بها أو حتى إنهم يستطيعون إدراكها , و إلى جانب ذلك لديهم أيضا حب الإستطلاع و الإستكشاف و التجربة و لكن أحيانا يقلل الوالدين من قدرات الأطفال , و هذا يؤثر عليهم تأثيرات سلبية و لا يعطيهم الفرصة للتعلم , و من هنا سنبدأ حديثنا اليوم.
مازال طفلا:
كثيرا ما نسمع هذه الجملة من الوالدين أو حتى المعلمين بالروضة أو المدرسة و كأنهم يقولوا للطفل: “أنت لا تستطيع أن تفهم أو أن تعرف إلا ما نحدده نحن لك” , و لكن كيف إستطاعوا تحديد قدراته؟ هل بمجرد أنه طفل يعني هذا أنه غبي أو ليس لديه القدرات المطلوبة – من وجهة نظر من يقول هذه الجملة – و على الجانب الآخر إن فرضنا أن الطفل ليس لديه القدرات كما يزعمون , فما واجب الوالدين و المعلمين تجاهه؟ هل واجبهم تشجيعه و بث الثقة فيه و إعطاؤه فرصة و تنمية ما لديه؟ أم العكس؟ , فمجرد قولكم للطفل هذه الكلمة سيفهم منها أنه عاجز لمجرد أنه طفل.
أليس الكرتون أفضل؟
سألتني إحدى الأمهات عن شئ تعلمه لطفلها ذو الخمس سنوات فنصحتها بقصص القرآن لما فيها من مواعظ و عبر و سلوكيات جميلة خصوصا لهذا السن , و لكنها بدت مستغربة لإن هذه القصص ربما تكون كبيرة و صعبة على الطفل , فقلت لها: “إبدئي معه بقصص صغيرة مثلا قصة أصحاب الفيل ثم تدرجي” , فقالت: “أليس الكرتون أفضل بالنسبة له؟” , فقلت لها لا إن بذلتي أنت بعض الجهد في صياغة القصة للطفل بأسلوب سهل و شيق و ممتع سيتحمس و يستجيب و إن سألتيه بعد نهاية القصة بعض الأسئلة ستنبهري بإجابته.
رغيف العيش:
لا أقصد هنا تغذية البطون بل تغذية العقول و الأنفس , فلو تخيلنا إن أي موضوع سنتحدث فيه مع الطفل هو رغيف عيش كامل , سنجد إن الطفل سيأكل ما يستطيع أكله منه و سيترك جزء صغير باقي , أما لو قلنا إنه مازال طفل و لن يفهم كل الموضوع و لن يدرك ما نقوله له لأن قدراته العقلية مازالت صغيرة و إختارنا أن نعطيه ربع الرغيف – أي معلومة بسيطة ظنا منا أن هي فقط التي تلائم سنه و قدراته – سيأخذها و يأكلها و يشعر بالجوع و لكن لن يقول , و بالمثل ربما يكون إعتقادنا بأن بعض المعلومات أو الموضوعات ستكون صعبة على الطفل يشعره بالجوع للمعرفة , و يكون لديه في الواقع قدرات أكبر مما توقعناها بكثير , و لكن كيف سنعرف؟ , إذا لابد أن نجرب و نعطيه فرصة , و للتأكد دائما من أن الطفل إستوعب المعلومات التي نقولها له نسأله و نستمع جيدا لإجابته , و تأكدوا أنكم ستندهشوا جدا من قدرات الأطفال التي أعطاها الله لهم.
و في النهاية أود من كل أسرة و كل معلم أو معلمة ألا يعتبروا الطفل – لمجرد أنه طفل – نكرة و ليس له الحق في التعلم أو الإستفادة , لا أبدا بل إن بادرتم أنتم و أعطيتموه فرصة و تحدثتم معه و لم تبخلوا عليه بأي معلومة ستنبهروا من النتيجة , فالأطفال كالأرض الجديدة الخصبة المتعطشة لو زرعتم فيها أي بذرة و سقيتموها و داومتم على رعايتها – بالتأكيد سيتطلب الأمر بعض الجهد – ستجنوا في النهاية الثمار الجميلة و ستشاهدوا نتيجة تعبكم مع أطفالكم و التي ستكون مشرفة بإذن الله.
تابعونا لمزيد من النصائح التربوية المفيدة , و نتمنى أن تكونوا إستفدتم من موضوعنا اليوم و أنصحكم بقراءة هذا المقال بعنوان: “طريقة ناجحة تربويا في التعامل مع الأطفال” , و للمزيد تابعونا في قسم تربية الأبناء , و أشركونا بتعليقاتكم و تجاربكم و أسئلتكم.