حب الوطن هو الشعور الذي يجعلنا و رغم كل ما نقاسيه في أوطاننا مازلنا نحبها .. حب الوطن هو الذي يدفعنا دفعا نحو البحث عن الأفضل ، الأفضل في العلم و الأفضل في العمل و حتى الأفضل في الفكر و الثقافة و التطور..
إن أردت أن تقيش حب الأشخاص لأوطانهم فأنتظر وقت الشدة لترى جميع أبناء الوطن تاركين مشكلاتهم و خلافاتهم و متحدين ممسك كلا منهم بيد اخيه ، همهم الأول حماية وطنهم و التصدي لأي خطر يصيبه .
الوطن ليس مجرد قطعة من الأرض نحيا فوقها و لا هو كلمة دونت على جواز السفر ، و لكن الوطن فكرة أعمق و أكبر كثيرا من ذلك ، الوطن هو ذلك الشعور الذي يدفعنا للبكاء إن شعرنا بالخطر على ذكرياتنا و عمرنا ، و هو الفرح الذي يظهر على كل تفصيلة من تفاصيل وجهنا إن حققنا إنجازا و شعرنا بمدى تأثير هذا الإنجاز على البلد التي ننتمي إليها .
الوطن هو هذا الشعور الملح الذي يدفعنا دفعا نحو التمسك بلغتنا الأم و عاداتنا و تقاليدنا و حتى بفلكلورنا من التراث ، فبالرغم من كل التطور الذي وصلت إليه البشرية ستجد أن الحضارات الكبيرة مازالت متمسكة بعاداتها و تقاليدها القديمة ، فالعالم العربي مازال يحتفظ بقدسية شهر رمضان و ضيافة أيام العيد و طاولة الطعام الشهية التي إشتهر بها حول العالم .
وحضارة اليابان مازالت متمسكة بعاداتها القديمة و حتى بالزي الياباني المعروف و الذي على الرغم من كل التطور مازال أهل اليابان يرتدوه بفخر في مناسباتهم السعيدة ” الكيمونو ” و في الهند مازال هذا الشعب يفخر بحضارته التي تعطي الألوان إهتماما كبيرة لدرجة أنهم يقيمون يوما كل سنة يحتفلون فيه بالألوان .
العديد و العديد من الحضارات التي ماتزال محتفظة بقطعة منها في قلوب أبناءها على إختلاف أجيالهم ..
نحن في مصر نشعر بأننا قطعة من أرض هذا الوطن ، بل و نطلق على أنفسنا أحيانا أننا ملح الأرض و مازلنا نفخر بأجدادنا الفراعنة و الذين عرفوا العالم معنى الحضارة و العلم و التطور .
في مصر ستجد أطيافا مختلفة و أفكارا تبعد كثيرا عن بعضها البعض ، ستجدون مؤيدون و معارضون لكل فكرة ،ستجد من يريد أن يهاجر أو يسافر للعمل خارجا ، جميعهم مختلفون في كل الاشياء إلا شئ واحد حب الوطن ، حب الوطن الذي يجري مع الدماء فيجعلنا نبكي حزنا على مصرنا حين نراها تتراجع و فرحا حين نراها تحقق إنجازات حتى و إن كانت إنجازات بسيطة.
حب الوطن شيئا فطرنا الله عليه و شربناه في الماء و تناولناه في الطعام ، كما سبق وذكرنا صرنا جزءا من أرض هذا الوطن ، و أصبح من المستحيل أن ينتزع حب هذا الوطن من قلوبنا.
مازال الوطن بداخلنا كما هو يمكن أن نلومه و أن نغضب منه و أن ننفر منه لكننا أبدا لن نكرهه و حتى و إن إبتعدنا عنه و تركناه و ذهب كل منا في طريق ، لن يجد هذا الوطن سوانا يسرع إليه لينقذه في أوقات الشدة و يساعده في أوقات الضعف و ينصره في أوقات الهزيمة..
مصرنا و إن ظلمتنا لاتزال وطننا الذي نحب و نحيا من أجله ، مصرنا و إن كانت قاسية علينا لا تزال بداخلنا في نفس مكانتها و لازلنا نحبها و نقدرها و نحلم بأن تكون على رأس كل الأمم في يوم من الأيام ، و نعلم أننا سنصل إلى هذه المكانة إن كان عاجلا أو أجلا ..