تعدد الصيغ الجمالية في أعمال الإماراتية خلود الجابري
[wpcc-script type=”5bd0ba472b816040f561e7cc-text/javascript”]

تشكل مختلف الشخوصات الانطباعية في أعمال الفنانة خلود الجابري ركيزة أساسية لتوجيه الأسلوب الواقعي في نطاق معاصر، حيث تبني المبدعة فضاءاتها الناعمة باعتماد مجموعة من الأشكال الواقعية والشخوصات المتنوعة بتقنيات عالية الجودة، ما يجعل أعمالها تنبض بالحيوية وتتحلى بسحرية الفن التشكيلي المتعدد المعاني والدلالات. وتشكل العلامات اللونية، والأشكال التعبيرية بؤرة فنية فصيحة، تتوقف على مناحي جمالية تعبيرية وروحية دافئة، بما يحمله الواقع من متغيرات تتنوع في التعبيرات التي تنبع بصدق من نفسية المبدعة، بعد أن ينسجها إلهامها واجتهاداتها في أشكال تشكيلية أكثر جمالية، تجعل أعمالها مثقلة بالإيحاءات والرمزية، التي تنطق بمعاني تنفذ مباشرة إلى أعماق القارئ. كما أن الموضوعات التي تشتملها المادة التشكيلية، تتوافر فيها الرؤية الموضوعية للواقع ويغنيها التنوع الشكلي والصيغ الفنية المتعددة. إن هذا التوافر يجعل من أعمالها إطارا غنيا بطبائع تعبيرية، وبسياقات فنية مختلفة، تصب كلها في قاعدة تشكيلية مفعمة بالعوالم والمعارف والطبائع التعبيرية الواقعية المعاصرة، ما يمنحها قوامة التحويلات الفنية اللائقة، لتروق عين القارئ. وتلعب مختلف الموتيفات دورا أساسيا في تحريك الألوان والأشكال، وفي تكوين عناصر تعبيرية مرئية تكشف عن المضمرات الكامنة في عمق الصور الواقعية، وتنتج مجموعة من الدلالات التنوعية. وتعد معظم التوظيفات المتقنة دعما للصورة الواقعية بمختلف الصياغات الفنية والمعالجات التشكيلية، ما يجعل منها في الأخير شكلا أيقونيا وسحرا فنيا عميق الدلالة، ولغة تشكيلية متخصصة، مبنية على أسس فنية واقعية تغذي الفضاء الشخوصي الحمال لأوجه من المغازي، التي تضع العمل التشكيلي في سياقه الجمالي، بحرية مبنية على الصياغة الفنية، وعلى دلالة اللون ودلالة الضوء، واكتساحهما للفضاء.
هذا التوافر يجعل من أعمالها إطارا غنيا بطبائع تعبيرية، وبسياقات فنية مختلفة، تصب كلها في قاعدة تشكيلية مفعمة بالعوالم والمعارف والطبائع التعبيرية الواقعية المعاصرة، ما يمنحها قوامة التحويلات الفنية اللائقة، لتروق عين القارئ.
وهو ما يخرج المادة التشكيلية من الواقع إلى حيز وجودي دلالي، وهو كذلك ما يجعل المبدعة تعالج المساحة بدرجات متوازنة تتوافق مع توازن الترنيمات الشكلية، وتوازن توزيع المفردات التشكيلية بنظرة تتدفق منها روح التجديد، على أن العمل التشكيلي هو المنطلق الأساسي لكل رؤية تجديدية، فكل التحولات الدلالية والمتغيرات التي تلف أعمالها التشكيلية تنبجس في سياق الممارسة الشكلية الواقعية، التي تباشر الإحساس في إيقاع بصري جمالي تفاعلي بأبعاد حقيقية ملموسة من الواقع.
وهذا ليس بالأمر اليسير، فعملية بناء الفضاء على أنقاض الواقع يدفع المبدعة خلود لأن تبرز المادة التشكيلية في شكل وجودي تتعمد إشراك الحس الشعوري والعنصر البصري للقارئ، ما يكلفها الكثير من الدقة والمهارة والتوظيف التقني البديع. وهي تتوفق في عملية المعالجة وإبراز العمل الفني في رونق وإبداع، وفق ما قادته إليها تجربتها الفنية الغنية بالعناصر التجديدية، وما أوصلتها إليها حساباتها التقنية الموفقة، للعب دور فعال من خلال التعبير الصادق في كل أشكال العمل الواقعي، ما مكنها فعلا من اقتحام التشكيل المعاصر بأسلوب فني معاصر. فالمبدعة رصدت بعض الأشكال الواقعية ومنحتها أبعادا جمالية وأخرى قيمية، ووشمتها بمضامين دلالية استجابة للضرورات، وإفصاحا عن كل الأشكال الغامضة تدريجيا، وهي بتفاعلها الصريح مع المادة التشكيلية تنجز مواد تعبيرية معاصرة، وألوانا تشكيلية متخصصة، تنبني على قاعدة فنية جمالية باختيارات راقية وتوجهات صريحة ومباشرة، لتجعل لوحاتها ناطقة بمعاني قيمية، وحمالة لرسائل صريحة لا يحدها زمان ولا مكان، وهي غنية بعناصر الجودة التي تطعم المادة البصرية التي بدورها تقوي امتداد الواقع في المكان عبر الصورة البصرية، فتشكل انسجاما قويا، وتوليفا بائنا، بينها وبين مقصدياتها الفنية التي تتدفق بمعاني أخرى منبثقة من كل التجليات الواقعية المعاصرة، التي تتراءى من خلال مجموعة من العلائق القائمة بين الدال والمدلول، وتعدد الإيحاءات، ثم تأدية خدمة فاعلة في أعمالها التشكيلية، حسب ما تقضيه تقنياتها من تجديد وما تتطلبه أعمالها من كفاءة عالية تلهب الوهج الفني في أفق فني مفتوح دائما على الجديد.
٭ كاتب مغربي