تعريف الطباق
١٥:٥٥ ، ٩ يونيو ٢٠٢٠
}
ما هو تعريف الطباق؟
اشتقت كلمة الطباق من (طَبَق)، والطبق هو غطاء الشيء والفعل منها يعني تغطية شيء بآخر، وإطباقه وطبقُهُ، وجمع الطباق أطباق، والمطابقة هي الموافقة والاتفاق[١]، وللطباق تعريفان الأول باللغة ومعناه جمع أمرين أو شيئين معًا، فقد يُقال طابق أحمد بين قماشتين، والتعريف الثاني لدى أهل البديع المطابقة أي الجمع ما بين أمرين متقابلين، أي الشيء وضده مثل: النهار والليل، والأبيض والأسود، والحياة والموت، والبرودة والحرارة، والأمر ذاته ينطبق على الأفعال مثل: يحيي ويميت، أو الطباق بكلمتين مختلفتين مثل: ميتًا فأحييناه، وقد يكون الطباق بين حرفين مثل ما ورد بقوله تعالى: (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) [البقرة: 286][٢].
قد يكون الطباق بالحقيقة أو المجاز، أي أنه قد يكون باللفظ أو المعنى، أو بالسلب أو الإيجاب، فالطباق الحقيقي يجمع بين فعلين أو اسمين، أما مثال الجمع بين فعلين فهو قوله تعالى: (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ) [آل عمران: 26]، وقد يكون الطباق معنوي لشيء وضده كما ورد في قوله تعالى: (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ * قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) [يس: 15-16]، ويظهر الطباق في كلمة تكذبون وكلمة لمرسلون التي تحمل معنى صادقين، أما طباق السلب فيظهر في قوله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) [الزمر: 9]، ويعد الطباق من المحسنات البديعية المعنوية الخاصة في اللغة العربية، وقال أهل الصنعة بأن الطباق جمع أمر وضده في نفس النسق، سواء كان بالكلام أو في أبيات الشعر، والطباق في هذا البيت يظهر بكلمتي حلو ومر، كقول الشاعر[١]:
‘);
}
حُلوُ الشمائلِ وهو مرٌّ باسلٌ
- يحميِ الذِمار صبيحة الأرهاف
ما هي أنواع الطباق؟
توجد عدة مسميات للطباق مثل: المطابقة، والمقاسمة، والتضاد، والتطبيق، ومعناهم تقابل المعاني[٢]، وينقسم الطباق للأنواع الآتية[١][٣]:
طباق السلب
يتمثل طباق السلب في الجمع بين فعل منفي وآخر مُثبت، أو بين النهي والأمر، والسلب والإيجاب، مثال: قوله تعالى: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ*يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا) [الروم: 6-7]، وكان الطباق في هذه الآية بين الفعلين يعلمون ولا يعلمون، كما يكون طباق السلب بالأمر والنهي كما في قوله تعالى: (فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) [المائدة: 44]، وظهر في الفعل لا تخشوا واخشون.
طباق الإيجاب
يتمثل طباق الإيجاب في الجمع بين حرفين، أو أمرين أو اسمين بالتضاد، سواء كان بالنفي أو الإثبات، مثال: كنت أدرس طوال الليل والنهار، والطباق هنا بكلمتي الليل والنهار، وهما كلمتان مثبتتان لم تسبقا بأي أداة نفي، أما في مثال إن هذه النافذة لا تفتح ولا تغلق، فالطباق في الجملة يظهر في فعلي تفتح وتغلق، والطباق هنا منفي؛ لأنه مسبوق بحرف النهي لا.
الطباق المجازي
هو الطباق الجامع بين لفظين لا يحملان معنى حقيقي، مثال قوله تعالى: (أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ) [الأنعام: 122]، وظهر الطباق في كلمتي ميتًا وأحييناه، والمقصود بكلمة ميتًا ليس الموت الحقيقي بل الضلال عن الحق، لذا فالموت هنا مجازي، أما كلمة أحييناه فليس المقصود بها الحياة بمعناها الحقيقي، بل المقصود بها الهدى للإيمان والطريق الحق[٤].
الطباق الحقيقي
هو الطباق الجامع بين لفظين يحملان معنى حقيقي، ومن أقسامه ما يلي[٤]:
- طباق حقيقي بين اسمين: يظهر هذا الطباق في كلمتين متطابقتين بالمعنى، مثال: لدى الفلاح عشر بقرات سمان ومثلهن عجاف، ويظهر الطباق هنا بين كلمتي سمان وعجاف.
- طباق حقيقي بين فعلين: يظهر الطباق الحقيقي بين فعلين يحملان معنى متضادًا، مثال: إن الله عزوجل هو الذي يميت ويحيي، والتضاد هنا بين فعلي يميت ويحي.
- الطباق حقيقي بين مختلفين: الطباق بين مختلفين هو الطباق بين فعل وكلمة، مثال: قوله تعالى: (فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأنعام: 122]، والطباق هنا بين كلمة الحق وبين فعل بطل.
ما هو أثر الطباق قي القرآن الكريم والحديث النبوي
إن وجود الطباق بين ألفاظ متقابلة ومتضادة يضفي ألقًا على معاني الجمل، كما يزيد من جمال السياق وسحر أسلوب كتابة النص، مما يؤثر بالإيجاب في نفس الشخص المتلقي، وهذا هو ما يظهر في القرآن الكريم في عدد كبير من الآيات، إذ تحتوي تلك الآيات على طباق مثير للإعجاب، وهو جزء من الإعجاز بالآيات القرآنية، الأمر الذي لا يستطيع أي إنسان القيام بمثله، لهذا استخدمه العرب منذ قديم الزمان في فنونهم الأدبية، فظهر في رواياتهم، وقصائدهم، وقصصهم، وذلك لغاية إظهار العذوبة للصور الفنية والأفكار[١].
من حياتكِ لكِ
أمثلة على الطباق:”‘
يمكن أن يظهر الطباق في المعاني الحقيقية أو بالألفاظ المستخدمة بمعانٍ مجازية، وفي هذه الحالة يظهر الطباق بالمعنى الحقيقي غير المراد، وبالمعنى المجازي المقصود، ويمكن أن يظهر الطباق في الأمثلة التالية[٥]:
- إذا نحن سرنا بين شرق ومغرب
- تحرك يقظان التراب ونائم.
يظهر الطباق في هذا البيت بين يقظان التراب وبين النائم، فالمقصود بيقظان التراب المتحرك، أما التراب نائم فهو التراب الساكن، والطباق في هذا البيت مجازي.
- وقد أحيا المكارم بعد موت
- وشاد بناءها بعد انهدام
يظهر الطباق في هذا البيت بين الفعل أحيا وبين كلمة موت، ويعني البيت أن العطاء لو كثر في وقت كان فيه العطاء قليلًا، أي أن الطباق هنا بالمعنى المجازي والمعنى الحقيقي.
- قال تعالى: (فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) [الإسراء: 23].
يظهر الطباق في الآية الكريمة بالأمر والنهي، ولا تقل لهما، وقل لهما، وهو طباق سلب[٦].
- المثل المشهور الذي جاء على لسان الزباء: بيدي لا بيد عمرو.
ظهر الطباق في المثل بحرف الباء المثبت مرة، والمنفي مرة أخرى، وهذا هو التضاد بالمعنى، ويظهر الطباق هنا في اختلاف المجرور[٧].
المراجع
- ^أبتثأ.د. رحيم جمعة الخزرجي م.م هدى عبد الحميد السامرائي (2012)، “الطباق في العربية”، مجلة كلية التربية الأساسية، العدد 76، صفحة 2-5، 10-14. بتصرّف.
- ^أبازن داود سالم الربيعي (22-6-2018)، “الطباق”، uobabylon، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2020. بتصرّف.
- ↑الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي (2004)، القول البديع في عالم البديع (الطبعة الطبعة الأولى)، الرياض- المملكة العربية السعودية: كنوز اشبيليا، صفحة 122-123. بتصرّف.
- ^أبحمادة خالد محمد علوان (2016)، الألوان البديعية في السور المكية، فلسطين: الجامعة الإسلامية-غزة، صفحة 23-27. بتصرّف.
- ↑” تعريفات أخرى للطباق، وصوره”، al-maktaba، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2020. بتصرّف.
- ↑” أقسام الطباق من حيث الإيجاب والسلب”، al-maktaba، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2020. بتصرّف.
- ↑” أقسام الطباق من حيث الإيجاب والسلب”، al-maktaba، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2020. بتصرّف.