‘);
}

القضاء والقدر

القضاء في اللغة من الفعل قضى، وهو الإحكام والإتقان والفراغ من الشيء، والقضاء في الاصطلاح هو تقدير الله -تعالى- للكائنات، وذلك بناءً على ما سبق في علمه، وإرادته، وحكمته، أمّا القدر في اللغة فهو الإحاطة بمقادير الأمور، وفي الاصطلاح هو علم الله بالأشياء وكتابتها لها قبل وجودها، وبالتالي فإنّ كلاً من القضاء والقدر يأتيان بنفس المعنى، وكلّه يؤول إلى التقدير والحكم والإتقان، ويعدّ الإيمان بالقدر ركناً من أركان الإيمان الستة التي جاءت في حديث الإسلام والإيمان والإحسان، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: (وتُؤمِنَ بالقَدَرِ كُلِّه، خَيرِه وشَرِّه)،[١] وقد جاءت الأدلّة من القرآن الكريم والسنة والنبوية والإجماع والعقل والفطرة على وجوب الإيمان بالقضاء والقدر، وأنّ من أنكره فقد خرج من ملّة الإسلام، وممّا جاء في القرآن الكريم قول الله تعالى: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ*أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)،[٢] وأجمعت الأمة على وجوب الإيمان بالقدر خيره وشره، وأنّ الأمور كلّها بتقادير الله تعالى، أمّا دليل الفطرة فلم ينكر الإيمان بالقضاء والقدر إلّا المشركين من الأمم، ولم يكن الخلل في نفس القضاء والقدر؛ وإنّما في فهمه، فقد قال الله تعالى: (سَيَقولُ الَّذينَ أَشرَكوا لَو شاءَ اللَّـهُ ما أَشرَكنا وَلا آباؤُنا)،[٣] كما كانت العرب في الجاهلية تثبت القضاء والقدر ولا تنكره، ويظهر ذلك جليّاً في أشعارهم، والعقل كذلك لا يمكن له أن ينكر وجود الخالق لهذا الكون والمدبّر والمالك له، ويثبت أنّ وجوده إنّما كان عن طريق الصدفة.[٤]

كيفية الإيمان بالقضاء والقدر

للإيمان بالقدر أركان أو مراتب لا يقوم إلّا بها، وهي المدخل الذي يوصل إلى الإيمان به، كما يجب تحقيقها جميعاً من أجل إتمام الإيمان به، ومن انتقص منها واحداً أو أكثر وقع الخلل في إيمانه، وفيما يأتي بيان لهذه الأركان والمراتب بشكلٍ مفصّلٍ:[٥]