الحلم هو خلق الأنبياء وهو من أخلاق الدين الاسلامي. ويعنى الحلم أن يقوم الشخص بالتزام ضبط النفس فى أشد حالات حزنه أو غضبه. كما يعنى الحلم ان لا يرد صاحب الحق التصرف السئ من الأشخاص تجاهه بالسوء فان الشخص الحليم يمكنه ان يرد الاساءة بمثلها ولكنه يضبط نفسه ولا يقوم بذلك بسبب انه يقوم باستشارة عقله كما انه يقوم بمراعاة الله تعالى في تصرفاته. وقد فسر العلماء خلق الحلم بأنه هو قدرة الشخص على كظم غيظه والتحكم في غضبه وذلك امام معصية أو مخالفة الشخص الذي يواجهه مع كامل مقدرته على الرد واتخاذ التصرف المناسب.
• وقد جاء في القران الكريم ما يتحدث عن صفة الحلم في قول الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ﴾ [سورة هود: 75]. كما وصف الله تعالى إسماعيل عليه السلام بالحلم في قوله تعالى ﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ﴾ [سورة الصافات: 101]. وقدْ جاء عدد من الآيات القرآنية والتى تشير إلى هذا خلق الحلم وتقوم بدعوة المسلمين إلى اهميته قال الله تعالى في كتابه العزيز ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [سورة آل عمران: 133، 134]
• وقد قال الله عز وجل ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [سورة الأعراف: 199]. وقد قال الله تعالى في من يتميزون بخلق الحلم في الاسلام في قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [سورة الفرقان: 63].
• اما عن جزاء من يتصفون بخلق الحلم في الاسلام فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز قال تعالى (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ . وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [ سورة فصلت 33 – 35 ].
خلق الحلم عند الرسول صلى الله عليه وسلم
• وقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أنس بن مالك قال: كنت أمشي مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعليه بُرْدٌ نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجذبه بردائه جذبة شديدة، حتى نظرتُ إلى صفحة عاتق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد أثَّرت بها حاشية البرد؛ من شدة جذبته، ثم قال: يا محمد، مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفتَ إليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم أمر له بعطاء.
• ويظهر هذا الحديث خلق الحلم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرغم من سوء معاملة الأعرابي له الا انه أمر له بما طلب منه الاعرابي. كما لم يقم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص من الرجل الاعرابي ولكنه فقط اكتفي ان نبهه لما قام به في حق الرسول صلى الله عليه وسلم.
• وقد دعى رسول الله الى الالتزام بخلق الحلم كما في الحديث الشريف فعن سهل بن معاذ، عن أبيه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم – قال: ((من كظَم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق، حتى يخيِّره من أي الحور العين شاء)) (رواه أبو الدينا في ذم الغضب). وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ثلاثٌ من كنَّ فيه، أواه الله في كنفه، وستر عليه برحمته، وأدخله في محبته: من إذا غضب فتر)) (رواه الحاكم).
• وقد روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا جمع الله الخلائق، نادى منادٍ: أين أهل الفضل؟ قال: فيقوم ناس، وهم يسير، فينطلقون سراعًا إلى الجنة، فتتلقَّاهم الملائكة فيقولون: ما فضلكم؟ فيقولون: كنا إذا ظُلمنا صَبرْنا، وإذا أسي إلينا حملنا، فيقال لهم: ادخلوا الجنة، فنعم أجر العاملين)).
الحلم سيد الأخلاق
• اتصف الصحابة والمسلمين أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلق الحلم فقد روي انه و روي أن جارية للإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام : جعلت تسكب عليه الماء ليتهيأ للصلاة فسقط الإبريق من يدها فشجه فرفع رأسه إليها فقالت له الجارية إن الله تعالى يقول « و الكاظمين الغيظ » فقال لها قد كظمت غيظي قالت « و العافين عن الناس » قال قد عفا الله عنك قالت « و الله يحب المحسنين » قال اذهبي فأنت حرة لوجه الله. وهذا خير دليل على تحلى هذا الشخص بخلق الحلم العظيم الذي يدعو اليه دين الاسلام.
• اما عن موقف ابا ذر مع غلامه فيدل على تحليه بخلق الحلم كما تحلى به الصحابة ايام الاسلام الأولى قال ابو ذر لغلامه : لّم أرسلت الشاة على علف الفرس ؟ قال : أردت أن أغيظك . قال ابو ذر لأجمعن مع الغيظ أجراً ، أنت حرَّ لوجه الله .