تعريف علم البيان
١٤:٤٤ ، ٨ يونيو ٢٠٢٠
![تعريف علم البيان تعريف علم البيان](https://mrahba.com/wp-content/uploads/2021/04/d8aad8b9d8b1d98ad981_d8b9d984d985_d8a7d984d8a8d98ad8a7d986-1.jpg)
}
ماذا نقصد بعلم البيان؟
يُعرّف البيان لغة بأنّه الظهور والوضوح والكشف، وهو إظهار المقصود بأبلغ لفظ، وهو من الفهم وذكاء القلب، أما اصطلاحًا فهو العلم الذي يعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه.
ويُقصد بالعلم أنه مجموعة من القواعد والضوابط والقوانين والتي يتم بها إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة كقواعد التشبيه، والاستعارة والمجاز المرسل، وقوانين الكناية.
ويقصود بالمعنى الواحد المعنى الذي يعبر عنه المتكلم بكلام تام مطابق للحال، ويكون واضحًا لا خفاء فيه (أي يفهم المعنى المراد منه)[١].
‘);
}
كيف نشأ علم البيان؟
في الواقع إنّ البلاغة العربية قد مرّت بتاريخ طويل من التطور وآلت لما آلت إليه، وكانت مباحث علومها وهي علم المعاني وعلم البيان وعلم البديع مختلطة بعضها ببعض منذ نشأة الكلام عنها في كتب السلف الأولين من علماء العربية، وقد أخذت الملاحظات تنشأ لدى العرب منذ العصر الجاهلي، ثمّ بدأت حركة جمع البيانات والتأليف تنمو بعد ظهور الإسلام لأسباب عديدة؛ منها تحضّر العرب، واستقرارهم في المدن والبلدان المفتوحة، واختلاف المذاهب الإسلاميّة وتعدد الآراء فيما بينهم، وقد عني الباحثون بتدارس كلمة البيان وتحديد مدلولها والتعرف إلى أدواتها، فأول من درس علم البيان هو الجاحظ، فكتب كتابًا بعنوان البيان والتبيين، وعرف الجاحظ البيان بأنه الدلالة الظاهرة على المعنى الخفي.
خطا الجاحظ خطوة كبيرة وغير مسبوقة في ملاحظاته البلاغية وفي تقدم علم البيان، وذلك بالكلام عن الاستعارة والتشبيه عن طريق النماذج، مع التفريق بينهما، وقد قدم لنا كتاب البيان والتبيين للجاحظ قدرًا كبيرًا من ملاحظات المعتزلة المتّصلة بالبلاغة العربية، وهذه قد أخذوها من مصدرين هما: التقاليد العربية، والثقافات الأجنبية التي انتشرت في ذلك العصر، فالثقافات الأجنبية التي درسوها وتعمقوا فيها عادت عليهم بفائدتين لهما أثر كبير ومهم في شؤون البلاغة؛ فائدة عقلية بحتة قد أعانتهم على استنباط القضايا البلاغية ومصدرها دراسة الفلسفة الإغريقية التي نظمت طريقة تفكيرهم، وفائدة أخرى ترجع إلى حبّ المعرفة والاستطلاع لما في ثقافات الأمم الأخرى من قواعد البلاغة والبيان.
أسهم العديد من العلماء في تطور علم البيان على مر العصور وألفوا العديد من الكتب نذكر منها: كتاب «الموازنة بين أبي تمام والبحتري» لأبي القاسم الحسن بن بشر الآمدي البصري، وكتاب «الوساطة بين المتنبي وخصومه» لأبي الحسن علي بن عبد العزيز الشهير بالقاضي الجرجاني، و كتاب «الصناعتين-الكتابة والشعر» لأبي هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري[٢][٣].
ما أهمية علم البيان؟
تأتي أهمية علم البيان من أهمية علم البلاغة ( البيان والمعاني والبديع) لأنه يعنى بمعرفة خواص تراكيب الكلام والجمل من جهة إعطائها المعنى، والثاني خواصها حسب وضوح الدلالة وخفائها، وثالثًا وجوه تحسين الكلام، وقد أكد الكثير من العلماء على أهمية علم البيان، ومنهم أبو هلال العسكري، صاحب كتاب الصناعتين فيذكر في الباب الأول من كتابه وموضوعه الإبانة عن موضوع البلاغة وحدودها ويشير إلى أهمية البلاغة، ويقرر أنّ العلم بها ضروري لمعرفة إعجاز القرآن الكريم، ولتحسين الذوق الأدبي، والتمييز بين الكلام الجيد والرديء[٤]، وقال ابن الحديد: اعلم أن معرفة الفصيح والأفصح والرشيق والأرشق من الكلام أمر لا يدرك إلا بالذوق، ولا يمكن إقامة الدلالة عليه، فليس كل من اشتغل بالنحو واللغة والفقه يكون من أهل الذوق وممن يخول لانتقاد الكلام، إنما أهل الذوق هم الذين اشتغلوا بعلم البيان بحق ولديهم معرفة في كتابة الرسائل والخطب والشعر فأصبحت لديهم دراية وملكة تامة في هذا العلم، فإلى أولئك ينبغي الرجوع في معرفة الكلام وتفاصيله وفضل بعضه على بعض[٥].
تعرفي على مباحث علم البيان
يتكون علم البيان من عدة مباحث تتفرع كالآتي:
التشبيه
التشبيه لغة: التمثيل، وهو مصدر مشتق من الفعل (شبه) بتضعيف الباء.
والتشبيه اصطلاحًا، توضيح أن مجموعة من الأشياء تشترك في نفس الصفة.
أركان التشبيه أربعة: المشبه، والمشبه به، ويعرفان بطرفي التشبيه، وأداة التشبيه، ووجه الشبه.
مثال: الرجل كالأسد في قوته، وتحليل الجملة بناءً على ما سبق: الرجل: مشبه، قوته: وجه الشبه، ك: أداة التشبيه، الأسد: المشبه به[٦].
أغرض التشبيه:
أغرض التشبيه كثيرة نذكر منها ما يأتي[٦]:
- بيان أماكن وجود المشبّه: وذلك حين يسند إلى المشبه أمر مستغرب لا تزول غرابته إلا بذكر شبيه له، مثل: كم من رجل أضاء الكون كما يضيء السراج البيت.
- بيان حال المشبه: وذلك حينما يكون المشبه مجهول الصفة قبل التشبيه، فيفيده التشبيه الوصف، مثل الحسد كالنار تأكل صاحبها.
- بيان مقدار حال المشبه: وذلك إذا كان المشبه معروف الصفة قبل التشبيه معرفة إجمالية، ثم يأتي التشبيه لبيان مقدار هذه الصفة، مثل: لم أر مثل جمال بلادي إلاّ البدر المنير.
- تقرير حال المشبه: أي تثبيت حاله في نفس وذهن السامع وتقوية شأنه لديه، وذلك عندما يسند إلى المشبه ما يحتاج إليه من التثبيت والإيضاح، مثل: الخيانة لدى الجبان كالجرح في الميت.
- تزيين المشبّه: ويقصد به تحسين المشبّه والترغيب فيه،مثل: النجوم لآلئ معلقة في السماء.
- تقبيح المشبه: وذلك إذا كان المشبّه قبيحًا قبحًا حقيقيًا أو اعتباريًا، مثل:إنه قبيح، يضحك كضبعٍ نجس.
الحقيقة والمجاز
يقسم علماء البلاغة المجاز قسمين [٦]:
- المجاز العقلي: ويكون في الإسناد، أي في إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير صاحب العلاقة، ويسمى الإسناد المجازي، والمجاز الحكمي، ولا يكون إلّا في التركيب، مثل: تبني الحكومة المدارس.
- المجاز اللغوي: يكون في نقل الكلمات من حقائقها اللغوية ومعناها الأصلي إلى معانٍ أخرى بينها صلة ومناسبة، وكون هذا المجاز في المفرد، كما يكون في التركيب المستعمل في غير ما وضع له، والمجاز اللغويّ نوعان:
- الاستعارة: وهي مجاز لغويّ تكون العلاقة فيه بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي قائمة على التشبيه.
- المجاز المرسل: وهو مجاز تكون العلاقة غير قائمة على التشبيه، وسمّي مرسلًا لأنّ له علاقات شتى، ولا يتقيد بعلاقات المشابهة.
الاستعارة
الاستعارة لغة: رفع الشيء وتحويله من مكان إلى آخر، والاستعارة مجاز لغوي يقوم على تشبيه حذف أحد طرفيه، نحو: تغلغل المرض في مفاصله، وعرّفها الجاحظ بقوله: الاستعارة تسمية الشيء باسم غيره إذا حل مكانه.
وعرّفها ابن المعتز بقوله: هي استعارة الكلمة لشيء لم يعرف بها من شيء قد عرف بها، مثل: ابتسمت السماء[٧].
الكناية
الكناية في اللغة مصدر كنيت بكذا عن كذا إذا تركت التصريح والإشهار به، والكناية في اصطلاح أهل البلاغة: كلام أُصدر وأريد به لازم معناه مع جواز إرادة ذلك المعنى، أي يتكلّم على شيء والمقصود غير ذلك، نحو: فلان طويل النجاد، والمقصود به طول القامة مع جواز أن يراد حقيقة طول النجاد أيضًا، وأيضًا الكرم في ثوبك[٨].
المراجع
- ↑الدكتور بسيوني عبد الفتاح فيود، علم البيان، القاهرة،مصر: مؤسسة المختار للنشر والتوزيع، صفحة 14،15،16. بتصرّف.
- ↑الدكتور عبد العزيز عتيق، علم البيان، بيروت: دار النهضة العربية للطباعة والنشر، صفحة 7-19. بتصرّف.
- ↑ص6، “علم البيان نشأته وتعريفه وأهميته “، qu.edu.iq. بتصرّف.
- ↑الدكتور عبد العزيز عتيق، علم البيان، بيروت: دار النهضة العربية للطباعة والنشر، صفحة 18-19. بتصرّف.
- ↑ص 16-17، “علم البيان”، digilib.uinsby، اطّلع عليه بتاريخ 7-6-2020. بتصرّف.
- ^أبتالدكتور عبد العزيز عتيق، علم البيان، بيروت: دار النهضة العربية للطباعة والنشر، صفحة 61-113. بتصرّف.
- ↑الدكتور عبد العزيز عتيق، علم البيان، بيروت: دار النهضة العربية للطباعة والنشر، صفحة 167،173. بتصرّف.
- ↑الدكتور عبد العزيز عتيق، علم البيان، بيروت: دار النهضة العربية للطباعة والنشر، صفحة 203. بتصرّف.