تغيير الشكل الوصفي في العمل الواقعي للمغربية لمياء صبور
[wpcc-script type=”2e8f78311eac1cd9f724e73a-text/javascript”]

تتبدى أعمال الفنانة لمياء صبور وصفا واقعيا يعبر عن معان اجتماعية وفلسفية، فهي تصنع شخوصات تعبيرية، تصيغها في ألوان مختلفة، وتردفها بأخرى من جنسها لتنسج منها المادة التعبيرية، ثم تشكل منها مفردات جمالية ذات دلالات معينة، فتعمد إلى روابط علائقية تتراءى بين العلامات والألوان والمادة التعبيرية، فتلجأ من خلال عملية البناء الى إنتاج توليف بين مختلف العناصر المكونة لأعمالها، وتفصح عن التراكمات الرمزية، والأشكال والدلالات العميقة، والعلامات الأيقونية، التي تنبثق أساسا من الأشكال والألوان المحادية لما تشخصه من الواقع والطبيعة، في تغيير للشكل الوصفي، لتؤصل لفلسفة قيمية تستجيب لضرورات العمل التعبيري والواقعي حتى يتفاعل مع القارئ والثقافة التشكيلية التفاعلية.
وتشكل معظم أعمالها الواقعية بمختلف عناصرها ومفرداتها التعبيرية أحد أهم الأساليب التشكيلية في الفن الواقعي، وهي تستند إليها لتبني فضاءات أعمالها باعتماد مختلف الصور التعبيرية، والطبيعة، والشخوصات المختلفة، باعتبارها مواد واقعية، ثم تحولها نحو التعبير عن تصوراتها لإنتاج مختلف الدلالات والمعاني المتنوعة، وأحيانا إلى أيقونات، لتفصح عن كل ما تختزنه دواخلها من هواجس وتأثرات، بتصورات ورؤى متعددة الدلالات، تجسدها بطريقة فنية غير مستهلكة، وبفنية تشكيلية عالية، وتقنيات فائقة، وبعلامات لونية، وأشكال تعبيرية فصيحة، تتوقف على مناحي قيمية وجمالية ساحرة، كلها تعبيرات جمالية تنبع بصدق من نفسية المبدعة بعد أن ينسجها إلهامها واجتهاداتها في قوالب تعبيرية رائدة، كتدليل على انغماسها في الفن التشكيلي المعاصر.
كما أن خاصية التعدد اللوني وكثرة الإيحاءات وكل ما ترمز به في منجزها التشكيلي، يحدث حركات تخلخل السكون، وتقوم بتغيير الشكل المضاميني الوصفي للواقع نحو تحول تعبيري، يروم تعددية الدلالات والقراءات، فهي تبلور العملية الإبداعية وفق خاصيات جديدة وأساليب معاصرة في التعبير، تروم الإفصاح عن منحى دلالي يوجه القارئ نحو ما ترغب التعبير عنه، في عمق الصورة التعبيرية الواقعية بصيغ إشكالية جمالية متعددة. وهي بذلك تمنح أعمالها حيزا كبيرا من الحرية في التعبير ونوعا من التلقائية، وتحد من الأشكال الغامضة بدرجة كبيرة، لتتفاعل مع نظام الفضاء التعبيري في أنساق دلالية متلائمة ومنسجمة في ما بينها، تترجم تصوراتها وهواجسها وأحاسيسها وانفعالاتها، بما تفصح عنه التعددية المتناسقة أحيانا، والمفارقات التعبيرية أحيانا أخرى. وبالإضافة إلى قدرتها التحكمية في الفضاء وفي عملية توظيف الألوان والأشكال وكل العناصر المكونة لأعمالها الفنية، فهي تربط بينها كلها باستخدامات تحولية فائقة، ما يعتبر تجاوزا للمألوف، وأنموذجا في عصرنة الأسلوب التشكيلي الذي يقود إلى عوالم توجه الطريقة التعبيرية لديها، سواء على مستوى الخامات المستعملة أو ما يتعلق منها بتقنيات الصباغة وصناعة الأشكال وتوظيف الألوان، وزرع الأشكال، وتثبيت الرموز، وتثبيت بعض الحروف وتكثيف المساحات، وإرداف اللون على اللون، وكل ذلك يجعلها تصنع حيزا كبيرا من التعابير ذات الدلالات القوية. وهو ما يجعل تجربتها في صفوة التشكيل المعاصر.
٭ كاتب مغربي