
أعرب الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الاثنين، عن أمله في الحد من الأزمة الراهنة التي يعيشها لبنان عبر تشكيل حكومة جديدة خلال الأيام القليلة المقبلة، “رغم سعي البعض لعرقلة ذلك” حسب تعبيره.
وأضاف عون أنه شريك في تأليف الحكومة مع الرئيس المكلف بها، مشيرا إلى أن له الحق في أن يختار من بين الأسماء المطروحة في ظل ما يتمتع به من سلطة معنوية.
وأكد -خلال لقائه وفد “المجلس الوطني للتجمع من أجل لبنان في فرنسا” بالقصر الجمهوري في بعبدا- أنه لن يستقيل من منصبه وأنه سيواصل القيام بواجباته حتى النهاية، حسب بيان للرئاسة اللبنانية.
وكان رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري قد دعا الرئيس عون للاستقالة في أعقاب الانفجار، قائلا “ارحل الآن واحفظ لآخرتك بعض الكرامة، لأنك لن تجد قريبا سفارة تؤويك وطائرة تنقلك فوق أجنحة الهروب من لعنة التاريخ”.
#عكار حرّكت اوجاع جميع اللبنانيين يا فخامة الرئيس، ولم تتحرك فيها ادوات الفتنة. انت ترى اوجاع الناس فتنة ونحن نراها صرخة تعلو في وجهك؛ ارحل يا فخامة الرئيس… ارحل.
٦/٦— Saad Hariri (@saadhariri) August 15, 2021
وقالت السفيرة الأميركية دوروثي شيا بعد لقائها الرئيس اللبناني، إن الخدمات الأساسية “وصلت إلى حافة الانهيار”.
وأضافت “كل يوم يمر من دون وجود حكومة تتمتع بالسلطات ملتزمة وقادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بشكل عاجل… ينزلق فيه الوضع المتردي بالفعل إلى كارثة إنسانية”.
من جانبه، قال رئيس الوزراء اللبناني المكلف نجيب ميقاتي إن حظوظ تشكيل حكومة جديدة أكبر من نسبة الاعتذار عن مهمة تأليفها، واعتبر ميقاتي بعد لقائه ميشال عون أن المطلوب هو تشكيل حكومة بأسرع وقت لمواجهة المصاعب والكوارث التي تشهدها البلاد، حسب تعبيره.
حكومة “في غضون يومين”
ووصلت الأزمة المستمرة منذ عامين إلى نقطة حرجة الأسبوع الماضي مع نقص الوقود المستورد، مما أجبر المستشفيات والمخابز والخدمات الأساسية الأخرى على تقليص خدماتها أو إغلاق أبوابها.
وقتل ما لا يقل عن 28 شخصا خلال عطلة نهاية الأسبوع عندما انفجر خزان وقود حينما كان الناس البائسون يسارعون للحصول على البنزين. والتقى عون مع نجيب ميقاتي رئيس الوزراء المكلف -اليوم الاثنين- في محاولة للبحث في أسماء الوزراء.
وقال عون في تسجيل صوتي يوم الاثنين “نحن بصدد تشكيل حكومة جديدة” موضحا في وقت لاحق أنها ستكون “في غضون يومين إن شاء الله”. وقال مصدر سياسي رفيع لرويترز “إن الوضع يتطور إيجابيا. (هناك) بعض القضايا التي ينبغي معالجتها، خصوصا الأسماء”. وأوضح المصدر أن الدافع وراء هذا التحرك هو أن “الوضع برمته يتدهور والنظام كله ينهار”.
ودعا حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله -أمس الأحد- لتشكيل الحكومة في غضون يومين أو 3 أيام قائلا إن هذه هي الطريقة الوحيدة لمنع الفوضى وإدارة الأزمة، وأضاف أن حزب الله سيبدأ في جلب المازوت والبنزين من إيران وسيعلن الجدول الزمني قريبا.
“حافة الانهيار”
وفي ذروة عقود من الفساد الحكومي وسوء الإدارة دخلت الأزمة مرحلة جديدة الأسبوع الماضي عندما قال البنك المركزي إنه لن يمول بعد الآن واردات الوقود بأسعار الصرف المدعومة.
ويدعم المصرف المركزي فعليا أسعار المحروقات وغيرها من الواردات الحيوية عن طريق توفير الدولار بسعر صرف أدنى من السعر الحقيقي لليرة اللبنانية. ويصل سعر الدولار حاليا إلى 3900 ليرة في حين يجري التداول -فعليا- بسعر يتجاوز 20 ألفا في السوق الموازية، وهو ما يستنزف الاحتياطي الذي قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الأسبوع الماضي إنه يبلغ الآن 14 مليار دولار فقط.
وللاستمرار في تقديم مثل هذا الدعم، قال مصرف لبنان المركزي إنه بحاجة إلى تشريع للسماح بالسحب من الاحتياطي الإلزامي، وهو جزء من الودائع يقضي القانون بالحفاظ عليه.
وتقول الحكومة إنه يجب عدم المساس بأسعار الوقود، في حين تسببت الأزمة بخسارة العملة اللبنانية أكثر من 90٪ من قيمتها ودفعت أكثر من نصف السكان إلى الفقر.
ورغم ذلك، فشلت النخبة الحاكمة في الاتفاق على خطة إنقاذ أو تشكيل حكومة جديدة منذ استقالة حكومة رئيس الوزراء حسان دياب في أغسطس/آب العام الماضي بعد انفجار مرفأ بيروت.
وفي 26 يوليو/تموز الماضي، قام الرئيس اللبناني بتكليف نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة تأتي خلفا لحكومة تصريف الأعمال الراهنة التي استقالت بعد 6 أيام من انفجار كارثي في مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب 2020.
وسبق هذا التكليف اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة في منتصف يوليو/تموز الماضي، بعد 9 أشهر من تكليفه، جراء عدم التوافق مع عون حول تشكيلتها.
ويزيد التأخر في تشكيل الحكومة الوضع سوءا في بلد يعاني منذ أواخر 2019 أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، مما أدى إلى انهيار مالي ومعيشي وارتفاع معدلات الفقر، وشح في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى.
