‘);
}
تفسير آية (فلولا إذا بلغت الحلقوم)
يُخاطب الله المشركين والناس في هذه الآية فيقول: عند خروج الروح وبلوغها الحلقوم، هل تستطيعون أن توقفوا خروج الروح عند هذه اللحظة؟ أو تردّوها إلى مكانها كما تزعمون؟ حيث يزعمون أنهم غير محاسبين، ويقولون لا يوجد جزاء ولا بعث، فإذا استطعتم أن تردوا هذه الروح إلى الجسد فردوها، وإذا استطعتم أن تردوا روح عزيز عليكم فردوها كما تزعمون، وإذا استطعتم أن تردوا عن أنفسكم الموت فردوه إن كنتم صادقين.[١]
وعندما تبلغ الروح الحلقوم وينظر أهل الميت للمحتضر بعجز، ولا يستطيعون دفع شيء عنه، ولا عمل أي شيء ينفعه، وعند قبض الروح لا يعلمون مقدار المشقة والكرب الذي يكون به الميت، ولا يبصرون الملائكة الذين يحضرون عند قبض الروح، كما فإنَّ المؤمن يبشّر بلقاء الله عز وجل، فهو يحب لقاء الله، والله يحب لقاءه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (مَن أحَبَّ لِقاءَ اللَّهِ أحَبَّ اللَّهُ لِقاءَهُ، ومَن كَرِهَ لِقاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقاءَهُ. قالَتْ عائِشَةُ أوْ بَعْضُ أزْواجِهِ: إنَّا لَنَكْرَهُ المَوْتَ، قالَ: ليسَ ذاكِ، ولَكِنَّ المُؤْمِنَ إذا حَضَرَهُ المَوْتُ بُشِّرَ برِضْوانِ اللَّهِ وكَرامَتِهِ، فليسَ شَيءٌ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا أمامَهُ؛ فأحَبَّ لِقاءَ اللَّهِ، وأَحَبَّ اللَّهُ لِقاءَهُ، وإنَّ الكافِرَ إذا حُضِرَ بُشِّرَ بعَذابِ اللَّهِ وعُقُوبَتِهِ، فليسَ شَيءٌ أكْرَهَ إلَيْهِ ممَّا أمامَهُ؛ كَرِهَ لِقاءَ اللَّهِ، وكَرِهَ اللَّهُ لِقاءَهُ).[٢][٣]
‘);
}
المقصود بالحلقوم في الآية
الحلقوم: هو الحلق، وممر الطعام والشراب، ومجرى النفس، قال تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ﴾،[٤] ويُقصد هنا إذا بلغت الروح الحلقوم؛ أي لحظة خروج الروح من الجسد، ومفارقتها إلى الحياة الأبدية عند سكرات الموت.[٥]
تحديات الله في آية (فلولا إذا بلغت الحلقوم)
تحدى الله عز وجل الكفار والمنافقين والدنيا بأكملها ومن يزعمون بأنهم قادرون على إحياء الموتى في آية (إذا بلغت الحلقوم) بأمرين هما:[٦]
تحداهم الله عز وجل بأن يأتوا بمثل هذا القرآن
حيث تبيّن الآية عجزهم أمام الواحد الأحد الخالق عز وجل، فقد لجأوا إلى الجدال، وابتعدوا عن البرهان بالكلام، فلن يستطيعوا أن يأتوا بمثل هذا القرآن ولو اجتمع بعضهم مع بعض ظهيراً.
تحداهم الله عز وجل بأن يعيدوا الروح للجسد
أحرزت البشرية تقدماً هائلاً في جميع مجالات الحياة، ولكن عند الموت يقف الجميع عاجزاً، لا يملكون حيلة، ولا يستطيعون أن يعيدوا الروح، فالطبيب الذي يعالج وهو متمكن من علمه يقف مكتوف الأيدي في مشاهدة من يحبه يحتضر أمامه من غير أن يستطيع فعل شيء.
وهذه إرادة الله الخالق، الذي يحيي ويميت، ويقول للشيء كن فيكون، فهو القادر وحده، ونحن عباده الضعفاء، وقد أثبت العالم أجمع صدق وعد الله، فهم لا يملكون شيء إلا بإرادة المولى عز وجل.
المراجع
- ↑الواحدي، التفسير البسيط، صفحة 268. بتصرّف.
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم:6507، حديث صحيح.
- ↑ابن رجب الحنبلي، تفسير ابن رجب الحنبلي، صفحة 353. بتصرّف.
- ↑سورة الواقعة ، آية:83
- ↑صديق حسن خان، فتح البيان في مقاصد القرآن، صفحة 387. بتصرّف.
- ↑محمود محمد غريب، سورة الواقعة ومنهجها في العقائد، صفحة 219. بتصرّف.