د.رعد محمود التل

يتوقع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد الأردني بنسبة 2.1 % في العام 2022. هذا التوقع يأتي بعد إعادة فتح أبواب الأنشطة الاقتصادية بشكل تدريجي، خاصة التوسع الكبير في قطاعي الخدمات والصناعة والحركة بتسارع في قطاع السياحة والسفر. إلا أن تواصل ارتفاع الأسعار و”اختناقات” سلاسل التوريد ما تزال تشكل مخاطر كبيرة على التوقعات الإيجابية للنمو الاقتصادي، كما تبقى المشكلة الأساسية التي يعاني منها الاقتصاد الأردني حاضرة وبقوة، فالبطالة، لا سيما بين الشباب والنساء، ما تزال عند مستويات مقلقة جداً.
يشير تقرير البنك الدولي إلى تحسن قدرة الحكومة على ضبط أوضاع المالية العامة، من خلال النمو المطرد في إيرادات الخزينة الضريبية وغير الضريبية. ذلك سمح -برأي البنك الدولي- بزيادة النفقات الرأسمالية بشكل ملحوظ في العام 2021، طبعاً مع الإقرار بأهمية الدور الحاسم للاستثمار في إنعاش النشاط الاقتصادي وزيادة معدلات التشغيل، إلا أنه نحتاج لإعادة تحديد معنى الإنفاق الرأسمالي في الموازنة حتى نستطيع تحديد زيادته. بالنسبة لأسعار السلع والخدمات، فقد ظلت أسعار المستهلكين منخفضة نسبيًا مقارنة بالبلدان الأخرى في المنطقة، كما يشير التقرير.
هذا الانتعاش النسبي للاقتصاد لم ينعكس على خلق فرص عمل بنسبة عالية. فمعدل البطالة الإجمالي في الأردن بلغ حوالي 23 % في نهاية العام 2021، مقارنة بمستوى ما قبل الجائحة الذي بلغ 19 % نهاية العام 2019. ويخلص التقرير إلى أن ارتفاع مستويات البطالة والعمل في القطاع غير الرسمي في الأردن يعود وبشكل رئيسي إلى القدرة المحدودة للقطاع الخاص على خلق وظائف أكثر وأفضل، حيث تسيطر الشركات الصغيرة منخفضة الإنتاجية على الاقتصاد.
يوصي التقرير بأربع توصيات لتشجيع الاستثمار، وهذه التوصيات هي: 1) تكثيف إصلاحات الاقتصاد الجزئي لتشجيع تنمية القطاع الخاص، 2) تنفيذ الإصلاحات التي تستهدف معالجة أوضاع البطالة، وخاصة بين الشباب والنساء، 3) التحول إلى إطار سياسات الاقتصاد الكلي لما بعد الأزمة بما يضمن إعطاء إشارات كافية ومطمئنة للمستثمرين فيما يتعلق بمناخ الاستثمار والأسعار، 4) وتجديد إستراتيجية تمويل الديون في الأردن للحفاظ على الاستثمارات العامة في البنية التحتية وتنمية رأس المال البشري في البلاد.
إن تحقيق معدل نمو اقتصادي أسرع وتعزيز خلق فرص العمل وتحسين الإنتاجية، كلها أمور تتطلب تنفيذ إصلاحات داعمة للاستثمار، تحمي وتعزز الاستثمار المحلي وتجذب الاستثمار الأجنبي وتزيد من تراكم رأس المال.