وكشف اللجنة الوطنية للتحاليل المالية، التابعة للبنك المركزي، في بيان حصلت “سكاي نيوز عربية” على نسخة منه، عن إحالة 710 ملفات شبهات تمويل الإرهاب وغسل الأموال للجهات القضائية المختصة، خلال عامي 2018 و2019 من بين 1245 ملفا تمت معالجتها.
وكانت اللجنة قد عقدت، الإربعاء، اجتماعاً أشرف عليه محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي، عرضت خلالها تقريرها الرقابي.
ووفقاً لتقرير اللجنة، فقد توزعت الملفات المعالجة بين 600 ملف في 2018 و645 ملفا في عام 2019، مقابل 153 ملفا تمت معالجتها في عام 2017. وأن 91 بالمئة من الملفات التي تمت معالجتها خلال سنة 2018، تخص غسيل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها و9 بالمئة ملفات متعلقة بتمويل الإرهاب.
في المقابل، بلغت نسبة الملفات التي تمت معالجتها والتي تخص تمويل الإرهاب في العام الماضي، 15 في المئة، والملفات المتعلقة بغسل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها 85 بالمئة.
وكان تصنيف تونس في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي الدولية في العام 2017، قد دفع السلطات التونسية إلى العمل على ملاحقة الكيانات والأفراد الذين تتعلق بهم شبهات بتبيض الأموال وتمويل الإرهاب.
وكانت مجموعة العمل المالي، وهي منظمة حكومية دولية وتهدف لمحاربة تزوير العملات وتمويل الإرهاب، قد اعتبرت تونس من الدول التي تمثل ملاذا ضريبيا آمنا أو ما يسمى بـ”الجنان الضريبية”. ثم عادت ورفعت تونس من القائمة السوداء في أكتوبر 2019، معتبرة أن الحكومة التونسية أوفت بالتزاماتها فيما يتعلق بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وكانت وزارة حقوق الإنسان والعلاقة مع الهيئات الدستورية قد أعلنت في يونيو الماضي عن رفع قضايا ضد 435 جمعية تورطت في تمويل الإرهاب، أو تبييض الأموال، وأنه تم حل 42 جمعية، وهي عملية ما زالت متواصلة.
قضايا عالقة
وعلى هامش الجهد الرسمي في تطويق ظاهرة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، مازالت العديد من القضايا التي تخص أحزاباً سياسية نافذة، لاسيما حزب حركة النهضة الإخواني، عالقة دون تقدم.
وفي سبتمبر الماضي، أحال وزير الدولة المكلف بالحوكمة ومكافحة الفساد، محمد عبو، في إلى النيابة العامة، ملفا ضد الحركة يتعلق بتبيض الأموال تحت غطاء محطات تلفزيونية.
وكشف الوزير التونسي، أن الدعوى التي رفعها للقضاء تتعلق أيضا بـ”ممتلكات حركة النهضة وسياراتها ومقارها، وكذلك ما تعلق بها في تقرير محكمة المحاسبات من وجود أشخاص متبرعين للحركة بأموال تبين أنهم كانوا متوفين في تاريخ التبرع”.
وكانت محكمة المحاسبات، أعلى جهة قضائية رقابية في تونس، قد كشفت في تقريرها في العام الماضي بشأن الانتخابات البلدية، وجود تبرعات مالية بأسماء عشرات الأشخاص المتوفين لفائدة حركة النهضة.
يشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تتهم فيها جهات قضائية ورسمية حركة النهضة بالتلاعب في تمويلاتها.
وأقرت محكمة المحاسبات، في أكتوبر الماضي، التهم التي لاحقت حركة النهضة بشأن تعاقدها مع شركة ضغط أميركية لتحسين صورتها بين عامي 2014 و2019، مقابل مبلغ يزيد على ربع مليون دولار.
وكشفت المحكمة المكلفة بمراقبة حسن التصرف في المال العام، في تقرير حول الانتخابات، أن حركة النهضة أبرمت عقدا مع شركة الدعاية والضغط “Burson Cohn & Wolfe”، للقيام بحملات دعاية وضغط وكسب التأييد في الانتخابات. وأشارت المحكمة في تقريرها إلى أنها لم “يتسن لها كشف مصادر تمويل هذه العقود”.
وأشارت المحكمة إلى أن “أحكام المرسوم 87 لسنة 2011 المنظم للأحزاب السياسية في تونس لا يسمح للأحزاب بتكوين مكاتب لها بالخارج، وينحصر ما أباحه المرسوم في إقامة علاقات سياسية بأحزاب سياسية أخرى وطنية أو أجنبية أو باتحادات أحزاب سياسية دولية”.
وتابع التقرير: “كما يمنع المرسوم على الأحزاب السياسية قبول تمويل مباشر أو غير مباشر، نقدي أو عيني، صادر عن أي جهة أجنبية. فضلا عن قبول أي تمويل مباشر أو غير مباشر مجهول المصدر أو مساعدات وتبرعات وهبات صادرة عن الذوات المعنوية، خاصة كانت أو عمومية، باستثناء التمويل المحمول على ميزانية الدولة”.
وكان البرلمان التونسي قد ألغى، الثلاثاء، جلسةً كانت مقررة لمناقشة لائحة تجريم تبييض الأموال وحل جميع الجمعيات والأحزاب الداعمة للإرهاب، التي تقدم بها الحزب الحر الدستوري، بسبب غياب أعضاء كتلة حركة النهضة و إئتلاف الكرامة، المقرب من التيار الإخواني.
في غضون ذلك، قالت رئيسة الحزب الدستوري، عبير موسي إن ”عدم مشاركة حركة النهضة في الجلسة وغياب كتلته يؤكد الاتهامات الموجهة لها بدعم الإرهاب والتطرف”.
وتدعو اللائحة الحكومة لتجفيف منابع الإرهاب وتفكيك منظومة تمويله وحل التنظيمات السياسية والجمعيات الداعمة للعنف والفكر المتطرف، وتشديد الرقابة على مصادر التمويل الخارجي للجمعيات، وكشف شبكات التمويل الأجنبي للأحزاب وإحالتها على القضاء.