كثرت في الآونة الأخيرة النتاجات الموجهة للطفل ، والمهتمة بقضاياه التربوية والثقافية والأدبية من داخل النسق الثقافي الخاص بنا ، إلى جانب المجلات الأكاديمية والهيئات والمؤسسات التي تُعنى بالطفل وحاجاته كمجلة الطفولة العربية (الأكاديمية) ولجنة الهيئة العالمية لكتب الأطفال ، وكذلك المؤتمرات التي تعقد بهذا الشأن .
ومن بين المجلات الموجهة للطفل مجلة “سنان” التي تصدر في الرياض وتصل إلى عدد من الدول ، وتُعنى بتكوين ثقافة إسلامية للطفل ، وتحظى بحضور مميز بين المجلات ، فكان أن التقينا بالأستاذ فهد الحجي مدير تحرير “سنان” وأجرينا معه الحوار التالي :
س1: هل تتناولون المفاهيم المركزية مثل “السعادة” و”العلم” و”الثقافة” و”العمل” و”الوقت” و”النظام” في مجلتكم بحيث تقدمونها للطفل واضحة مشخَّصة ؟
ج1: نحن نحاول قدر الإمكان تقديم هذه المفاهيم في المجلة بشكل أو بآخر ، بعض هذه المفاهيم مشخَّصة بشخصيات واضحة ، بحيث تكون رسالتها مباشرة للطفل مثل “العمل” و”الوقت” و”النظام” ، فسلسلة قصص (مدينة النجارة) مثلاً تحتوي على ثلاث شخصيات رئيسة هم : عارف وعباس وعنتر ، فعارف مثال للشخصية الجادة المحبة للعمل والمحافظة على وقتها ، بينما يمثل عباس وعنتر الشخصية المستهترة الكسولة الانتهازية . وكـذلك أيضًا يمثل النقيب همام في مغامراته مثال الشخصية القوية الجادة المخلصة في عملها .
بالإضافة إلى ذلك تقدّم المجلة الكثير من المفاهيم الأخرى بشكل ضمني في القصص والزوايا المختلفة ، وقد يتم إبراز بعضها في بعض الأعداد .
س2: كيف تعتنون بخيال الطفل ؟ وما هو موقع الخيال في اهتماماتكم ؟
ج2: نحن نعتني حاليًا بخيال الطفل المنطقي ، بمعنى أن القصص التي ترد حاليًا في المجلة محتملة الحدوث في الواقع ، وذلك تحقيقًا لأحد أهداف المجلة الرئيسة الذي ينص على ربط الطفل بالواقع قدر الإمكان ،ومنهج الخيال المنطقي يجمع بين تحقيق هذا الهدف وبين إرضاء جزء من حب الخيال لدى الطفل .
والخيال العلمي المنطقي يجد ترحيبًا لدينا فهو موجود في خططنا المستقبلية ، فنحن نرفض الخيال الذي يعتمد على السحر والشعوذة ، ونحاول إخراج الطفل من التعلق بها ؛ لأنها للأسف هي مادة رئيسة في أغلب الإعلام الموجّه للطفل حاليًا سواء من الصحافة أم من القنوات الفضائية .
س3: هل لديكم خطة تدريجية تربوية لترسيخ قيم العقيدة الإسلامية لدى الأطفال ؟
لدينا خطة ترسم لنا منهجنا بالكامل ، وتحدد لنا أهدافنا التربوية بشكل واضح . ونحن نحرص على ترسيخ العقيدة الصافية عقيدة أهل السنة والجماعة في الطفل ، ونحاول قدر الإمكان بث ذلك عبر كل زاوية وكل صورة وكل كلمة ، ولا مجال في مجلتنا البتة لما يخالف ذلك .
س 4: مـا موقع تكوين حصيلة لغوية من اهتماماتكم بمعنى تنمية لغة الطفل وزيادة مفرداته ؟
بحكم أننا نخاطب الأطفال فاللغة المستخدمة في المجلة هي اللغة العربية الفصيحة المبسطة ، فنحن لا نستخدم الكلمات العامية أو الأجنبية في المجلة ، وفي كل عدد يبث عدد قليل من الكلمات والعبارات الصعبة لتعليمها ضمنًا للطفل ولتعويده عليها .
س5 : ما الصورة التي ترسمونها للغرب في منتجاتكم إن كنتم تتناولون الغرب ؟
ج5: نحن نحارب في مجلتنا كل ما يأتينا من ثقافة الغرب ، فنحذر من إعلام ثقافة الطفل الغربية المترجمة سواءً عن أفلام أو قنوات أو قصص ومجلات ، ونبيّن ما فيها من أخطاء فادحة تهدم قيم الطفل المسلم وأخلاقه ، وقد حدث مرة أن تم نشر إعلان لأحد أفلام ديزني في مجلتنا بشكل غير مباشر ، حيث أتى ضمن إعلان إحدى منتجات الأطفال العربية ،وكان رد فعلنا واضحًا حيث قاطعنا تلك الشركة العربية عندما رفضت إزالة فلم ديزني من إعلاناتها ، وقمنا بالتحذير العلني من شركة ديزني ومن كل منتجاتها ، ورفعنا شعار مقاطعتها بالكامل .
س6 : هل تتطرقون إلى قضية الصراع العربي الإسرائيلي في أعمالكم ؟
ج6 : نتطرق إلى الصراع العربي الإسرائيلي إلى حد ما ، وعندما نعرضه في مجلتنا لا نعرضه كصراع عربي إسرائيلي ، بل كصراع بين المسلمين واليهود ، وهناك فرق كبير بين المصطلحين ، وعدم تغطيتنا لصراع المسلمين واليهود سببه تركيزنا على قضايا أهم في التربية وغرس العقيدة في الطفل المسلم .
س7: هل تتعرضون للوحدة الإسلامية في مجلتكم ؟
ج7: بالطبع ، فما نغرسه في قرائنا هو أن المحور الأساسي للعلاقات هو الإسلام والأخلاق ، فنبتعد عن الفروق الجغرافية والسياسية ، ونرسخ في الطفل أن معيار التقويم الوحيد للناس أجمع هو الإسلام ومدى تمسكهم به بغض النظر عن الجنس أو اللون أو اللغة .
س8 : أيها يحظى بالاهتمام الأوفر منكم : النواحي السلوكية أم العقدية والفكرية ؟
ج8: الاهتمام المعطى للناحيتين السلوكية والعقدية كبير ، ولا يمكننا إهمال أي جانب منهما ، ولكن إذا نظرنا إلى نسبة خدمة زوايا وقصص المجلة لهذين الأمرين نجد أن التركيز الأكبر ينصب على النواحي السلوكية ، مع أن النواحي العقدية مخدومة بشكل غير مباشر في أغلب صفحات المجلة .
س9: يكاد يغلب على كثير من المجلات الموّجهة للطفل القطرية والخصوصية ، فما هو اهتمامكم في المجلة ؟
ج9: نحن نسعى في المجلة إلى أن تكون ذات طابع عائلي.. ونحاول قدر الإمكان عدم إضفاء صفة القطرية عليها ، ولقد نجحنا في ذلك إلى حدٍ ما ، فعلى الرغم من أن مكتب تحرير المجلة الرئيسي يقع في المملكة العربية السعودية ، وعلى الرغم من أن أغلب قرّاء المجلة هم من السعودية إلا أنه من الصعب على متصفّح المجلة أن يقول عنها إنها سعودية .
ولكن مما يتحكم في صفة وطابع المجلة قراؤها وأماكن توزيعها ، فالمجلة توزع بشكل رئيسي في السعودية ، وتصل إلى كافة دول الخليج إضافة إلى اليمن ولبنان ، ولهذا إذا نظرنا إلى أماكن تواجد أصدقاء المجلة المشاركين في الأبواب المخصصة لهم نجد أنها لا تتعدى هذه الدول ، وأن الغالبية العظمى منهم من السعودية .
س10: كيف ترون حجم نشاط مجلتكم وكم توزعون منها ؟
ج10: ولله الحمد حجم نشاطنا في تزايد مستمر ، وحاليًا يطبع من المجلة (40.000) نسخة شهريًا …
س11: كيف تنظرون إلى الأعمال الأخرى في الأسواق ؟ أعني المقدمة للطفل .
ج11: ولله الحمد توجد بعض الأعمال الجيدة للطفل ، ولكن إلى الآن لم نر العمل المؤسسي المتكامل الذي يقدّم للطفل كل ما يريده ، وكل الأعمال الموجودة الآن توصف بأنها صغيرة إذا ما قورنت بالنشاط المقدم للطفل في الغرب ، فتوجد هناك العديد من المؤسسات الضخمة التي تحيط بكل جوانب حياة الطفل مثل ديزني وكرايولا وغيرها كثير ، ومنتجات هذه الشركات عالية الجودة ، ولكن كما ذكرنا لا تصلح لأطفالنا البتة… خـصوصًا وأن المتحكم الرئيس بهذه الشركات هم اليهود .
ويوجد في عالمنا العربي بعض الكتّاب الذين برزوا في خدمة الطفل ، ولكن للأسف أغلب جهودهم فردية ، ولم توجد حتى الآن المؤسسات الضخمة التي تتبنى مثل هؤلاء الكتّاب المبدعين .
س12: هل تصورون “الطفل” أعني شخصيات مجلتكم بصورة “نمطية” أو تتناولون شخصيات متنوعة ومختلفة شكلاً وفكرًا ؟
ج12: نحن نهدف إلى التنويع قدر الإمكان في شخصيات المجلة ، فنقدم الطابع البوليسي المليء بالإثارة عبر قصص النقيب همام ومساعده نبيه ، ونقدّم الطابع الاجتماعي عبر مغامرات فتى الصحراء أحمد ، ونقدّم الطابع المرح المقوّم للسلوك عبر مغامرات عارف وعباس وعنتر ، كما نقدّم قصص لطيفة للبنات عبر شخصيتهم المحبوبة مي ، كما توجد في المجلة بعض الشخصيات المرحة الطريفة مثل سرحان وربيع وأخته هدى وكذلك الجندي مسعود .
س13: أين تجدون جانب “الابتكار” لديكم ؟ وما الجديد الذي قدمتموه ؟
ج13: نحن نرى أننا (نبتكر) في عدة نواح ، منها أن كل قصصنا من تأليف وإبداع طاقم المجلة ، وليست اقتباسًا من آخرين أو ترجمة لقصص أجنبية ، كما أن قصصنا هادفة لا تخلو من التربية والتوجيه على الرغم من أنها مليئة بالإثارة والمتعة المحببة للطفل ، وقلة قليلة من المجلات استطاعت تقديم هذا النوع من القصص ، فقصصهم إما أن تكون مغرقة في الإثارة بعيدة عن التربية والتوجيه ، وإما أن تكون توجيهية مباشرة تنفّر الطفل منها ، وأسلوبنا هذا نجح نجاحًا باهرًا ولله الحمد..
ونحن (نبتكر) كذلك في أسلوب التواصل مع الأفراد ، فنحن المجلة الوحيدة على حد علمي التي تقدّم مسابقات للأطفال بالهاتف ، ويرد عليها أفراد من طاقم تحرير المجلة بأنفسهم للحوار مع الأطفال ومد جسور التواصل معهم ، كما أننا نهتم اهتمامًا كبيرًا بكل ما يرسله الأطفال ، ولنا اهتمام خاص للمبدعين من الأطفال في مجال القصة والشعر والمقالة ، ونرى ولله الحمد أن غالب من يتعرف على مجلتنا ويشاركنا فيها لا يترك المجلة ، بل يصبح من قرائها ومحرريها الدائمين ..
ونرى كذلك أننا (نبتكر) في توجهنا الواضح ، فتوجهنا إسلامي مبني على عقيدة أهل السنة والجماعة ، ونبتعد عن التيارات المختلفة مثل القومية والوطنية وما إلى ذلك .
س14: أين موقعكم بين الإنتاجية الموّجهة للطفل ، وما أهدافهكم المستقبلية ؟
ج14: تحتل مجلة “سنان” حاليًا مركزًا مرموقًا بين مجلات الأطفال ولله الحمد ، خصوصًا في المملكة العربية السعودية ، حيث إنها تتنافس مع مجلة واحدة فقط على القمة ، وقد استطاعت المجلة الوصول إلى الكثير من مدارس الأطفال في المملكة خصوصًا بعد اطلاع معالي وزير المعارف د. محمد بن أحمد الرشيد على المجلة واستحسانه لها ، ومعارضنا في مدارس الأطفال لا تتوقف على مدار السنة ، كما أن المجلة تشارك في أغلب منتديات ومهرجانات الأطفال في المملكة ، وتساهم في إعداد برامج بعض هذه المهرجانات .
ونحن نطمح إلى الوصول إلى كل طفل مسلم في العالم ، فهناك الآن دراسات تعد لإدخال المجلة إلى بقية أقطار العالم العربي ، كما أن هناك مشاورات لإصدار نسخة من المجلة باللغة الإنجليزية لخدمة الطفل المسلم في أمريكا وأوروبا .
نسأل الله العلي القدير أن يحقق طموحاتنا وأن يوفقنا لما يحب ويرضى .