
بكين- أثبت اكتشاف سترة “بوربوري” نسيت أنها اشترتها للسيدة الصينية الثرية تشين روي أنها كانت محقة في استدعاء خبراء لإدارة خزانة ملابسها الفاخرة الخارجة عن السيطرة.
وسألت هذه الشابة البالغة من العمر 32 عاما الفريق المكون من “منظمي منازل” والذي اكتشف السترة بين كومة من الملابس في خزانة ملابسها في شقة فخمة في بكين “كيف وجدتها؟”.
أدى النمو السريع للصين على مدى العقود الأربعة الماضية إلى زيادة في الإنفاق، خصوصا على العلامات التجارية الشهيرة بهدف إبراز الوضع الاجتماعي الراقي.
وأظهر تقرير لـ”ماكينزي 2019 تشاينا لاكجوري ريبورت” أن ثلث الإنفاق الإجمالي على العلامات التجارية الراقية في العالم مصدره المستهلكون الصينيون.
وحتى الآن، يبدو أن الوباء لم يضعف رغباتهم في الشراء، وهو ما أكده الأربعاء “يوم العزاب”، أكبر حدث سنوي للتجارة الإلكترونية في العالم، إذ أثار فورة تسوق في الصين، ستدعم انتعاش ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وكما في كل سنة، هرع المستهلكون في الصين في الحادي عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) على هواتفهم النقالة وأجهزتهم المحمولة لشراء ملايين المنتجات المعروضة بأسعار تتحدى أي منافسة، وتتراوح من الأثاث إلى الإلكترونيات، مرورا بالملابس والمواد الغذائية.
وأعلنت مجموعة “علي بابا” العملاقة التي أطلقت هذا الحدث في 2009، بيع بضائع بقيمة 498,2 مليار يوان (63,8 مليار يورو) على مختلف منصّاتها منذ الأول من تشرين الثاني (نوفمبر)، وهو رقم أعلى بـ26% من مجموع مبيعاتها للفترة ذاتها من العام الماضي.
أما منافستها مجموعة جي دي.كوم، فأعلنت عن مبيعات بقيمة 271,5 مليار يوان (34,8 مليار يورو).
ومع ذلك، في عصر التسوق الإلكتروني، هناك أيضا جانب سلبي لمتابعة الموضة.
تقول ربة المنزل تشين روي إن خزانة ملابسها المليئة بالعلامات التجارية من “لوي فويتون” و”شانيل” و”برادا” و”غوتشي”، كانت تتسبب في جدالات متكررة مع زوجها.
وأقرت “لا أتخلى أبدا عن أي مجموعة من مجموعتي، بل أضيف إليها”، قائلة إنها تحب إشباع رغباتها في الشراء فقط.
وفي حالة من اليأس، استعانت بفريق مؤلف من أربعة أفراد من المتخصصين في تنظيم المنازل وترتيبها لإنقاذ خزانة ملابسها.
يدور هؤلاء الخبراء بزي أسود أنيق في أرجاء شقتها الراقية، ويفرغون من خزائنها أكثر من ألف قطعة من الملابس وعشرات الحقائب الفاخرة.
يقود الفريق يو زيكين أحد آلاف متخرجي معهد “ليوكونداو” لتنظيم المنازل والذي يعلم فن إحلال النظام للمتسوقين الصينيين الأغنياء الفوضويين.
وقالت مؤسسة المعهد بيان ليتشون، إن هناك الآن أكثر من ثلاثة آلاف متخصص في هذه الصناعة الناشئة والتي توقعت محطة “سي سي تي في” الحكومية أن تصل قيمتها إلى 100 مليار يوان (14,9 مليار دولار) هذا العام من حيث حجم التداول في السوق.
خلال الوباء، ارتفع الطلب على هذه الخدمات بنسبة تصل إلى 400 في المائة وفق بيان، فيما كان الناس يمضون وقتا أطول في المنزل يبحثون عبر الانترنت ويعملون على عمليات استحواذ جديدة وتوسيع أعمالهم.
وأوضحت منظمة المنازل هان يونغ غانغ أن زبائنها الذين يدفعون أكثر من ألفي دولار مقابل كل عملية تنظيم قد تستغرق بضعة أيام، عادة ما يتجاوز دخلهم السنوي مليون يوان.
وتابعت “أنا أكسب الآن أكثر مما كنت أكسبه عندما كنت مصممة غرافيك”.
ولا تقنع بيان وفريقها مطلقا الزبائن برمي الأشياء أو تطالبهم بشراء كميات أقل من السلع.
وبدلا من ذلك، فإنهم يعلمون “طريقة الاحتفاظ” بها من خلال التخزين والتصميم الذكي مثل علاقات المعاطف الرقيقة جدا.
ولاحظت بيان أن النظرة تغيّرت منذ أن شركتها قبل 10 سنوات لهذه الخدمة التي تعتبر أساسية لبعض زبائنها، وقالت “كان الناس يعتقدون أننا عمال تنظيف لكنهم الآن يحترموننا كثيرا”.
وتابعت “نحن نعرف حتى عدد أزواج الملابس الداخلية التي يمتلكونها… وقد أوجدنا لهم حياة جيدة”.
كذلك أسهمت التجارة الإلكترونية والتجارة عبر الهاتف في زيادة عادات الإنفاق.
وتفيد وزارة النقل بأن عدد الطرود السريعة التي يتم تسليمها لكل شخص في الصين هذا العام سيكون حوالى 60، أي نحو ضعف المتوسط العالمي.
وشرح ليو وينجينغ من كلية الاقتصاد والإدارة في جامعة تسينغهوا، أن التجارة الإلكترونية خلقت ثقافة “التسوق عبر الإنترنت في أي وقت وأي مكان”.
لكن بيان تقول إن القضية ليست قضية استهلاك مفرط أو سيكولوجيا الإنفاق بل هي تتعلق أكثر بالتحدي المتمثل في العثور على مكان لتخزين الملابس في مدن الصين المكتظة بالسكان.
وختمت “هدفنا هو تنظيم المساحة وليس إصلاح الناس”.-(ا ف ب)


