البصرة- لم تقتصر ساحات التظاهر في محافظة البصرة (جنوب العراق) على الهتافات الاحتجاجية واللافتات التعبيرية، بل شهدت نشاطات ثقافية متنوعة لم يعهدها الحراك الشعبي سابقا، كانت تهدف في غالبيتها إلى توعية المتظاهرين وتنمية مداركهم ووسائلهم الاحتجاجية في سبيل تحقيق أهدافهم.
يقول الناشط المدني مهند الأسدي، في حديث خاص، إن التظاهرات لا يمكن أن تبقى فقط حركة احتجاجية؛ إذ يجب أن تواكبها حركة توعوية فكرية تثقف جمهورها في الاحتجاج وما بعد الاحتجاج ووسائل الاحتجاج السلمي وتداعيات الحركة السياسية التي تجري حاليا.
وأضاف أن هذه المحاور كانت من أهم القضايا التي تطرح للحوار في الندوات التي تقام في ساحات التظاهر، ويُدعى لها الأكاديميون لاستعراضها ونقدها بمشاركة جمهور المتظاهرين.
يجد المتظاهر دارم كاظم أن تواصل إقامة الندوات والاجتماعات والمناظرات ترك بصمته على ثقافة المتظاهرين وأسلوب تعاطيهم مع الأحداث، وخلق جيل جديد من المتظاهرين يمتلك حيزا كبيرا من الثقافة والمعرفة، وغيرت هذه التظاهرات مفاهيم الشارع البصري وثقافته.
يتجسد النشاط الثقافي في ساحات البصرة بعقد ندوات حوارية ولقاءات جماهيرية وتنظيم فعاليات فنية، فضلا عن إنشاء مكتبة “ثورة وكتاب” التي ضمت عناوين مختلفة وصار لها روادها، بحسب ما يذكره عبد الله البصري، صاحب هذه المبادرة الذي عمل عليها مع مجموعة من الناشطين المدنيين.
وأضاف البصري أن الهدف الذي يسعون إلى تحقيقه يتمثل في زيادة الوعي الثقافي والسياسي عند الشباب المعتصمين، كون ساحة الاعتصام كانت مقتصرة على الهتافات الاحتجاجية ورفع اللافتات التعبيرية.
يقول الكاتب والناشط المدني عبد الخالق كريم “إنه في فترة ما قبل التظاهرات كان الناس يفتقدون إلى منطقة يلتقون فيها كي يتجادلوا ويتناقشوا ويتبادلوا الأفكار، أما الآن فقد أعطتنا ساحات التظاهرات هذه المساحة والمنصات مكانا للحوار وإنتاج الأفكار”.
ورافق النشاط الثقافي الذي عرفته ساحات التظاهر نتاج أدبي عرف بـ”أدب الثورة”، وهو انعكاس لتطور الوعي العراقي كما يجده الشاعر علي نكيل الذي يجد أن الحراك الحالي هو عتبة جديدة في الوعي العراقي لم تحدث في أي وقت مضى.
وأضاف أن هذه القصة انعكست انعكاسا كبيرا على الأدب والفن؛ إذ إن الكثير من الأدباء كانت لديهم أعمالهم ونتاجاتهم بما تيسر لهم نشرها في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، لذلك يرى أن هذه المرحلة ستميز الثقافة العراقية عن غيرها من المراحل.- (الجزيرة نت)