يديعوت أحرونوت

شمريت مئير

النفور مفهوم، ولكن من خلف الفكرة العامة التي يسميها وزير الدفاع “جمع الجثث” يوجد مع ذلك منطق: بفرض أنه لن تحرر اي حكومة مرة اخرى مقاومين على غرار صيغة صفقة شاليط، فالصفقة التي ستؤدي الى إعادة المواطنين الاسرائيليين المحتجزين في غزة، اذا ما كانت مثل هذه الصفقة في يوم من الايام، ستتشكل من خليط من المقاومين بلا دم على الايدي، تسهيلات اقتصادية لحماس، وكذا – ايضا جثث مقاومين يكونوا تحت تصرفنا. من السهل تأييد الحملة التي دعت الى “اعادة الابناء الى الديار”، الا ان المحطات على الطريق اقل لطفا على المشاهدة. ليس من نوع الامور التي نسجل لها اعجابا على “فيسبوك”. ان الصور القاسية للتنكيل بجثة رجل الجهاد محمد الناعم، الذي حاول زرع عبوة ناسفة على حدود القطاع، هزت غزة بإحساس من المهانة الجماعية. وعصفت الشبكات. تعرضت حماس لانتقاد على عجزها، بما في ذلك اشعال اطارات للسيارات في مخيمات اللاجئين. بعد بضع ساعات من الحادثة غرد الناطق بلسان الذراع العسكري للجهاد الاسلامي آية من القرآن (الكريم) مما لم يدع اي مجال للشك: هذا المساء سيكون عاصفا.
التصعيد التقليدي في غزة، عشية الانتخابات، يأتي رغم جهود استثنائية من الجانب الاسرائيلي لتسريع مساعي التسوية. على الطاولة غنيمة لا بأس بها: تصاريح عمل في اسرائيل، منحة شهرية بـ 100 لـ 120 الف عائلة، عرس مجاني للعزاب الغزيين الشائخين، ترميم منازل، مستشفى جديد في رفح وغيرها. يبدو ان هذا غير كاف. في حماس ببساطة غير قادرين على أن يحملوا أنفسهم للتحكم بالجهاد.
سقوط مساعي التسوية الواحدة تلو الاخرى بالضبط على هذه النقطة: مهما اعطيناها، تبقي حماس دوما فتحة تهوية للمقاومة يمكن لها أن تنسحب اليها. يوجد لهذا سببان: عملي – ففي نظرها اسرائيل لا تفهم الا لغة القوة، والعنف وحده يجبرها على الالتزام بتعهداتها؛ وكذا جوهري وعاطفي – في حماس ببساطة لا يريدون ان ينقطعوا عن المدماك المركزي في هويتهم: الكفاح ضد اسرائيل. موضوع آخر يتعلق بالراعي المشترك – ايران، التي تمول الجهاد وكذا الذراع العسكري لحماس. علاقات حماس مع مصر عكرة، وحتى مع القطريين تحتاج الى تدخل اسرائيلي. ايران، مهما كانت ضعيفة، فانها مع ذلك سند العلاقات معها هو أمر لن تخاطر به.
في اسرائيل تبقى الشهية لحرب في غزة متدنية، فلدى بعض من كبار مسؤولينا مطبوعة الذاكرة من الايام التي تلت الجرف الصامد، في حينه سألتهم لجنة التحقيق المرة تلو الاخرى هل استنفدوا كل الوسائل السياسية قبل الحرب. السنتان الاخيرتان حيال غزة هما احدى المرات القليلة في التاريخ الاسرائيلي التي يمكن أن يقال عنها – جربنا تقريبا كل شيء.