تشير المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية (CDC)، في نشرتها الصادرة أول شهر مارس (آذار) 2010 إلى أن “جلطات الأوردة العميقة” و”سدد الأوعية الدموية بالرئة” هما من المشكلات الصحية الرئيسية في الولايات المتحدة، وأيضا في كل أنحاء العالم دون استثناء.

وتؤكد الإحصاءات الرسمية بالولايات المتحدة أن نحو 600 ألف شخص يصابون بإحدى هاتين الحالتين الصحيتين، في كل عام، وأنه بالنتيجة، وعلى أقل تقدير، يموت 100 ألف شخص سنويا بالولايات المتحدة بسبب جلطات الأوردة العميقة وتداعياتها المؤثرة بشكل سلبي في الحالة الصحية ونوعية الحياة.

وضمن حملات التثقيف الصحي بالولايات المتحدة، يخصص هذا الشهر للتوعية بجلطات الأوردة العميقة، أو ما يعرف بــ “خثرات الأوردة العميقة” Deep vein thrombosis التي تختصر بــ (DVT) وتذكر المراكز بأن على كل شخص أن يعرف ما إذا كانت توجد لديه أحد أو بعض “عوامل ارتفاع احتمالات خطورة الإصابة” risk factors بجلطات الأوردة. كما يجب معرفة الخطوات التي يمكن اتباعها لحماية النفس من الإصابة بتلك الجلطات الوريدية.

أوردة عميقة

الأوعية الدموية بالعموم، هي أنابيب يجري فيها الدم. ومعلوم أن هناك نوعين من الأوعية الدموية، هما الأوردة والشرايين. وببساطة، فإن الشرايين هي التي يجري فيها الدم الخارج من القلب، أي الذي تم ضخه في الشرايين نتيجة لانقباض عضلة القلب. والأوردة هي الأوعية الدموية التي يمر الدم فيها عند رحلة العودة إلى القلب.

وبخلاف الأوردة السطحية الظاهرة للعيان عند النظر إلى الجلد، هناك شبكة من الأوردة العميقة التي لا ترى بالعين المجردة. وهذه الأوردة عرضة للإصابة بحالات تجلط الدم، أي تكون خثرة من الدم المتجلط، التي إما أن تسد تماما جريان الدم في تلك الأوردة، و إما أنها قد تتفتت، وبالتالي تنتقل إلى أماكن أعمق وأهم في داخل الجسم.

علامات جلطة الأوردة

وغالبية هذه الحالات تصيب الأوردة العميقة في الساقين أو الفخذين. وإذا ما حصلت هذه الحالة، وتم فحص جلد المنطقة المصابة، تلاحظ العلامات التالية:

·      حرارة ودفء عند لمس الجلد.

·      الشكوى من ألم، حتى دون لمس جلد تلك المنطقة.

·      تورم أو انتفاخ في الساق أو الفخذ.

·      احمرار الجلد.

ومع هذا، تؤكد المصادر الطبية بالولايات المتحدة أن نحو 50 في المائة من الأشخاص الذين يصابون بجلطات الأوردة، لا تظهر عليهم أعراض تدل على وجودها. ولذا، فإن على الأطباء التنبه لاحتمالات وجودها دونما أعراض ظاهرة، وتشخيص الإصابة بها عبر فحوصات الأشعة الصوتية، بتقنية الدوبلر، أو غيرها من وسائل الكشف بالأشعة.

ويجب معالجتها دون تأخير، ذلك أن الخطورة هي في أن تتفتت أجزاء من هذه التجلطات الدموية الصلبة نسبيا، لتنتقل إلى الأوعية الدموية في داخل الرئة، ما ينتج عنه حالة «سدد الأوعية الدموية بالرئة» (الانسداد الوعائي الرئوي) pulmonary embolism، أو أن ينتقل فتات تلك الجلطات الوريدية ليسد أحد الأوعية الدموية في شبكة الشرايين التاجية للقلب، ما ينتج عنه جلطة النوبة القلبية. أو أن ينتقل فتات تلك الجلطات الوريدية إلى الأوعية الدموية بالدماغ، ما ينتج عنه حالة السكتة الدماغية.

الانسداد الوعائي الرئوي

وتشير المصادر إلى أن هناك عدة أعراض للإصابة بحالة «سدد الأوعية الدموية الرئوية». ومنها:

·      صعوبات، ولو طفيفة، في التنفس بحرية وسهولة.

·      زيادة، أكثر من المعتاد، في عدد نبضات القلب.

·      الشعور بشيء من الضيق أو الألم في الصدر، وخصوصاً حينما يسوء ويزيد الألم عند أخذ نفس عميق أو عند السعال.

·      خروج بصاق ممزوج بالدم.

·      انخفاض مقدار ضغط الدم، أو الشعور بالدوخة، أو فقد الوعي.

آلية تجلط الدم

هناك ثلاث آليات رئيسية، يحصل من خلال إحداها تجلط الدم بشكل غير طبيعي، داخل مجرى الأوردة.

الآلية الأولى تتعلق بعدم إعطاء الفرصة لتسهيل استمرار تدفق الدم خلال الأوردة، كما يحصل عند الجلوس لفترات طويلة أو النوم لفترات طويلة، دونما تحريك لعضلات الساقين أو الفخذين. ومعلوم أن حركة العضلات تسهم في الضغط على الدم داخل الأوردة، وبالتالي تحريك الدم وعدم إعطاء الفرصة لسكونه وتجلطه.

والآلية الثانية تتعلق بوجود مشكلة في النظام الطبيعي للتوازن بين التجلط والسيولة في الدم

 الثالثة مرتبطة باضطرابات في جدران الأوردة الدموية.

والفترة التي تلي إجراء العمليات الجراحية هي إحدى أهم الفترات الزمنية التي ترتفع فيها احتمالات الإصابة بجلطة الأوردة العميقة، ذلك أن حركة الشخص تقل جدا خلال مدة طويلة، أي التخدير والزمن الذي تستغرقه العملية الجراحية وما بعد العملية الجراحية، إلى حين إمكانية بدء المريض بالوقوف والمشي. ولذا يحرص أطباء الجراحة على الاهتمام بهذا الأمر للوقاية من الإصابة بهذه المشكلة الصحية.

عوامل الخطورة

الباحثون في “الأكاديمية الأميركية لجراحي العظام” وضعوا قائمة بتعريف المرضى الأكثر عرضة للإصابة بجلطة الأوردة العميقة. وهي ما تشمل الأشخاص الذين لديهم:

·      إصابة سابقة بجلطة في الأوعية الدموية بالرئة، أو بجلطة الأوردة العميقة في الساق أو الفخذ.

·      وجود حالة “سرطان منتشر بالجسم“.

·      وجود اضطراب في شكل الأوردة، مثل دوالي أوردة الساقين أو الفخذين.

·      كون الشخص من المدخنين.

·      تناول هرمون «استروجين» الأنثوي، كما في حبوب منع الحمل أو حبوب الهرمونات الأنثوية التعويضية التي تُعطى في فترة بلوغ سن اليأس.

·      كون المرأة حاملا.

·      كون الشخص لديه سمنة أو زيادة بالوزن.

خمس خطوات للوقاية من جلطات الأوردة

“المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية” لخصت في خمس خطوات مهمة، وسائل الوقاية من الإصابة بجلطات الأوردة. وهي تشمل:

1.    حينما تضطر إلى الجلوس لفترات طويلة، مثل السفر بالطائرة أو السيارة أو القطار، لمدة تتجاوز أربع ساعات، عليك مراعاة النقاط التالية:

·      احرص على القيام والمشي كل ساعتين على أعلى تقدير.

·      قم بإجراء تمارين لتحريك القدمين والساقين، أثناء جلوسك على المقعد.

·      احرص على شرب كميات وافرة من الماء. وتجنب تناول الكحول أو المشروبات المحتوية على الكافيين.

2.    ما إن تتاح لك الفرصة، أي مباشرة بعد انقضاء رحلة السفر أو عند سماح الطبيب بالحركة بعد العملية الجراحية، احرص على المشي من آن لآخر.

3.    إن كنت من الأشخاص الذين ترتفع لديهم احتمالات خطورة الإصابة بجلطات الأوردة، ناقش الموضوع مع طبيبك لاستخدام أنواع الجوارب العالية، أي التي تصل إلى الركبة أو ما فوقها، لمنع حصول تجمع الدم في أوردة الساقين أو الفخذين.

4.    وإن كنت من هؤلاء الأشخاص أيضا، احرص على الاستفسار من طبيبك حول ما إذا كانت ثمة ضرورة لتناولك أحد الأدوية «المُسيّلة» للدم والمانعة من تجلط الدم.

5.    احرص دائما على ممارسة الرياضة البدنية، وعلى حفظ وزن الجسم ضمن المعدلات الطبيعية، وعلى عدم التدخين.

اقرأ أيضاً:

الخثار الوريدي العميق(DVT)

ماذا تعرف عن دوالي الساقين؟

الالتهاب الوعائي الخثاري المسد (Thromboangiitis obliterans) سببه التدخين