وفاة الأستاذ الأديب محمد حسن بريغش 19 جمادى الأولى 1424هـ (2003 م)
الأستاذ محمد حسن بريغش رائد من فرسان الأدب الإسلامي المعاصر، ومن المنظرين له والداعين إليه، كرَّس حياته وجهده لخدمة قضية الأدب الإسلامي والتعريف بها والذود عنها، وله في هذا المجال العديد من الكتب والدراسات المبتكرة.
وهو أحد مؤسسي رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وأول من تولَّى منصب أمين السر فيها كما كان عضو مجلس الأمناء لسنوات.
جرد قلمه على مدى أربعين عاما فأثرى الفكر الإسلامي بمؤلفات قيمة في مجال التربية والسيّر والأدب تكشف عن علم غزير، ولغة راقية، ونصح صادق.
عاش رحمه الله للأدب الإسلامي والكلمة الأمينة معتزًا بدينه وقيمه، زاهدًا في الأضواء عازفا عن الشهرة والمظاهر وزخارف الحياة.
نشأته
اسمه: محمد حسن بن علي بريغش وكنيته أبو الحسن.
من مواليد عام 1942م ببلدة التّل التي تُبعد 15كم شمال دمشق.
تفتَّحت عيناه وهو “يرى والده يَنحت الصخر يُعدُّه للبناء؛ ليعيل أولاده ويوفِّر لهم أسباب الحياة” و كان أغلب سكان بلدته يعملون في قطع الأحجار من الجبل ،وصقلها.
وكان والده يقول “لا أريد جمع الثروة أو امتلاك العقارات، ويكفيني من الثروة حصولكم على التعليم، وإذا رأيت أحدكم يقف ويخطب في الناس، ثم سقط ميتاً، أكون راضياً..” وكان لهذه الكلمات فعل السحر في نفسه.
درس بريغش المراحل الابتدائية والمتوسِّطة والثانوية بالتلِّ مسقط رأسه، ثم انتقل إلى جامعة دمشق، ومنها حصل على “الليسانس” تخصُّص اللغة العربية 1966م ، وعلى “دبلومة عامة في التربية” عام 1968م.
وفي ظل ظروفه الاجتماعية الصعبة اضطر لمُزاولة العمل منذ أن كان طالبًا؛ ففي العطلة الصيفية كان يعمل مساعداً في التمديدات الكهربائية، أوغيرها من الأعمال اليدوية، ليستعين بها -بعد الله عز وجل- على تلبية حاجات الدراسة.
دون أن يدفعه ذلك إلى التفريط في الدراسة، أو ترك مرافقة الكتاب، بل إن هذه الظروف صقلت شخصيته، ولقَّنته كثيرًا من دروس الصبر والتحمل والتعاون والأمل وعدم الضعف أوالكسل.
أحب القراءة والكتابة منذ الصّغر وبدأ الكتابة منذ بداية المرحلة المتوسّطة وكان لمدرسيه أثر كبير في تنمية حبه للقراءة و تشجيعه على الكتابة.
كان رحمه الله من صغره شغوفا بالقراءة الجادة، مقبلا علي القراءة لكتّاب عرفوا بالعمق من أمثال مصطفي صادق الرافعي وعباس محمود العقاد وغيرهم. وقد عبر عن هذه الحقيقة بقوله ” كنت أقرأ ما تصل إليه يدي، فلم يكن هناك منهج محدد لاختيار الكتب، لذلك قرأت الكتب التاريخية، ولا سيما ما يتعلق منها بالتاريخ الإسلامي، وتراجم الرجال والشخصيات، والكتب الثقافية والفكرية، والكتب الأدبية -من شعر وقصة ومسرحية ودراسة أدبية- وكتباً فلسفية وتربوية، وكتباً في الدراسات النفسية، وكتباً مترجمة ولا سيما في القصة والمسرح، وبعض القضايا الفكرية”
حياته العملية
عمل في التعليم الابتدائي معلمًا لفترة قصيرة بسوريا، وعمل في المحاسبة بالمؤسسة العامة للبريد طيلة فترة الدراسة الجامعية، ثم عمل بعد تخرجه بالتدريس بالمرحلتين المتوسطة والثانوية بضع سنين، ثم ألقى عصاه في المملكة العربية السعودية عام 1975م، وعمل بها مدرسًا في بداياته، ثم عمل مشرفا على مناهج تعليم اللغة العربية قسم المناهج التابع للرئاسة العامة لتعليم البنات بالرياض وظل بهذا العمل حتى عام 2000م.
مؤلفاته
أثرى بريغش المكتبة الإسلامية بكتابات متنوعة في السير والتربية والأدب تُقدَّر بما يفوق عشرين مؤلَّفًا، وقارئ هذه الكتب وتلك الدراسات يستشعر المجهود الضخم الذي بذله الكاتب في كتابتها، كما تكشف عن سعة المعرفة، وعمق المعالجة للموضوعات التي يتناولها بالبحث، وإليك أسماء بعض مؤلفاته :
1- مصعب بن عمير الداعية المجاهد 1974م.
2- ظاهرة الرِّدة في المجتمع الإسلامي الأول 1974م.
3- المرأة المسلمة الداعية 1979م.
4- ديوان هاشم الرفاعي “الأعمال الكاملة”، جمع وتحقيق 1980م.
5- أسماء ذات النطاقين ( جزأين ) 1981م.
6- أبو بصير “قمة في العزة الإسلامية” 1981م.
7- نسيبة بنت كعب الأنصارية 1982م.
8- في الأدب الإسلامي المعاصر “دراسة وتطبيق”. 1982م.
9- خالد بن سعيد بن العاص الصحابي المجاهد 1987م.
10- الأدب الإسلامي أصوله وسماته. 1992م.
11- أدب الأطفال أهدافه وسماته. 1992م.
12- في القصة الإسلامية المعاصِرة دراسة وتطبيق. 1992م.
13- دراسات في القصة الإسلامية المعاصِرة مع عرض ودراسة لعدد من قصص الدكتور نجيب الكيلاني 1994م.
14- “أم أيمن” حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم “بركة بنت ثعلبة” 1998م.
15- الصحوة الإسلامية وآفاق التربية 1998م.
16- مجموعة قصصية باسم “الشيخ والزعيم” (2001 م)
تضمُّ القصص القصيرة الآتية: همام وطبيب القلب – توقفت الآلة الصغيرة – مسافر – تماثيل من الشمع – الشجر لا يموت إلا واقفا – من أوراق الدكتور سعد – الإجازة والغربة – الشيخ والزعيم – الحلم والثعبان.
17- المرأة الداعية والأسرة المسلمة 2002م.
18- نحو منهج تربوي أصيل 2003م.
19- التربية ومستقبل الأمة 2003م.
كما شارك في تأليف عدد من الكتب الدراسية، منها: كتاب المُرشِد في الإملاء لمعلمات المرحلة الابتدائية – كتاب القراءة والكتابة للسنة الأولى لمرحلة مكافحة الأمية وتعليم الكبيرات (من نسختين مختلفتين؛ الأولى للطالبات، والثانية للمعلِّمات)، وكتاب تعليم المرأة في المملكة العربية السعودية خلال مائة عام، (وهي موسوعة كبيرة من حوالي ألف صفحة)، و كتاب “مختارات من الشعر الإسلامي الحديث لعدد من شعراء رابطة الأدب الإسلامي “جمع و اختيار أصدرته الرابطة.
كما أن له عشرات المقالات والدراسات التي نشرت في الصحف والمجلات العربية والإسلامية.
وفاته
عانى الأستاذ بريغش من مرض القلب لسنوات قبل وفاته، واشتدت هذه المعاناة خاصة بعد فقده ابنه الأوسط في حادث سير قبل قرابة عام من رحيله، حتى كان يوم الوفاة يوم السبت 19 جمادى الأولى 1424هـ الموافق 19من يوليو 2003 م، بمدينة الرياض ودفن فيها في اليوم التالي، رحمه الله رحمة واسعة، وجعل مثواه الدرجات العالية من الجنة.