حديث الرسول مع جبريل
٠٧:٤٨ ، ٢٤ ديسمبر ٢٠١٩
}
جبريل عليه السلام
لقد ميّز الله تعالى سيدنا جبريل -عليه السلام- عن سائر الملائكة؛ فهو قائدهم الأول، وأعظهم شأنًا ومكانةً، وقد أعطاه من الخواص ما لم يعطِ أحدًا غيره؛ إذ إنه الحامل لشرائع الله تعالى إلى خلقه، وهو الموكّل بتدمير الأمم الظالمة، كما أنّ الله تعالى خلقه بهيئةٍ عظيمة، وقوةٍ هائلة ليكون قادرًا على تنفيذ ما يأمره به الله تعالى، وقد ورد في القرآن الكثير من الآيات الكريمة التي تدل على ذلك، إذ يقول تعالى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2)وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} [النجم: 2-6]، وقال أيضًا في وصفه: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 192-195]، وفي هذه الآية المباركة يصف الله تعالى سيدنا جبريل بالروح الأمين، وهو الرسول الكريم الذي يُبلّغ رسل الله تعالى في الأرض ما أراد ربّ العزة، بما في ذلك تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، والذي نزل بها على سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام-، وفي هذا المقال سنذكر حديثًا دار بين سيدنا جبريل -عليه السلام-، وسيدنا محمد -عليه السلام-[١].
‘);
}
حديث الرسول مع جبريل
روى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: (بينَما نحنُ ذاتَ يومٍ عندَ نبيِّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذ طلعَ علَينا رجلٌ شَديدُ بياضِ الثِّيابِ، شديدُ سوادِ الشَّعرِ لا يُرى قالَ يزيدُ: لا نَرى عليهِ أثرَ السَّفرِ، ولا يعرفُهُ منَّا أحدٌ، حتَّى جلسَ إلى نبيِّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فأسندَ رُكْبتيهِ إلى رُكْبتيهِ، ووضعَ كفَّيهِ على فَخِذَيهِ، ثمَّ قالَ: يا مُحمَّدُ أخبرني عنِ الإسلامِ، ما الإسلامُ؟ فقالَ الإسلامُ أن تشهدَ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّهِ، وتقيمَ الصَّلاةَ، وتُؤْتيَ الزَّكاةَ، وتَصومَ رمضانَ، وتحجَّ البيتَ إنِ استطعتَ إليهِ سبيلًا قالَ: صدقتَ. قالَ: فعجِبنا لَهُ، يسألُهُ ويصدِّقُهُ، قالَ: ثمَّ قالَ: أخبرني عنِ الإيمانِ، قالَ: الإيمانُ أن تُؤْمِنَ باللَّهِ وملائِكَتِهِ وَكُتبِهِ ورسلِهِ واليومِ الآخرِ، والقدرِ كلِّهِ خيرِهِ وشرِّه قالَ: صدَقتَ، قالَ: فأخبِرني عنِ الإحسانِ، ما الإحسانُ؟ قالَ يَزيدُ: أن تعبدَ اللَّهَ كأنَّكَ تَراهُ، فإن لم تَكُن تَراهُ، فإنَّهُ يراكَ قالَ: فأخبِرني عنِ السَّاعةِ، قالَ: ما المَسؤولُ عنها بأعلمَ بِها منَ السَّائل قالَ: فأخبِرني عن أماراتِها، قالَ: أن تلدَ الأمةُ ربَّتَها، وأن تَرى الحفاةَ العراةَ رعاءَ الشَّاءِ يتطاولونَ في البناء قالَ: ثمَّ انطلقَ فلبِثَ مليًّا -قالَ يزيدُ: ثلاثًا- فقالَ لي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: يا عمرُ أتدري منِ السَّائلُ؟ قالَ: قلتُ: اللَّهُ ورسولُهُ أعلمُ، قالَ: فإنَّهُ جبريلُ، أتاكم يعلِّمُكُم دينَكُم) [المصدر: مسند أحمد| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح]، إن هذا من أعظم الأحاديث قدرًا ومكانة في الشريعة الإسلامية، فقد بين أُسس الدين الإسلامي بأبسط الأساليب، إذ قسّم الدين الإسلامي إلى ثلاث مراتب، نذكرها فيما يأتي[٢]:
- الإسلام: هو أن يتعبد المسلم لله تعالى بما شرع من عبادات، كما أنه يقوم على أركان ستة، أولها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، أما عن مكنون المعنى للإسلام فهو الأعمال الظاهرة التي يؤديها المسلم تقربًا إلى الله تعالى.
- الإيمان: هو الاعتقادات الباطنة للمسلم، ويتضمن الإيمان ثلاثة أمور رئيسية، وهي الإقرار بالقلب، والحديث باللسان، وإتمام العمل بالجوارح، فيقول تعالى في ذلك: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: 15].
- الإحسان: مرتبة الإحسان هي المرتبة الأعلى في الدين الإسلامي، والتي تتمثل فيها العبودية الخالصة لله تعالى التي بلغ الإخلاص بصاحبها أن يعبد ربه كأنه يراه، وإن لم يكن يراه فإنه يستشعر مراقبة الله له، ورفقته تعالى في كافة شؤون حياته، وقد امتدح الله تعالى عباده المحسنين بالكثير من الآيات، إذ يقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} [النحل: 128].
ولم يقف الحديث عن تبيان أمور الدين الإسلامي وأركانه فحسب، بل إنه تطرّق للحديث عن الساعة لما لها من أهمية كبيرة، ولكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بيّن لنا أن الساعة في علم الله تعالى وحده، لا يعلم موعدها أحد غيره، ولكن قد وضّح بعض الإمارات التي تسبقها.
[wpcc-script async src=”https://cdn.wickplayer.pro/player/thewickfirm.js”]
هل رأى الرسول جبريل على هيئته الحقيقية
لقد وردت العديد من الإشارات القرآنية، والأحاديث الواردة في السنة النبوية المطهّرة، والتي تدل على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد رأى سيدنا جبريل -عليه السلام- على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها، ويقول أهل العلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رآه على هذه الهيئة مرتين؛ المرة الأولى كانت في بداية الوحي في غار حراء، والتي نزلت على إثرها سورة المدثّر، وفي ذلك ما يرويه جابر بن عبد الله، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يُحَدِّثُ عن فَتْرَةِ الوَحْيِ، فَقالَ في حَديثِهِ: فَبيْنَا أنَا أمْشِي إذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا المَلَكُ الذي جَاءَنِي بحِرَاءٍ جَالِسًا علَى كُرْسِيٍّ بيْنَ السَّمَاءِ والأرْضِ، فَجَئِثْتُ منه رُعْبًا، فَرَجَعْتُ فَقُلتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَدَثَّرُونِي، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أيُّها المُدَّثِّرُ} إلى {وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ} قَبْلَ أنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ وهي الأوْثَانُ) [المصدر: صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، فضلًا عما ورد في القرآن الكريم عن هذه الرؤية، إذ يقول تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} [التكوير: 23]، ويقول في ذلك أيضًا الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: (يعني: ولقد رأى محمدٌ جبريل الذي يأتيه بالرسالة عن الله عز وجل على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح، (بِالأفُقِ الْمُبِينِ) أي: البين، وهي الرؤية الأولى التي كانت بالبطحاء (موضع بمكة)، وهي المذكورة في قوله: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴿٥﴾ ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ﴿٦﴾ وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ﴿٧﴾ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ﴿٨﴾ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ﴿٩﴾ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى } [النجم: 5-10]، كما تقدم تفسيرُ ذلك وتقريره، والدليلُ أن المرادَ بذلك جبريل عليه السلام)، كما أنه رآه مرةً أخرى، يقول الله تعالى في ذلك: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ﴿١٣﴾ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى ﴿١٤﴾ عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ﴿١٥﴾ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} [النجم: 13-16][٣].
المراجع
- ↑“جبريل عليه السلام.. الملك القائد”، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 23-12-2019. بتصرّف.
- ↑“حديث جبريل عليه السلام”، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 23-12-2019. بتصرّف.
- ↑“رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام”، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 23-12-2019. بتصرّف.