هل تعرف أحداً يتناول الكثير من ملح الطعام أو الأطعمة التي تحتوي على الكثير من الملح وفي نفس الوقت لديه ضغط دم طبيعي؟ هذا الشخص ليس لديه حساسية تجاه الملح (بالإنجليزية: Salt Sensitivity) والتي تعني أن ضغط الدم عنده لا يرتفع نتيجة تناوله لأطعمة تحتوي على الكثير من كلوريد الصوديوم (ملح الطعام)، وعلى الجانب الآخر يوجد كثير من الناس يرتفع لديهم ضغط الدم حوالي خمس درجات تقريباً بعد تناولهم أطعمة تحتوي على الكثير من الملح وبذلك ترتفع حساسية أجسامهم تجاه الملح، يعد الصوديوم من المعادن الهامة لجسم الإنسان حيث يعمل على المحافظة على حجم الدم، ونقل الإشارات العصبية، ويساعد في انقباض العضلات، ولكن زيادته عن المعدل الطبيعي يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، ومع زيادة كمية تناول ملح الطعام في الفترة الأخيرة في معظم الدول النامية زادت معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم (بالإنجليزية: Hypertension) بصورة كبيرة، حيث يبلغ عدد المصابين بهذا المرض حوالي ٣٠% من سكان العالم.

اقرأ أيضاً: معتقدات خاطئة عن ارتفاع ضغط الدم

ما هي حساسية الجسم تجاه الملح؟

تعرف حساسية الملح، وما يصاحبها من ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والشرايين، بمدى ارتفاع ضغط الدم في الجسم نتيجة زيادة كمية تناول ملح الطعام، وتزداد مع تقدم العمر وزيادة وزن الجسم، ووجد أن ٦٠% من المرضى المصابين بارتفاع ضغط الدم لديهم حساسية تجاه الملح، بينما يرتفع الضغط لدي بقية المصابين نتيجة لأسباب أخرى.

أسباب حدوث حساسية تجاه الملح

تختلف الأسباب التي تؤدي إلى حدوث حساسية الملح من أسباب وراثية إلى أسباب بيئية؛ ولذلك تختلف الطرق التي تؤدي إلى حدوث حساسية الملح في الجسم وارتفاع في ضغط الدم، ومن الأسباب الوراثية:

  • تأثير بعض العوامل الوراثية أو الجينات (بالإنجليزية: Genes) على إنزيم في الجسم يسمى الرينين (بالإنجليزية: Renin) الذي يفرز ويخزن في الكلى.
  • تأثير بعض الجينات على إنتاج هرمون الالدوستيرون (بالإنجليزية: Aldosterone) الذي يعمل على زيادة حجم الدم.
  • تأثير بعض الجينات على انتقال الصوديوم والمعادن داخل الجسم.
  • حدوث خلل في الجهاز العصبي الودي (بالإنجليزية: Sympathetic Nervous System).
  • حدوث خلل في مضخة نقل الصوديوم عبر غشاء الكلى.
  • حدوث خلل في الخلايا المبطنة للأوعية الدموية (بالإنجليزية: Vascular Endothelium) فتؤثر على انقباضها وانبساطها مما يؤثر على ضغط الدم.
  • حدوث خلل في الكلى يبطئ من عملية إخراج الملح من الجسم.

ومن الأسباب البيئية:

تناول ملح الطعام بكمية أكبر من المعدل الطبيعي في النظام الغذائي مما يجعل الجسم أكثر تأثراً لحدوث حساسية الملح وحدوث ارتفاع ضغط الدم.

للمزيد: ارتفاع ضغط الدم وأسبابه

حساسية الجلد تجاه الملح

اكتشف فريق طبي في جامعة ميونيخ أن أيونات الصوديوم التي تنتج في الجسم عند تناول ملح الطعام تعمل على تحفيز بعض الخلايا التائية للتحول إلى خلايا من النوع (Th2) التي تزيد من إنتاج بروتين يسمى الإنترلوكين (IL-4 ،IL-13)، الذي يزيد من خطر الإصابة بالتهابات الجلد مثل التهاب الجلد التأتبي (بالإنجليزية: Atopic Dermatitis) أو الإكزيما (بالإنجليزية: Eczema)، وعند قياس كمية أيونات الصوديوم في مناطق الجلد المصابة بالالتهاب وجد أنها تعادل كمية الصوديوم في مناطق الجلد الطبيعي ٣٠ مرة، وهذا يؤدي إلى زيادة نمو البكتيريا العنقودية الذهبية (بالإنجليزية: Staphylococcus Aureus) التي يزيد نموها عند زيادة كمية أيونات الصوديوم عند مناطق الجلد المصابة بالالتهاب على عكس باقي البكتيريا المتعايشة (بالإنجليزية: Commensal) الأخرى.

قياس حساسية الجسم تجاه الملح

لا يوجد اختبارات معملية يمكن بواسطتها قياس حساسية الجسم تجاه الملح، ولكن اكتشف العلماء في مجال الأبحاث الجينية وجود واسم جيني (بالإنجليزية: Genetic Marker) يرمز له بالرمز (GNAI2) مرتبط بحدوث حساسية الملح في الجسم وارتفاع ضغط الدم، ويمكن بواسطته معرفة الأشخاص الأكثر عرضة لحدوث حساسية الملح ومضاعفاتها مثل (ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، وأمراض الكلى)، حيث أن وجود هذا الواسم الجيني في جسم الشخص يجعله أكثر تعرضاً لحدوث حساسية الملح ثلاثة أضعاف الأشخاص التي لا تحتوي أجسامهم على هذا الواسم الجيني، ويفيد ذلك في الوقاية من المضاعفات واختيار العلاج المناسب للحالات المصابة بمضاعفات حساسية الملح، ولكن قياس هذا الواسم يكون صعباً ومكلفاً للمريض.

استخدام الأدلة الجينية في العلاج

يعتمد علاج ارتفاع ضغط الدم في أيامنا الحالية على تجربة الدواء على المريض ومتابعة مدى تأثيره على خفض ضغط الدم، ثم تجربة دواء آخر ومتابعة النتيجة، وهكذا إلى أن ينخفض ضغط الدم لدى المريض، مما يعني أن علاج ارتفاع ضغط الدم يتم بشكل عشوائي إلى حد ما، ونأمل في المستقبل القريب أن يكون اتخاذ القرار بشأن اختيار الدواء المناسب لعلاج ارتفاع ضغط الدم يتم بطريقة أكثر دقة اعتماداً على القياسات الجينية ومعرفة الأشخاص المعرضين لحدوث حساسية الملح، ومعرفة الأسباب الصحيحة لارتفاع ضغط الدم لدى المريض، مع استخدام التجارب السريرية والاختبارات المعملية وفحوصات الدم مما يساعد على علاج كل حالة على حدة بشكل صحيح.

اقرأ أيضاً: الجينات البشرية وفائدتها في علاج الأمراض الوراثية