‘);
}
حق المرأة في اختيار الزوج
لقد كرّم الإسلام المرأة، وحَفِظ لها حقّها في اختيار الزوج، واحتَرَم إرادتها في ذلك، إذ يعدّ هذا الموقف من أدقّ المواقف في حياتها، ومن الأدلة الشرعية على حق المرأة في اختيار الزوج ما يأتي:[١]
- عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (سَأَلْتُ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- عَنِ الجَارِيَةِ يُنْكِحُهَا أَهْلُهَا، أَتُسْتَأْمَرُ أَمْ لَا؟ فَقالَ لَهَا رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-: نَعَمْ، تُسْتَأْمَرُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلتُ له: فإنَّهَا تَسْتَحِي، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-: فَذلكَ إذْنُهَا، إذَا هي سَكَتَتْ).[٢]
- والحديث الشريف فيه دلالة على اشتراط إِذْنِ البكر البالغ، فلا يجوز إجبارها على الزواج، والبِكْر هي التي لم يسبق لها الزواج، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وقال به شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.
‘);
}
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تُنْكَحُ الأيِّمُ حتَّى تُسْتَأْمَرَ، ولا تُنْكَحُ البِكْرُ حتَّى تُسْتَأْذَنَ قالوا: كيفَ إذْنُها؟ قالَ: أنْ تَسْكُتَ).[٣]
- والحديث الشريف فيه دلالة على عدم جواز تزويج الأيّم بغير إذنها ورضاها، والأيّم هي الثيّب التي فارقت زوجها بموتٍ أو طلاقٍ؛ أي سبق لها الزواج من قبل، وفي هذا الحديث أيضاً قد فرّق النبي بين الثيّب والبكر، فذكر في حق البكر (الإذن)، وفي حق الثيب (الأمر).
- وذلك لكون البكر تستحي أن تتكلّم في أمر زواجها؛ فجعل إذنها صمتها، بينما الثيِّب زال عنها حياء البكر، فتتكلم في زواجها؛ وتخطب لنفسها، وتأمر الولي أن يزوّجها، ولكن النبي لم يفرّق بينهم من حيث الإجبار والإكراه على الزواج.
حق الحاكم برد النكاح إن لم يكن عن رضا المرأة
هناك العديد من الأدلة الشرعية التي تنصّ على حق الحاكم برد النكاح إن لم يكن عن رضا المرأة، وقد ثبتت في السنة النبوية، وهي على النحو الآتي:
- عن خنساء بنت خذام الأنصارية -رضي الله عنها-: (أنَّ أبَاهَا زَوَّجَهَا وهْيَ ثَيِّبٌ، فَكَرِهَتْ ذلكَ، فأتَتْ رَسولَ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، فَرَدَّ نِكَاحَهُ).[٤]
- عن نافع: (أنَّ ابنَ عُمَرَ تزوَّجَ بنتَ خالِهِ عثمانَ بنِ مظعونٍ، قال: فذهَبتْ أمُّها إلى النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فقالت: إنَّ ابنتي تَكرَهُ ذلك، فأمَره النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أن يُفارِقَها، وقال: لا تَنكِحوا اليتامى حتى تستأمِروهنَّ، فإذا سكَتْنَ، فهو إذنُهنَّ؛ فتزوَّجَها بَعْدَ عبدِ اللهِ المغيرةُ بنُ شُعْبةَ).[٥]
حسن اختيار الزوج حق من حقوق الأبناء
إن من حقّ الأبناء على الآباء والأمهات قبل وجودهم أن يُحسنوا الاختيار؛ فتختار الأم زوجاً صالحاً يحفظ أولادها، ويقوم على تربيتهم؛ لأن المرأة إذا لم تحسن اختيار زوجها، وعلمت أنه زوج سيضيّع حقوق أولاده، وفرّطت وتساهلت، فإن الله سيحاسبها على ذلك.[٦]
والمنبت الطيّب يجب أن يكون أساس اختيار الزوج، فالناس معادن كما أخبر سيد البشر -صلى الله عليه وسلم-، وفيهم المعدن الكريم الذي طابت أصوله، وإذا طابت الأصول طابت الفروع.[٦]
المراجع
- ↑محمد المقدم، عودة الحجاب، صفحة 327-336. بتصرّف.
- ↑رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1420، صحيح.
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6970، صحيح.
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن خنساء بنت خذام ، الصفحة أو الرقم:5138، صحيح.
- ↑رواه شعيب الأرناووط ، في تخريج شرح السنة، عن نافع، الصفحة أو الرقم:36، إسناده قوي.
- ^أبمحمد الشنقيطي، فقه الأسرة، صفحة 5. بتصرّف.