حق المرأة في التعبير رأيها وفي الدفاع عن حقوقها

حق المرأة ، أتاح الإسلام للمرأة الفرصة للتعبير عن رأيها، والدفاع عن حقوقها، وليس أدل على ذلك من أنه في صدر الإسلام ذهبت امرأة تسمى (الخنساء بنت خدام الأنصارية) تشكو إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن أبوها زوجها دون رضاها، فقال لها:لا نكاح لأبيك عليك، انكحي مَن شئت، فقالت: أجزت ما صنع أبي، ولكني أردت أن يعلم النساء أنْ ليس لآبائهن عليهن سلطان .

حق المرأة في التعبير رأيها وفي الدفاع عن حقوقها

ونرى إحدى النساء الصحابيات في شجاعة أدبية تُخاطب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وكأنها تتطلع إلى حق جديد، تطمَح أن يكون مُخبأً بين أسطُر الشريعة الغَرَّاء من فيض الحقوق التي انهالت عليها وعلى نساء عصرها من المُهاجِرات والأنصاريات، قائلة له – صلى الله عليه وسلم-: “ما أرى كلَّ شيء إلا للرجال، ما أرى النساء يذكرون في شيء” ، فنَزَلت الآية:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ }.

كذلك لم تجد المرأة غضاضة في المطالبة بحقوقها حين يتقاعس زوجها عن أدائها، فعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: “جاءت هند إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يُعطيني ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت من ماله وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف” .

حق المرأة ، ولم تتوان المرأة عن الاستمرار في شكواها حين يتم ظلمها، حتى تحصل على ما تريد، ولنا في قصة (خولة بنت ثعلبة) خير مثال في المجادلة حتى تحصل على حقها، فقد ذهبت لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – تشكو زوجها الذي قال لها حين غضب منها: أنت عليّ كظهر أمي، ثم رفضت أن يقترب منها قبل أن يحكم في أمرهما رسول الله.

وقد طلب منها الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن تُسامحه؛ لأنه ابن عمها وهو شيخ كبير، لكنها استمرت في شكواها ورفضها العودة إليه بسهولة، حتى نزل قوله تعالى:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إلى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

وهو الحكم الذي قضى بألا تعود لزوجها قبل أن يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينًا، وكان في ذلك درس لزوجها؛ حتى لا يعود لفعلته ثانية .

حق المرأة

وقد ظهرت جرأتها في الحق وحرصها على إبداء رأيها في مواقفَ كثيرة بعد ذلك، لعل أشهرها حين استوقفت عمر بن الخطاب – بعد أن صار خليفة – ذات مرة، وقالت له: هَيهات يا عمر، عهدتك وأنت تُسمى عميرًا في سوق عكاظ، ترعى الضأن بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سُميت عمرَ، ثم لم تذهب الأيام حتى سُميت أمير المؤمنين، فاتَّق الله في الرعية، واعلَم أنه من خاف الوعيد، قرُب عليه البعيد، ومن خاف الموت خُشِي عليه الفوت، فلما عاتَبها من كان معه على مخاطبتها لعمر بهذا الشكل،قال عمر: دعها، أما تعرفها، فهذه خولة التي سمع الله قولها من فوق سبع سموات، فعمر والله أحق أن يسمع لها .

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *