هل لك – أستاذ فادي – أن تقدم نفسك للاخوة قراء الشبكة الإسلامية ؟ .size=3>
ج: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد، أنا من مواليد بيروت، متزوج، وأحمل الجنسيتين اللبنانية والبريطانية، تخصصي الأساسي إدارة أعمال، أنهيت مؤخرا رسالة الماجستير من جامعة لندن في مجال إدارة المؤسسات الحكومية والمنظمات الخيرية.
عملت لفترة إحدى عشر عاما في الإغاثة الإسلامية كمدير لفرع بريطانيا، ومنذ سنة ونصف أشغل منصب المدير العام لدور الرعاية الإسلامية في بريطانيا.
س: دار الرعاية الإسلامية في لندن من أقدم المراكز التي احتضنت الجالية المسلمة في هذه البلاد، هل لك أن تحدثنا عن تاريخ دار الرعاية الإسلامية؟ size=3>
ج:تعد دار الرعاية الإسلامية من أوائل المراكز الإسلامية، ليس في المملكة المتحدة فحسب ولكن في أوروبا، أسست بجهود عدد من الطلبة المسلمين؛ وذلك لتلبي حاجتهم وتجمعهم على اختلاف ألوانهم وأعرافهم ولغاتهم، فكانت الدار ملتقى إسلاميا لهؤلاء الطلبة، يلتقون فيها ويتعارفون ويتعرفون على قضايا بلادهم وهمومهم المشتركة، ويقيمون فيها شعائر دينهم الحنيف ويحتفلون بأعيادهم.. بل إن بعضهم يتعرفون على دينهم ويكتشفون هويتهم بعد أن ضاعت بعض ملامحها وانمحت بعض خصائصها ، وكان ذلك قبل ثلاثين عاما تقريبا ، وقام الإخوة باستئجار المبنى الرئيسي لدار الرعاية في لندن لمدة مائة سنة ابتداء من عام 1976 م .
س: دور الرعاية الإسلامية في بريطانيا كثيرة ومتعددة ؟ ما هي هذه الدور ؟ وهل هناك إيحاء خاص للاسم ( دار الرعاية )؟size=3>
ج: لدار الرعاية الإسلامية اثنا عشر فرع في أنحاء بريطانيا، وهذه الدور تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول يقدم نشاطات متعددة مثل المسجد والمكتبة الإسلامية ونشاطات دعوية واجتماعية وثقافية وتعليمية.
والقسم الأخر عبارة عن دور سكن للطلبة المسلمين يؤمن لهم الجو الإسلامي الطيب والصحبة الصالحة. والاسم مشتق من الحاجة إلى من يرعى ويهتم بشؤون واحتياجات هذه الأمة اليتيمة وأبنائها وبالأخص في الغرب.
س: ما هي المشاريع والنشاطات التي تقومون عليها ؟ سواء في الدار المركزية بلندن أو بقية الفروع ؟size=3>
ج : أدرك القائمون على الدار الحاجات المتزايدة للمسلمين المغتربين من طلبة وعاملين وقادمين جدد؛ فعملوا على تلبيتها، فوفرت لهم الدار المسجد والمكتبة، وطبعت لهم الكتاب الإسلامي والشريط الإسلامي، ولأطفالهم مدرسة نهاية الأسبوع ، ووفرت لشبانهم الدورات التدريبية على أجهزة الكومبيوتر، ودورات تحفيظ القران الكريم والنشاطات الكشفية، كما وفرت لنسائهم دورات تعليم الخياطة، ووفرت للجميع دورات اللغة الإنكليزية ليتمكنوا منها ويندمجوا في المجتمع الذي يعيشون فيه اندماجا إيجابيا.. وقبل ذلك كله وفرت للجميع جوا إسلاميا طيبا يعيد للمغترب الآلفة والمحبة.
س : لكم تجربة ناجحة في الاستفادة من الدعم الذي يأتي من المؤسسات الاجتماعية البريطانية ، هل يمكنك أن تحدثنا عن هذه التجربة ؟ وما هو الدعم الذي تلقيتموه ؟ size=3>
ج:بدأنا منذ سنة تقريبا بخطة الانفتاح والتعامل مع مؤسسات المجتمع بشكل عام ومحاولة فهم كيفية التعامل والتفاعل معها ومن أحد أهم البرامج وحصيلة هذا التفاعل هو كيفية الحصول على دعم مادي ومعنوي لنشاطات الدار، وبالأخص التعليمية والتدريبية، وبفضل الله نجحنا بالحصول على عدة برامج لدعم نشاطاتنا مثل دورات التدريب على الكومبيوتر واللغة الإنكليزية ودورات الخياطة ومساعدة أطفال المدارس في أية مواد مقصرين بها، إضافة إلى ذلك حصلنا على دعم لمشروع مهم وحيوي وهو مساعدة من يريد أن يبدأ مشروع تجاري أو محاولة تطويره وذلك بتأمين التدريب، وذلك بالتعاون مع العديد من الهيئات والإدارات المتخصصة في هذا المجال.
دعم هذه البرامج يأتي من عدد من المؤسسات الرسمية البريطانية والأوروبية، والحقيقة أن حصولنا على هذا الدعم يبطل نظرية أن المنظمات الإسلامية ليس لها وجود أو اعتبار أو أنها لن تحصل على أي دعم مهما فعلت، كما كان يظن العديد من المسلمين، لا بل على العكس وجدنا أن الكثير من الهيئات تبحث عن من يساعدها لكي تساعد جاليات لا تستطيع هي الوصول إليها، ووجدنا أن المفتاح للحصول على ثقة هذه الهيئات هو التنظيم والترتيب الإداري لمؤسساتنا، وكذلك الشفافية في كل معاملتنا.
س: بعد أحداث 11/9 كان لدار الرعاية، ولكم شخصيا نشاطات، وتحركات واسعة فيما يخص العلاقة مع المجتمع البريطاني على المستوى الرسمي والشعبي ، هل من تفصيل لهذا الأمر ؟size=3>
ج: شكلت أحداث سبتمبر نوعا من الجو المشحون، أثّر وبشكل كبير على الجالية المسلمة بشكل سلبي وهدد الكثير من الإنجازات التي حققتها الجالية خلال الفترة الماضية، إضافة إلى أنه عرض المسلمين ومؤسساتهم إلى العديد من الاعتداءات ، مما استدعى أن نتحرك ، ومنظمات إسلامية أخرى، لحماية الجالية والحفاظ على إنجازاتها، ومنها العلاقات الطيبة مع أطراف مختلفة في المجتمع البريطاني وتوضيح موقف وصورة الإسلام مما ينسب إليه من افتراءات. فكان لنا اتصالات ولقاءات مع العديد من الجهات الرسمية منها وزارة الداخلية وقيادة الشرطة ووزارة الخارجية وعمدة مدينة لندن ومجموعة من نواب البرلمان، وأخرى شعبية مع مجموعات حوار الأديان ومنظمات علاقات الجاليات ووسائل الإعلام المختلفة.
س: هل هناك من تعاون بينكم وبين بقية المراكز والمؤسسات الأخرى الإسلامية في بريطانيا؟ وكيف يتم هذا التعاون ؟size=3>
ج: هناك تعاون طيب ووثيق بيننا وبين العديد من المنظمات الإسلامية، مثلا نحن عضو في المجلس الإسلامي البريطاني، والرابطة الإسلامية في بريطانيا، واتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، وعلى مستوى لندن نحن عضو مؤسس لمجلس التنسيق بين أكبر المراكز الإسلامية في لندن حيث هناك لقاءات دورية تناقش مواضيع وقضايا مهمة للجالية المسلمة مثل رؤية الهلال ومواقيت الصلاة، ونعقد برامج ومؤتمرات مشتركة تعالج مواضيع حساسات مثل الأسرة وتربية الأولاد في الغرب، اللغة العربية وتدريسها والخ.
س: ما هي مشاريعكم المستقبلية لتطوير العمل في دار الرعاية الإسلامية وفروعها؟ وماذا تطلب من الجالية المسلمة في بريطانيا والمسلمين في العالم لدعم وتقوية هذه المشروعات الهامة والحيوية للإسلام في الغرب ؟size=3>
ج :من أهم مشاريعنا المستقبلية تفعيل دور الدار أكثر على المستوى الوطني في كافة أنحاء بريطانيا، وكذلك تدريب وتنشيط الجالية المسلمة اكثر للحفاظ على دينها ولغتها ولكي تزيد نسبة مشاركتها السياسية والاجتماعية والثقافية في المجتمع البريطاني، وكذلك تحسين البنية التحية للدار وتوسعة طاقتها الاستيعابية لكي تتناسب مع حجم وتزايد أعداد الجالية المسلمة، ونسعى إلى تهيئة فريق عمل مدرب ومتكامل لخدمة الجالية على كافة المستويات.
والحق يقال أن الاحتياجات في تزايد، والموارد لا تكاد تكفي، والتحدي كبير للحفاظ على الجالية وجعلها قوية ولها أثر فعال في الغرب، وكلما تحسنت أوضاعها وقوي موقعها كلما أصبح دورها أقوى لخدمة المجتمع الذي تعيش فيه وخدمة القضايا العربية والإسلامية في كل مكان.. ولا ننسى أن الكثير من القرارات التي تؤثر في دول المشرق تتخذ في الغرب، لذا على المسلمين والدول الإسلامية أن تشعر بهذا الامتداد الطبيعي والاستراتيجي لها في الغرب، وتحاول دعمه وتقويته.
س: ما هي الصعوبات والمشاكل التي يواجهها المسلمون في بريطانيا، حسب ما تطلع عليه من مشاكل الجالية المسلمة في مراكزكم المختلفة؟ size=3>
للإجابة على هذا السؤال لا بد من أن نوضح أن الجالية ممكن أن نقسمها إلى قسمين: قسم أصبح له فوق العشر سنوات في بريطانيا، والقسم الأخر تحت العشر سنوات أو حتى أقل من خمس سنوات، وهموم ومشاكل القسمين تختلف في العديد من الأشياء ، وإن كانت تلتقي في بعضها.
ولكن بشكل عام ممكن أن نذكر بعض العقبات والمشاكل مثل مشكلة عدم الاستقرار: فالكثيرون ما زالوا مترددين بين الوطن الجديد والوطن الأم، وذلك على الرغم من أن العديد منهم أصبح لهم في بريطانيا فوق العشر سنوات أو أكثر، وما زالت هموم بلدانهم الأصلية تطغى على تفكيرهم.
المشكلة الأخرى: الحفاظ على اللغة الأم للأجيال الجديدة ، والخوف عليها من الانصهار، ومشكلة التعليم، والمعاناة من التمييز العنصري والديني.
ومن المشاكل الأخرى عدم التفاعل الكافي مع المجتمع البريطاني ..
ومن أهم المشاكل في رأيي: عدم تمثيل الإسلام بالمستوى المطلوب.
س: ما هو تقييمك لعمل المؤسسات الإسلامية في بريطانيا؟ وهل من نصيحة توجهها للعاملين في هذه المؤسسات عن كيفية التعامل مع المجتمع الذي يعيشون فيه؟ size=3>
المؤسسات الإسلامية قدمت الشيء الطيب للجالية، وحسنت العلاقة مع العديد من الجهات الرسمية والشعبية، ولكن أمام الكثير منها العديد من التحديات.. فبعض المؤسسات مازالت تتخبط في أداءها، فهي ـ وإن كانت قائمة في الغرب ـ إلا أنها تدار وكأنها تعيش في الشرق، وأخرى تقلد أو تنافس منظمات إسلامية أخرى بدل أن تبحث عن جديد أو أية ثغرة لم تسد فتسدها أو تتعاون وتساعد منظمات قائمة، هذا وللعلم أن احتياجات الجالية كثيرة وتحتاج مؤسسات تكون على مستوى المسؤولية فتخدم جاليتها وتمثلها وديننا الحنيف على المستوى المطلوب.
أما من ناحية كيفية التعامل مع المجتمع، فهذا حديث يطول، ولكن باختصار: المجتمع البريطاني مجتمع منفتح ومبني على المفاهيم الديمقراطية إلى حد ما ، ويقوم ويشجع التعاون والتعامل بين كافة أفراده ومؤسساته، والمسلمون في ظل هذه التركيبة ممكن أن يكون لهم دور إيجابي وجليل ـ إن هم شاركوا وتفاعلوا بما فيه الكفايةـ فمثلا هناك اكثر من مائتي مسلم أعضاء في مجالس بلدية في كل أنحاء بريطانيا، وهناك عضوين في مجلس العموم، وثلاثة في مجلس اللوردات، وواحد في البرلمان الأوروبي .. والفرص للمشاركة والتمثيل تزيد، وعلى المسلمون أن يثبتوا جدارتهم وحسن تنظيمهم وخدمتهم لكافة أفراد المجتمع دون تمييز، ويخرجوا من عقدة فكرة المؤامرة وانهم أجانب لا أكثر فالتجارب أثبتت أن من جد وجد ومن تفاعل وتعاون مع الآخرين تفاعلوا معه