حين تنقلب القيم.الشعب قدوة لنوابه

مكتب الساحل «الشروق»: من المفترض أن يكون النائب قدوة للشعب الذي انتخبه ومعبرا عنه ومضحيا في سبيله ومرجعا له في الأخلاق والاستقامة والإصلاح… لكن المشهد البرلماني يقدم اليوم صورة عكسية. هذا نائب يستعرض عضلاته مع زميله، وذاك يتفنن في استعمال الألفاظ السوقية، وذاك يتورط بشبهة الفساد وذاك متهم بالتهريب وذاك بالتهرب، وذلك يسعى إلى حماية المحتكرين، وذاك يتحدى أبسط شروط الحجر الصحي وذاك يصيح دون موجب وذاك ينعق دون سبب…

Share your love

مكتب الساحل «الشروق»:
من المفترض أن يكون النائب قدوة للشعب الذي انتخبه ومعبرا عنه ومضحيا في سبيله ومرجعا له في الأخلاق والاستقامة والإصلاح… لكن المشهد البرلماني يقدم اليوم صورة عكسية.
هذا نائب يستعرض عضلاته مع زميله، وذاك يتفنن في استعمال الألفاظ السوقية، وذاك يتورط بشبهة الفساد وذاك متهم بالتهريب وذاك بالتهرب، وذلك يسعى إلى حماية المحتكرين، وذاك يتحدى أبسط شروط الحجر الصحي وذاك يصيح دون موجب وذاك ينعق دون سبب…
لو كان الضرب على الطاولة وحتى في وجوه المنافسين من باب الدفاع عن مصلحة الوطن لهان الأمر نسبيا ولاجتهدنا في إيجاد المبرر ولكن المشكلة أن النائب المعني لا يتجاوز حد الدفاع عن مصالحه الخاصة أو تسجيل نقاط لحزبه لا يستحقها أو الإساءة إلى خصومه أملا في ضرب سمعتهم وأسهمهم.
بهذا نحصل على مشهد برلماني متأزم ومعطل بدل أن يكون قاطرة تجر الشعب بعد توحيده نحو التطور فما مرد هذا الواقع؟.
الحزب قبل الوطن
نواب الشعب ليسوا زبدة الشعب ولا خيرته بل هناك من لا يستطيع أن يكون قدوة أو مثالا يحتذى به. الأسباب عديدة ولعل أولها ترسخ أولوية الحزب على الوطن.
هذه الظاهرة التي تتطور من سنة إلى أخرى منذ سقوط نظام بن علي وظهور التعددية الحزبية، جعلت الناخب يركز على حزبه أكثر من التركيز على هوية مرشحه، فيصوت لقائمة حزبه حتى إذا كان مرشحوه أقل كفاءة وجدارة من منافسه… المهم أن يحصل حزبه على أكبر قدر من الأصوات ولو أدى ذلك إلى الإضرار بمصلحة الوطن.
السبب الثاني يتمثل في التصويت الموجه وفيه يتم العمل على التقليل من حظوظ مرشح معين نكاية في حزبه عبر التصويت لخصمه دون التفكير مطلقا في عناصر الأهلية والأفضلية والكفاءة.
المشكلة الكبيرة أن الأحزاب تفضل أحيانا تقديم الجيد على الأجود وحتى الأسوأ على السيئ في إعداد قائماتها الانتخابية اعترافا له بجميله وتضحياته من أجل الحزب.
شراء الأصوات
من الأسباب أيضا أن يسعى الناخب إلى الانتقام من بعض الأحزاب بالتصويت لمرشحي أحزاب أخرى أو مرشحين مستقلين لا تتوفر فيهم أدنى الشروط الواجب توفرها في النائب.
والأدهى في شراء أصوات الناخبين، فبعض المترشحين في الانتخابات التشريعية لا يملكون غير المال الذي يغدقون به على المصوتين.
على قدر الإنفاق تتحدد حظوظ وصول المرشح إلى مجلس نواب الشعب مهما كانت درجة فساده أو حتى إجرامه ومهما كانت درجة سواد ماضيه ومهما تدنت مؤهلاته العلمية والثقافية والفكرية وحتى العقلية.
النتيجة الحتمية ألا نجد تحت قبة البرلمان مشرّعين متمكنين ومفكرين أكفاء ووطنيين مهمومين بمشاغل الوطن والشعب، وإن وجدنا فلا نجد غير قلة تغطي عليها كثرة من «الباندية البرلمانية» بفسادها وإجرامها وصياحها.
بعض النواب يجرمون في حق أنفسهم ووطنهم بالوصول إلى قصر باردو، ولكن المجرم الأكبر هو الذي انتخبه وأوصله إلى مجلس النواب فكما تكونوا يولى عليكم.
 

عادل العوني

Source: Alchourouk.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!