وقال ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق، عبر منشور بحسابه على “تلغرام”: “من المدهش بالطبع سماع هذا من المسؤولين الذين أبقت بلادهم لينينغراد في حصار لمدة 900 يوم، حيث مات ما يقرب من 700 ألف شخص جوعا”، في إشارة إلى ذكريات سوفيتية مؤلمة إبان الحرب العالمية الثانية.

كما علقت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على تصريح وزيرة الخارجية الألمانية أن روسيا “تستخدم الجوع كسلاح”، قائلة إنه “كذب وجهل وانتهازية”.

وأضافت زاخاروفا: “تاريخيا استخدام الجوع كسلاح من التقاليد الألمانية” في تلميح أيضا إلى الحرب العالمية الثانية.

وكانت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك قد اتهمت روسيا باستخدام “الجوع كسلاح حرب”، و”احتجاز العالم بأسره رهينة”، قبل اجتماع يعقد الجمعة في برلين لمناقشة أزمة الغذاء العالمية وسبل معالجتها.

وقالت بربوك للصحفيين إن الاجتماع الذي ينعقد تحت عنوان “متحدون من أجل الأمن الغذائي العالمي” سيعالج نقص الإمدادات الناجم عن الحرب الدائرة منذ أشهر في أوكرانيا، بينما يهدف إلى تحقيق الاستقرار في إمدادات الغذاء بأنحاء العالم.

ويرى مراقبون أن مثل هذا التلاسن الحاد بين الجانبين الروسي والألماني، الذي وصل لحد فتح دفاتر الحرب العالمية الثانية وما شهدته من فظائع وأهوال، مؤشر سلبي بالغ الخطورة يدفع نحو توتير المشهد الدولي أكثر، محذرين من أن نكأ جراح تلك الحقبة الدامية واستذكار حوادثها ومعاركها وحصاراتها، سيضفي مزيدا من الثأرية والتنابذ في العلاقات المأزومة بين الدول المتصارعة آنذاك.

ويقول الكاتب والباحث السياسي جمال آريز في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “استحضار أجواء الحرب العالمية الثانية أسوأ وأخطر شيء يمكن القيام به في ظل هذه الأزمة الدولية الحادة على خلفية الحرب الأوكرانية، التي قد تتحول في لحظة إلى حرب عالمية ثالثة، ترفع مثل هذه المناكفات فرص اندلاعها”.

ويضيف آريز: “الألمان، والغربيون عامة، هم من بادروا بفرض العقوبات على الروس، ومع تكشف حجم تداعياتها وارتداداتها السلبية والخطيرة على أمن الغذاء والطاقة في الغرب والعالم ككل، يلقون الآن باللائمة على موسكو كما لاحظنا خلال تصريح الوزيرة الألمانية، أو مثلا من خلال تحميل الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتن لأكثر من مرة، وزر أزمة التضخم الحاد في الولايات المتحدة، وهذه مواقف تبدو متناقضة وضعيفة الحجة بطبيعة الحال”.

وكانت مدينة لينينغراد (سانت بطرسبرغ حاليا) الروسية، قد تعرضت لحصار من قبل القوات الألمانية النازية استمر لنحو عامين ونصف العام خلال الحرب العالمية الثانية، بدءا من 8 سبتمبر 1941.

وتمكن الجيش السوفييتي من كسر الحصار على المدينة في 19 يناير 1943 بعد معارك ضارية، ثم طرد القوات النازية يوم 27 يناير 1944، وهو اليوم الذي يتم الاحتفاء به سنويا في روسيا.

يذكر أن بوتن من مواليد مدينة لينينغراد، التي استعادت اسمها التاريخي “سانت بطرسبرغ” بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، وكان والده من قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية، وأصيب خلال دفاعه عن المدينة.

ويعتقد أن مليون شخص من سكان لينينغراد ماتوا بسبب الجوع والقصف خلال هذه الفترة، في مأساة تعتبر تجسيدا لمعاناة الاتحاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية.

وتتباين تقديرات حصيلة ضحايا الحصار، غير أن المؤرخين يتفقون على أن ما يزيد على مليون شخص ماتوا جوعا، أو بسبب القصف الجوي والمدفعي خلال الحصار في لينينغراد.

وأدت الحرب الروسية الأوكرانية المندلعة منذ يوم 24 فبراير الماضي، وما تبعها من عقوبات وإجراءات متبادلة بين روسيا والغرب، لشح في السلع والمواد الغذائية الأساسية حول العالم كالقمح والذرة مع ارتفاع حاد في أسعارها.

وتعتبر روسيا وأوكرانيا من أكبر البلاد المنتجة والمصدرة للحبوب والغلال عالميا، بينما باتت الحرب تهدد بحدوث مجاعات في العديد من دول العالم ومناطقه.