لكن مع توقع أغلب المؤسسات الاقتصادية والبنوك العالمية انزلاق الاقتصاد العالمي إلى الركود في عام 2023، فإن الذهب مرشح لارتفاع سعره بعد عام من التقلبات الحادة، بحسب خبراء، أكدوا أن المعدن الأصفر يعد ملاذاً تقليدياً آمناً خلال فترات الركود وخصوصاً في الأوقات التي تتحكم فيها العوامل الجيوسياسية.
الذهب يشهد تقلبات حادة في 2022
ويؤكد رائد الخضر رئيس قسم أبحاث الأسواق المالية في مجموعة Equiti “أن عام 2022 لم يكن عاماً مثالياً بالنسبة للذهب مقارنة مع الأصول الاستثمارية الأخرى، حيث عانى من تقلبات حادة، على الرغم من وجود العديد من العوامل التي كانت من المفترض أن تدعم الذهب مثل الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع التضخم لمستويات غير مسبوقة، إلا أن ارتفاع الدولار الأميركي ضغط على أدائه طوال العام الماضي”.
أسباب قد تدعم عودة الذهب للارتفاع
ويضيف الخضر في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “على مر التاريخ، وفي أوقات الأزمات كان أداء الذهب جيداً، نظراً لأنه أداة رئيسية للتحوط ضد الأزمات والملاذ الآمن الأول، فخلال فترات الركود غالباً ما يعود الطلب للارتفاع على المعدن الأصفر، يأتي هذا في الوقت الذي أصبحت فيه أغلب المؤسسات والبنوك العالمية تتوقع انزلاق الاقتصاد العالمي إلى الركود في 2023”.
وتعود هذه التوقعات إلى العديد من العوامل التي لخصها الخضر، في استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا وتداعيات ذلك على نقص المعروض من الموارد الغذائية والطاقة بسبب العقوبات، وعدم قدرة الاقتصاد العالمي على التعافي من أزمة كوفيد-19 وعودة النشاط التجاري لمستويات ما قبل الأزمة، واستمرار ارتفاعات التضخم بقوة وفشل البنوك المركزية في السيطرة على معدل ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى اضطرار البنوك إلى رفع الفائدة والذي قد يتسبب في النهاية بحدوث ركود تضخمي.
وحتى لو نجحت البنوك المركزية في السيطرة على التضخم، فقد يكون ذلك دافعاً قوياً للبدء بتغيير السياسات النقدية والتوجه إلى تثبيت الفائدة أو حتى البدء في خفضها، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى أن أغلب القطاعات تعاني من سياسات رفع الفائدة بقوة وانكماشها طوال الأشهر الماضية في العديد من الدول مثل القطاع التصنيعي والقطاع الخدمي وسوق العمل، الأمر الذي قد يدعم في النهاية تراجع أداء العملات وعودة الطلب على الذهب من جديد كأصل يحافظ على قيمته ضد تراجع العملة أو ارتفاع الأسعار، وفقاً للخضر.
تراجع الدولار يدعم المعدن الأصفر
وتجدر الإشارة إلى أن الدولار الأميركي شهد تراجعات ملحوظة في آخر أشهر 2022 مع استعداد الأسواق لتخفيف وتيرة التشديد النقدي، ما يعني بحسب رئيس قسم أبحاث الأسواق المالية في مجموعة Equiti الخضر، أن تراجع الدولار أو حتى الحفاظ على استقراره عند المستويات الحالية، قد يتسبب في دعم قوي للمعدن الأصفر عل الأقل في النصف الأول من 2023، ولن يكون مستبعداً أن يعود لمستويات 2000 دولار للأونصة من جديد.
هل من الممكن أن يتراجع الذهب في 2023؟
يجيب على هذا التساؤل الخضر قائلاً: “على الرغم من وجود العديد من العوامل الاقتصادية العالمية التي تدعم ارتفاع الذهب إلا أنه يجب أن نضع بعين الاعتبار أن قوة الاقتصاد الأميركي وتماسكه قد يدعم عوائد السندات الأمريكية الذي تظل المنافس الأكبر للذهب، فعلى مدى 2022، وفي الوقت الذي استمر فيه الفيدرالي الأميركي برفع الفائدة لسبع مرات متتالية نجح الاقتصاد الأميركي في إظهار قوته والتي انعكست على البيانات الاقتصادية الأميركية، وبالتالي حتى لو بدأ الفيدرالي بتخفيف وتيرة التشديد النقدي هذا العام، إلا أن مخاوف الركود وفي نفس الوقت تماسك الاقتصاد الأمريكي وتحسن البيانات الاقتصادية قد يتسبب في استمرار الطلب على العملة الخضراء كملاذ آمن لتضغط على الذهب من جديد”.
ملاذ آمن تقليدي
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي علي حمودي لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “يعد الذهب ملاذاَ تقليدياً آمناً حيث يتحول الكثير من المستثمرين خلال فترات الركود وخاصة في الأوقات التي فيها اضطرابات وعوامل جيوسياسية إلى المعدن الأصفر، وعادة ما يكون هناك ارتباط سلبي بين الذهب وسوق الأسهم، بمعنى إذا كان سوق الأسهم إلى ارتفاع والمستثمرين لديهم شهية للمخاطر العالية فعادة ما يتركون الذهب ويتجهون إلى الأصول عالية المخاطر، لكن تاريخياً غالياً ما يتفوق الذهب على الأسهم وخصوصاً عندما تبدأ أسعار الفائدة بالارتفاع”.
ويشير حمودي إلى أنه مع عدم اليقين الجيوسياسي الموجود حالياً فمن المتوقع حدوث الركود الاقتصادي في العام الحالي وهذا يساعد الذهب على الارتفاع حيث من الممكن أن ينخفض الدولار وهو ما يصب في مصلحة المعدن الأصفر.
وفي العموم، عندما يكون المستثمر غير مطمئن تجاه الأداء الاقتصادي فإنه يتجه نحو الذهب لاحتفاظه بقيمته وباعتباره سلعة سهلة التسييل إلى “الكاش” بأـي عملة وأينما تواجد المستثمر في أي رقعة من العالم، وفقاً لحمودي.