وأصبحت المهرجان المختصة بالمنتجات الكردية دورية ومنتظمة، وتشهد إقبالا متزايدا من الناس، حيث افتتح في السليمانية وللسنة الثانية مهرجان المنتجات المحلية، الذي سيستمر لـ5 أيام (من 16 إلى 20 ديسمبر).

ويقام المعرض في قاعات “معمل السجائر”، الذي يعد من أقدم معامل ومعالم مدينة السليمانية، فهو معمل متهالك ومتوقف عن الإنتاج منذ عقود، لكن تم ترميمه مؤخرا مع الحفاظ على هيكله العام كما هو، ليتحول لمبنى تراثي تقام فيه معارض وأنشطة ثقافية وفنية، بالإضافة إلى المهرجانات الخاصة التي تعرض المشغولات اليدوية والتراثية، والمنتجات المحلية الكردية .

ويقام المهرجان هذه السنة تحت شعار “التعريف بالمنتجات المحلية وتسويقها”، وتشارك فيه عشرات الشركات والمصانع والمعامل المتوسطة والصغيرة، وحتى الحرفيون والفلاحون وربات بيوت، لعرض منتجاتهم التي تعتمد كلها على عطاء وكرم الطبيعة الكردستانية.

وتمتاز تلك المنتجات بجودتها وخلوها من المواد الحافظة، من العسل الجبلي النقي إلى الأرز والفواكه والخضار المجففة بالطرق التقليدية، إلى المربى والمخللات ومنتجات الألبان محلية الصنع بالطريقة البيتية.

كما تشمل تلك المعارض منتجات القمح ومشتقاته من برغل وفريكة، وهكذا دواليك، فضلا عن المصنوعات التقليدية اليدوية من الألبسة والأحذية والسبحات والمزركشات والسجاد والصابون.

وفي افتتاح المهرجان، قال آمانج كريم، وهو أحد المشرفين على تنظيمه، إن أحد أهم أهدافهم كمجموعة من المستثمرين وأرباب العمل من تنظيم هذا المهرجان، هو “تعريف الجيل الجديد بالمنتجات التقليدية وترغيبه فيها، فهي حتى بالمعايير الصحية أفضل وأعلى جودة.

وأضاف في حديث لوسائل إعلام، أن المهرجان يهدف أيضا إلى تعريف الشباب بثقافة أجدادهم الشعبية، إذ “يجهل الكثير من الصغار والمراهقين حتى أسماء بعض هذه المنتجات والمحاصيل الضاربة في القدم والعراقة”.

ويضيف كريم أنهم يسعون علاوة على ذلك، “لتنشيط حركة الصادرات الكردية نحو الخارج”، خاصة وأنهم شرعوا حديثا بتصدير الرمان الذي تعرف به محافظة حلبجة، إلى دول أوروبية كبريطانيا.

كما أن منتجات بعض شركات المياه المعدنية الكردية وصلت هي الأخرى إلى الأسواق الإماراتية والاسكندنافية، حيث تشتهر كردستان بينابيعها وعيونها ومصادر مياهها النقية.

وطالب كريم بوضع خطة “تساهم فيها الحكومة جنبا إلى جنب القطاع الخاص وغرف التجارة والصناعة في إقليم كردستان، للارتقاء بقطاع الإنتاج المحلي وتسويقه داخليا وخارجيا”.

خاتون مصطفى، إحدى السيدات المشاركات في المهرجان، إذ تملك ما يشبه معملا بيتيا صغيرا، تسهب بشغف في وصف منتجاتها المعروضة خلال حديها لموقع “سكاي نيوز عربية”، بطريقة مقنعة بعفوية وبساطة تأخذنا مصطفى لعوالم الريف الساحرة وعبقها الفواح، متحدثة بثقة عما تصنعه من جبن بلدي وزبدة وزبادي وسمن وغيرها من المنتجات.

وتؤكد في حديثها، استخدامها مواد خام طبيعية في صنع مشتقات الحليب تلك، وأنها تبتاع بعض المنتجات الأخرى من قرى جبلية معروفة بطبيعتها النقية ومنتجاتها الأصلية عالية الجودة، ولا يفوتها التندر (ربما في سياق التنافس لكسب السوق) على المنتجات المصنعة والمستوردة، معددة مساوئها الصحية، معتبرة أنها “لا تجاري المنتجات الطبيعية والمحلية مذاقا ونكهة”.

وهكذا أصبحت تشكل مهرجانات ومعارض المنتج التقليدي الغذائي والحرفي اليدوي المتناسلة في كردستان العراق، ظاهرة تتعدى السياقات والأبعاد الاقتصادية والتسويقية، لتكتسي طابعا قوميا واحتفاليا، خاصة وأن ثمة مشاركة لمنتجات من الأجزاء الأخرى من كردستان في المهرجان.

ويعد هذا علامة صحية وإيجابية تشير إلى الاعتزاز بالماضي والجذور والتراث وثقافة المطبخ الكردي التقليدي، فليس خافيا أن الأكلات والوصفات الشعبية المعدة خاصة من مزروعات ومحاصيل محلية، هي أحد أعمدة الهوية الثقافية لأي شعب.