ففي منتصف ليل الإثنين الثلاثاء، فتح المعبر بين مدينتي الناظور ومليلية، بعد إغلاق استمر لسنتين نتيجة جائحة كورونا والأزمة الدبلوماسية بين البلدين، إذ عادت الحركة من جديد بعدما كانت المعابر “موحشة” لمدة طويلة.

وأتاح فتح معبر بني أنصار مع مليلية تنقلا بريا للمسافرين الأوروبيين، أو المغاربة الحاصلين على تأشيرة “شينغن”، السفر بين الجانبين، مع عودة بعض المغاربة الذين كانوا عالقين في مليلية طيلة فترة الإغلاق.

وعاين موقع “سكاي نيوز عربية”، عودة الحياة إلى معبر بني أنصار مع مليلية، وذلك بعبور الراجلين والعربات من الجانبين وفقا للشروط المحددة سلفا من السلطات المغربية والإسبانية.

وفي حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية”، عبر العديد من المواطنين عن سعادتهم بإعادة فتح المعبر واستئناف الحركة بين المدينة المغربية وجيب مليلية، بعد إغلاق سنتين.

كما عبروا أيضا عن عميق تأثرهم النفسي من جراء الإغلاق الذي تواصل على مدى 26 شهرا، بعدما حرموا الالتقاء بأسرهم وذويهم، خاصة في المدن المحيطة بمليلية على غرار بني أنصار والناظور، التي تبعد بنحو 16 كيلومترا عن مليلية.

لحظة تاريخية مؤثرة

واعتبر رئيس مؤسسة مغاربة العالم غير الحكومية سفيان المقدم، أن “إعادة فتح معبر باب مليلية لحظة تاريخية بالنسبة لمدينة الناظور والمغاربة القاطنين بمليلية بعد سنتين من الإغلاق”.

وأضاف المقدم في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “الكل كان يترقب هذه اللحظة، وهي لحظة مؤثرة بالنسبة للأسر والساكنة بالناظور أو مليلية (…) فقد عانت السكن والقاطنين بمليلة بشكل كبير، إذ كان البعض يلجأ إلى المرور عبر مايوركا وملغا في إسبانيا، من أجل الوصول إلى المناطق المحيطة بمليلية”.

وقال رئيس مؤسسة مغاربة العالم: “هناك ارتياح نسبي بعد هذه القطيعة التي سببتها جائحة كورونا والأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا”، آملا أن “تنعكس هذه العلاقات الثنائية الجديدة بين المملكتين على صورة الاستثمار في المنطقة وتحسن مناخ الأعمال، وكذا على السكان المحليين”.

قرب من الأهل والعمل

ويرى الكاتب العام لنقابة العمال والعاملات القانونيين في سبتة ومليلية مروان شكيب، أن “فتح المعابر يعني الكثير بالنسبة للمواطنين الإسبانيين من أصول مغربية، وبالنسبة للعمال المغاربة القانونيين داخل مليلية وسبتة”.

في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، ذكر شكيب أن المواطنين الإسبان من أصول مغربية “سيكونون قريبين من عائلاتهم وذويهم، وحتى من مشاريعهم وأعمالهم داخل المدن المحيطة بمليلية وسبتة”.

غير أن “العمال القانونيين بالثغرين يواجهون قرارات إسبانية جديدة للدخول للعمل في مليلية أو في سبتة، باعتماد بطاقة العمل وإعمال التأشيرة”، حسب الناشط النقابي.

وأوضح المتحدث ذاته، أن “الحكومة الإسبانية فرضت التأشيرة على العمال القانونيين في مليلية وسبتة في حالة لم يحصلوا من مشغليهم على طلب تجديد وثائق العمل، أو في حالة غياب بطاقة العمل سارية المفعول برسم السنة الجارية”، لهذا “نحن نعمل على حل هذا المشكل، وسنراسل السلطات المحلية بالمغرب لكي تراسل الحكومة الإسبانية، حتى تتراجع على هذه القرارات التي تخص العمال القانونيين بسبتة ومليلية الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر لمدة 26 شهرا كي يعودوا لعملهم من دون شروط مسبقة”.

حركة السكان والاقتصاد

على جانب آخر من أهمية فتح معبر بني أنصار مليلية، يرتقب الساكنة المحيطة عودة الحركية الاقتصادية بإقليم الناظور.

ويعتقد الباحث في التنمية المجالية أيوب الشاوش، أن “إعادة فتح المعبر الحدودي بين بني أنصار ومليلة سينعكس بشكل إيجابي على الحركية الاقتصادية بالإقليم ككل، نظرا لتوافد عدد كبير من ساكنة مليلة على المنطقة لاقتناء مجموعة من المواد والأجهزة، وكذا بزيارتهم لفنادق ومطاعم ومقاهي وأسواق إقليم الناظور”.

وتابع الشاوش في اتصال مع موقع “سكاي نيوز عربية”، أن إقليم الناظور المحاذي لمدينة مليلية “يزخر بمؤهلات سياحية، نذكر منها مشاريع مارتشيكا، وشواطئ الإقليم، ومواقع أثرية، ومنتزه غابوي”.

وأضاف: “كل ذلك لا يمكن أن يحقق لنا الأهداف المرجوة والمنتظرة في ظل عدد زيارات متوسطة أو ضعيفة. لكن مع فتح الحدود ستتكثف الزيارات من ساكنة مليلية، ما سينعش الحركة الاقتصادية المهيكلة للمنطقة بشكل أفضل من الوضع الحالي”، يقول الباحث في التنمية المجالية.

كما يخلص نفس المصدر إلى أن “إعادة فتح الحدود سيكون له وقع على المستوى الاجتماعي والثقافي، لاسيما أن نسبة كبيرة من ساكنة مليلية لهم عائلات ومسكن ثانوي بإقليم الناظور، الشيء الذي سيخلق حركة سكانية مهمة”.