وتقع قرب رأس العين محطة مياه قرية علوك على بعد نحو 3 كيلومترات منها، والتي تمد مدينة الحسكة بالمياه، وهي مركز محافظة الحسكة ويقطنها زهاء مليون نسمة، فضلا عن إيوائها مئات آلاف النازحين والمهجرين من المناطق السورية المختلفة تتكرر عمليات قطع المياه عنها لأيام وأسابيع بشكل دوري، بمعدل مرة كل شهر، تم خلالها قطع المياه في ورقة ضغط وابتزاز تمارسها تركيا ومرتزقتها السوريين الذين يسيطرون على المنطقة.

حتى أن معاناة شح مياه الشرب والاستخدام اليومي باتت عنوان مآسي الحياة اليومية في الحسكة، حيث يعيش مئات آلاف الناس بلا مياه صالحة للشرب مما يضطرهم لشراء المياه الملوثة وغير النظيفة على مضض لسد بعض حاجتهم والتي يكون مصدرها غير معلوم ومستخرجة من آبار عشوائية لا تتوخى معايير السلامة والفحص والتعقيم.

ففي ظل عدم توفر المياه تتعطل عجلة الحياة وتتوقف ما ينذر بكارثة إنسانية وصحية لن يتوقف خطرها عند تخوم الحسكة التي تخنقها تركيا عبر قطع المياه عنها .

يقول سيامند علي، وهو أحد سكان الحسكة ممن تواصلت معهم سكاي نيوز عربية لرصد معاناتهم عن كثب : “تخيل كيف يمكن لعائلة من 8 أشخاص تأمين حاجتها اليومية من ماء الشرب والطبخ والاستحمام والتنظيف الخ مجالات صرف المياه واستخدامها في ظل هذا الوضع المزري”.

ومع الأزمة المعاشية والاقتصادية الخانقة والغلاء وتدني مستوى الأجور والرواتب يغدو شراء الماء بمثابة القشة التي تقصم ظهر الناس في الحسكة وفي غيرها من مدن شمال سوريا ففي ظل قطع الماء وشحه يستغل أصحاب الصهاريج من باعة المياه وتجار الأزمات الوضع ويتم رفع أسعار حمولة الصهاريج بشكل يثقل كاهل الناس أكثر فأكثر.

ويضيف علي “والأنكى أنه حتى لو رغبت في شراء الماء ينبغي عليك الانتظار لأيام أحيانا كوننا نتحدث عن عشرات آلاف العوائل بحيث لا توجد صهاريج قادرة على تلبية هذا الطلب المهول”.

عند تغطية جرائم الحرب التي يرتكبها الجيش التركي ومرتزقته في المناطق الشمالية من سوريا تغيب عادة هكذا قضايا أساسية فقطع المياه عن أكثر من مليون إنسان هي جريمة موصوفة ترقى للإبادة الجماعية، وهي تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي ولقوانين الحرب والاحتلال حتى فهي استهداف للناس في شربة مائهم ولتحويل حياتهم إلى جحيم وابتزازهم في معاشهم ومتطلباتهم الحياتية الأساسية.

وقد أصدرت مرارا وتكرارا عشرات المنظمات الإنسانية والحقوقية حول العالم بيانات تطالب بكف تركيا عن تعطيش أكثر من مليون سوري في الحسكة عبر قطع المياه عنها من محطة علوك التي يحتلها الجيش التركي وهي مصدر مياه الحسكة وريفها الرئيسي لكن بلا جدوى فمنذ نحو أسبوعين يتواصل قطع المياه عن المدينة.

يذكر أن تكرار عمليات وقف ضخ المياه من محطة علوك للحسكة وريفها الواسع يلقي بظلاله سلبا على نظافة الناس الشخصية ويجعلهم عرضة لمختلف الأمراض ما يضعف خاصة من اجراءات الوقاية من فيروس كورونا “كوفيد 19″، حيث بلا توفر مياه لا يمكن الحديث بداهة عن توخي السلامة والاحتياطات الصحية ما ينذر بتفشي الوباء في المدينة.

وقد سجلت طيلة الأشهر الماضية، ونتيجة حرمان الحسكة من المياه واستخدام سكانها لمياه غير صحية، آلاف حالات الاسهال والتقيؤ والنزلات المعوية الحادة لدى الأطفال.