وما زال العراق يحرق بعض الغاز المستخرج إلى جانب النفط الخام، بسبب عدم توفر المنشآت اللازمة لمعالجته وتحويله إلى وقود للاستهلاك المحلي أو للتصدير.
توصيات البنك الدولي
وكان البنك الدولي قد شدد على أن العراق يواجه تحديا مناخيا طارئا ينبغي التصدي له، والتوجه نحو نموذج تنمية أكثر اخضرارا ومراعاة للبيئة، لا سيما عبر تنويع اقتصاده وتقليل اعتماده على الكربون.
وأكد ممثل البنك الدولي، ريتشارد عبد النور، قبل أيام، في تصريحات لوكالة الأنباء العراقية، أن العراق يعد ثاني بلدان العالم من حيث احتراق الغاز، فيما طرح حلولا لخفض انبعاثات النفط والاحتراق الغازي.
وقال إن “التقرير بشأن التحول المناخي والتنمية في العراق، أشار إلى تأثر البلاد بالتغيير المناخي وارتفاع درجات الحرارة وانخفاض الموارد المائية التي تعتمد عليها البلاد ليس لأغراض الشرب فقط، وإنما في الجانب الاقتصادي والزراعي والأمن الغذائي”.
وأضاف أن “العراق يمتلك موارد نفطية كبيرة ومهمة، وبالتالي لديه انبعاثات كربونية على مستوى عال، وهناك حلول كبيرة لخفض الانبعاثات في الجانب النفطي والاحتراق الغازي”، مبيناً أن “العراق يعد ثاني بلد في العالم لديه نسبة عالية لاحتراق الغاز”.
وأشار ممثل البنك الدولي إلى أن “الحلول تتضمن الاستفادة من الغاز في إنتاج الكهرباء، وخلق فرص عمل، فضلا عن استعمال الطاقة المتجددة والنظيفة”، لافتا إلى “وجود فرص كبيرة في العراق لتنمية هذا القطاع والذي سيؤدي لانخفاض الانبعاثات وخلق نمو قطاع غير نفطي ومهم لاقتصاد العراق”.
يرى خبراء بيئيون أن تشخيص البنك الدولي ومقترحاته لتدارك الخطر البيئي والمناخي العاصف ببلاد الرافدين، يقدم فرصة لتضافر الجهدين المحلي والدولي لمكافحة تأثيرات التغير المناخي الشديدة على العراق، والتي تهدد مختلف قطاعات الحياة والإنتاج في البلاد.
وضع النقاط على الحروف
يقول الخبير البيئي والمناخي العراقي أيمن هيثم قدوري، في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”:
- البنك الدولي وضع النقاط على الحروف وأكد الحقائق المثبتة حول التدهور البيئي والمناخي العراقي، من خلال تقرير المناخ والتنمية الصادر عنه في نوفمبر الماضي.
- العراق يعاني أزمة تنمية متعددة الأوجه، أخطرها الأزمة المناخية الحادة التي تهدد الأمن الغذائي والسلم الأهلي والتنوع المجتمعي فيه، وظهور حركة تنمية غير مستقرة ترتكز على اقتصاد ريعي نفطي بنسبة 98 في المئة.
- ضمور قطاعات إنتاجية أخرى كالزراعة، بسبب شح المياه وانعدام السياسات المائية المتوازنة، وكالصناعة بسبب إهمال الجانب الصناعي على مستوى القطاعين الخاص والحكومي.
- موذج النمو العراقي يقوده النفط، وطالما شكل ذلك مصدرا للهشاشة والتقلب الاقتصادي والبيئي والاجتماعي.
- الطاقات البشرية الشابة التي تشكل أكثر من 60 في المئة من السكان، باتت شبه مهدورة على وقع تدهور حركة التنمية التي انعكست سلبا على مستوى التعليم والإنتاج .
التحول نحو الطاقة المتجددة
يسير العالم بشكل حثيث نحو هجر المنتجات النفطية الثقيلة، والتحول التدريجي نحو الطاقة النظيفة، بغية التقليل من انبعاثات الكربون للوصول لمستويات تحد من ظاهرة التسارع في عملية الاحتباس الحراري على المدى الطويل.
يحصل هذا التوجه نحو الطاقة النظيفة بالرغم من تمنع بعض الدول الصناعية الكبرى، لكنها سرعان ما ستستجيب للمقررات والقوانين الدولية، لأن التغير المناخي خطر وجودي يهدد الكوكب برمته.
يمتلك العراق من الامكانات ما يمكنه من التحول التدريجي نحو الطاقة الخضراء، إذا ما شرع بحلحلة أزماته المتراكمة عبر استحصال الحقوق المائية من دول المنبع، وصولا لاعادة هيكلة مؤسسات الدولة المنتجة
وتعظيم الاستثمارات منخفضة الكربون.
وينصح الخبراء، العراق بإعادة بناء المؤسسات العامة والحكومية لتعزيز الثقة ومعالجة الانقسامات العميقة، وكل ذلك يمر من بوابة معالجة الأزمات السياسية المتناسلة.