و جاء في بيان رسمي صدر عن رئاسة الجمهورية، يوم الاثنين، في أعقاب لقاء جمع الرئيس قيس سعيد برئيسة الحكومة نجلاء بودن أن تقريرا لوزارة المالية تعلق بجرد القروض التي تحصلت عليها تونس في السنوات الأخيرة بين وجود إخلالات في مأل هذه القروض ما تسبب في خسائر دون موجب تكبدتها البلاد.

 وكانت وزارة المالية قد بدأت منذ أشهر التحقيقات في الأموال التي حصلت عليها تونس في شكل هبات و قروض خلال فترة حكم حركة النهضة وفي أوجه التصرف فيها.

 وفي انتظار عرض نتائج هذه التحقيقات للعموم تسلم الرئيس قيس سعيد كشفا عن تفاصيلها وقال بالمناسبة إنه “يجب وضع حدّ لهذه الأوضاع وتحميل كل من تسبّب فيها المسؤولية كاملة لأن الشعب هو من يدفع الثمن دون أن يستفيد من هذه الأموال الطائلة”.

و يثير ملف القروض و الهبات التي تحصلت عليها الحكومات السابقة شكوكا واسعة حول شبهات فساد وسوء تصرف في هذه الأموال، حيث قال رئيس لجنة مكافحة الفساد في البرلمان السابق والقيادي في حركة الشعب بدر الدين القمودي إن المليارات التي حصلت عليها تونس في إطار قروض وهبات تحوم حول أوجه صرفها شبهات فساد، وإن حجم الأموال المنهوبة كبير جدا وهو من أسباب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس.

 

وثمن القمودي في تصريحات لموقع”سكاي نيوز عربية”متابعة الدولة لمصير الأموال التي دخلت تونس في شكل هبات و قروض، مشيرا إلى أن جهوزية التقارير الرقابية سيسمح بالملاحقة القانونية لمرتكبي جرائم الفساد المالي في الحكومات السابقة، كما سيكشف عن حجم الأموال التي دخلت تونس ومجالات صرفها خاصة وأنه لا أثر لها في التنمية ولا في تحسين ظروف عيش المواطنين.

قروض منهوبة

وأكد أن ملف القروض المنهوبة دليل على إهدار المال العام خلال العشرية السوداء لحكم حركة النهضة المتورطة إلى جانب من شاركها الحكم من الفاسدين ولصوص المال العام، وفق تعبيره، في تبديد المال العمومي بأشكال مختلفة عبر استغلال المؤسسات العمومية وبيع الأملاك المصادرة في ظروف غامضة وصرف الهبات و القروض في غير محلها.

من جهته، أوضح رئيس الهيئة العليا للرقابة المالية و الإدارية كمال العيادي في تصريحات للموقع أن التقرير المتعلق بصرف الهبات و القروض صدر عن هيكل رقابي مستقل يعمل تحت إشراف وزارة المالية ومشهود بنزاهته، مؤكدا أن تقارير التدقيق المالي تنجز بصفة مستمرة وترصد الإخلالات والتجاوزات غير أنها لم تكن تجد أذانا صاغية لدى أجهزة السلطة التنفيذية.

وعلق العيادي بأن “سوء التصرف في المال العام هو عنوان العشر سنوات الأخيرة في تونس ويتعلق بالتأجير المفرط وسوء إدارة المشاريع وابتزاز المال العام عبر الاتفاقيات وقد تورطت فيه الحكومات المتعاقبة والأحزاب السياسية و المنظمات التي تواطأت بالصمت”.

 في سياق ذلك، قال الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي محسن النابتي “إن التدقيق في الديون و الهبات التي تلقتها تونس كان مطلبا أساسيا للمواطنين بعد إغراق الدولة في ديون مهولة لم تقابلها إنجازات على أرض الواقع”,

وأضاف في حديثه لموقع سكاي نيوز عربية أن المديونية التي تعاني منها تونس لا تعكس منجزات تنموية وأن القروض ارتفعت وفي نفس الوقت زادت نسب الفقر وانهارت الخدمات في البلاد خلال العشرية الفارطة جراء سوء التصرف الذي يجب أن يحاسب مرتكبيه بجريمة العبث بالمال العام.

وخلص النابتي إلى أن قروض تونس التي صرفت دون فائدة للبلاد والعباد يمكن أن تصنف ضمن “الديون الكريهة”، ما يطرح إمكانية شطبها أو تعليق سدادها مثل ماهو الحال في عدد من الدول التي شهدت صعوبات مالية كما يمنح التدقيق فيها والكشف عن حجمها الحقيقي فرصة لمنح تونس موقف تفاوضي أفضل مع المانحين الدوليين.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن فتح ملف القروض و الهبات المنهوبة يتزامن مع فتح القضاء لتحقيقات مع قيادات في حركة “النهضة” بشبهة غسيل أموال، فضلا عن استئناف تونس مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي للاتفاق حول برنامج دعم اقتصادي و ذك بعد مرور الدستور الجديد عبر الاستفتاء الشعبي و تفاؤل عام بدخول تونس مرحلة من الاستقرار السياسي.