وقد حذرت المفوضية الأوروبية الإثنين من أن نصف أراضي دول الاتحاد الأوروبي هي عرضة للجفاف، وما يصاحب ذلك من تداعيات وظواهر كارثية تطال الأمن الغذائي والمائي والإخلال تاليا بتوازن النظام البيئي الطبيعي.

فيما حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الإثنين، من أن الحرائق المستعرة في أوروبا وغيرها من قارات العالم، إضافة لموجات الحر الخانقة، تشير إلى أن الإنسانية تواجه “انتحارا جماعيا”.

وقال غوتيريش الذي تحدث أمام وزراء من 40 دولة خلال اجتماع حول الأزمة المناخية والاحتباس الحراري في ألمانيا: “نصف الإنسانية في منطقة الخطر، من الفيضانات، التصحر، العواصف المتطرفة والحرائق.

 وأضاف: “لن تكون هناك دولة بمنأى عن الكارثة، ومع ذلك نتابع إشباع إدماننا على الوقود الأحفوري، لدينا الخيار، إما التحرك الجماعي أو الانتحار الجماعي. الأمر بيدنا”.

 وتعليقا على خطورة ما يحدث بفعل تداعيات ظواهر التغير المناخي من احتباس حراري وجفاف وشح أمطار وحرائق، يقول الخبير المناخي أيمن قدوري، في لقاء مع سكاي نيوز عربية :”إحدى الحلقات المأساوية لسلاسل التغير المناخي، تتمثل بظاهرتي الاحتراز وتاليا اندلاع الحرائق المنتشرة في مختلف أنواع الغابات، حيث تتزايد معدلات حدوثها المتكرر كلما اقتربنا من منتصف القرن الحالي أي في عام 2050، وهو التاريخ الذي وضعته الأمم المتحدة من خلال التقرير الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة وقاعدة بيانات الموارد العالمية، الذي نشر قبل اجتماع ممثلي 193 دولة في نيروبي، ضمن الجلسة الثانية للدورة الخامسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة، نتائج التقرير كارثية وتتنبأ بأحداث مأساوية قد تشهدها كل قارات العالم باستثناء القارة القطبية الجنوبية، وبارتفاع نسبة حدوث الحرائق إلى 30% بحلول عام 2050 ثم لترتفع إلى 50% بنهاية القرن الجاري”.

 ويسهب الخبير المناخي والبيئي في شرح خطورة الموقف:” أسباب حرائق الغابات بشكل عام وبغض النظر عن خصوصية بعض هذه الحرائق تقسم لقسمين: طبيعية تتمثل بضربات الرعد التي تطلق الشرارة الأولى، إلى جانب الشرارات الناتجة من احتكاك الأحجار والصخور ببعضها أثناء تدحرجها، الثورات البركانية وبشكل واسع تتكفل أشعة الشمس ودرجات الحرارة المتزايدة خصوصا في المناطق الجافة بإطلاق الشرارة الأولى لحرائق حطام الغابات والمقصود بحطام الغابات هنا ما جف من النباتات وتحول لحطب ومادة أولية سريعة الاشتعال”.

 

وليكون النشاط البشري بطل القسم الثاني، كما يوضح قدوري، متابعا:” حيث أنه من أبرز مسببات حرائق الغابات بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كالحريق المتعمد، السجائر التي ترمى في الطبيعة، والنار المهملة بدون رقابة، والشرارة الناتجة عن سلك كهربائي مقطوع، وقطع مساحات شاسعة من الأشجار، وهكذا دواليك من ممارسات يقترفها البشر وتتسبب بكوارث طبيعية خطيرة كحرائق الأحراش والغابات”.

 ويرى قدوري أن الأضرار الناجمة عن هذه الحرائق على البيئة، بالقول:” لا يمكن حصرها وعدها لكن أبرزها وما يفاقم أزمة التغير المناخي، هو إطلاق كميات هائلة من غاز الاحتراز العالمي (ثنائي أوكسيد الكربون) إلى الغلاف الجوي بصورة حرة وتحرير الكميات المحبوسة في الترب الرطبة خصوصا في الغابات المطيرة نتيجة تجفيف هذه الترب بفعل الحرائق، الأمر الذي ينشط ويمد دورة غاز CO2 في الغلاف الجوي بنسب عالية”.

بالنتيجة، يضيف قدوري وهو أيضا عضو اللجنة العالمية للمناطق المحمية:” أزمة تولد وتفاقم أزمة أخطر، لتكون المحصلة وبالتوازي مع نتائج تقرير الامم المتحدة، انتشار حرائق الغابات بصورة مخيفة في كل قارات العالم خصوصا القارة الأوروبية، بعد اعلان المنظمة العالمية للأرصاد الجوية حدوث ارتفاع مرتقب في معدلات تزايد درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة خلال السنوات العشر القادمة، وبنسبة 24% كأعلى معدلات الحرارة خلال الأعوام الخمسة القادمة”.

 ويختم المتحدث:” إيقاف حدوث هذه الظواهر الناجمة عن تغيرات المناخ كالحرائق غير ممكن إطلاقا، لكن تقليل مخاطرها وخفض معدلات حدوثها عملية ممكنة من خلال إدارة مخاطر مسببات الحرائق مثلا وتوجيه الجهود الدولية باتجاه الإدارة المستدامة للغابات من خلال ازالة المسببات الطبيعية لهذه الكوارث أو الحد من تأثيرها، وتوعية وارشاد الناس بأهمية المحافظة على استدامة المناطق الخضراء التي تمثل رئة الأرض وأمل الأجيال القادمة ببيئة صالحة للحياة”.