وسجلت فرنسا رقما قياسيا جديدا، هو الأول في أوروبا، إذ تجاوزت أول أمس الأحد 52000 حالة إيجابية خلال 24 ساعة. 

وأمام هذا الوضع الصحي الحرج الذي يتدهور بسرعة كبيرة في فرنسا وأماكن أخرى في أوروبا ستعقد سلسلة من الاجتماعات يومه الثلاثاء والأربعاء قد تؤدي إلى تشديد الإجراءات لمكافحة الوباء.

ويعقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاءاجتماعا مع مجلس الدفاع، سيخصص لمناقشة الاحترازات اللازمة لإدارة الأزمة الصحية في خطوة تسبق الإعلان عن منعطف جديد.

ومساء الاثنين، كشف تقرير صادر عن هيئة الصحة العامة الفرنسية أن 3800 شخص يوجدون حاليا في العناية المركزة، فيما وصل إجمالي عدد الوفيات منذ بدء الوباء إلى 35.018 حالة وفاة.

كما حذر المتخصصون من أنه في الموجة الأولى، تم نقل المرضى من المناطق المصابة بشدة إلى مناطق أقل تأثراً لتقليل الضغط، لكن هذه العملية سارت صعبة التنفيذ هذه المرة، لأن الموجة الثانية تؤثر على المنطقة بأكملها.

بداية مقلقة ووضع أصعب

في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، قال رئيس قسم الفيروسات التنفسية والسرطانية في المعهد الطبي الفرنسي في مدينة ليون ومستشار وزارة الصحة الفرنسية، الدكتور يحيى مكي، إن فرنسا لاتزال في بداية الموجة الثانية التي لم تصل بعد إلى ذروتها، ومع ذلك تم تسجيل أعداد قياسية من الإصابات وينتظر أن ترتفع أكثر في القادم من الأيام، لأن فصلي الخريف والشتاء يتميزان بانتشار الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي والتي تفوق 300 فيروس، تتشابه كلها في أعراض الإنفلونزا.  

ويضيف مكي: “ما يميز هذه السنة، هو تصدر فيروس كورونا قائمة الإصابات بالفيروسات، لأننا لا نملك بعد لقاحا لمواجهته، وبالتالي ضرب من جديد وبقوة هذه المرة، ليس في فرنسا فقط بل في أوروبا عموما، ونلاحظ كذلك أن معظم الإصابات سجلت في صفوف فئة عمرية لا تتعدى خمسين سنة، كما أن عدد الوفيات زاد عند المسنين”.  

وأوضح أن هذا الارتفاع الكبير سببه أيضا، العطلة الصيفية التي أمضاها معظم الفرنسيين والأوربيين  في المناطق الساحلية بفرنسا، مما زاد من انتشار المرض على المستوى الوطني، بالإضافة إلى الاكتظاظ في المدارس والجامعات. في شق آخر، يقول إنه إذا ما استمرت الإصابات في الارتفاع واضطرت فرنسا لاستقبال أكثر من 20000 إصابة، فستكون في مأزق، لأن كل بلد له عدد معين من الموارد البشرية والبنيات التحتية، وقد يضطر الجيش الفرنسي للتدخل ليؤسس مستشفيات وينقل المرضى عبر قطارات يتم تهيئيها لهذا الغرض.

يتوقع البروفسور يحيى مكي أن يتم تنفيذ حجر صحي محلي بالمدن الأكثر تضررا، والعودة إلى العمل عن بعد، مع تغيير ساعة حظر التجوال التي قد تنطلق ابتداء من السابعة مساء بدل التاسعة ليلا، وعدم العودة بعد العطلة المدرسية الحالية إلى المدارس والجامعات.  ويستطرد قائلا” يمكن كذلك إلغاء حفلات نهاية السنة كما طلبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل”.

وبلغة الأرقام، حتى نهاية شهر سبتمبر، كان 7 من كل 10 موظفين لا يزالون يعملون من مقراتهم وفقًا لمسح نشره أمس الإثنين مكتب الإحصاء بوزارة الشغل، و12 في المئة فقط من الموظفين يعملون عن بعد و3 في المئة في حالة بطالة جزئية.

 ماذا عن سباق تصنيع اللقاح؟

ويعتبر مكي أن العالم لا يزال في مرحلة الاختبارات السريرية الثالثة فيما يتعلق بإنتاج اللقاحات، موضحا أن ما تم تقديمه على المستوى الصيني أو الروسي أو الأميركي أو البريطاني، يحتوي تقريبا على عشر لقاحات وصلت إلى المرحلة الثالثة ويجري حاليا اختبارها على أكثر من 30000 شخص، من جنود ومتطوعين.

ويضيف: “لحد الساعة نجهل الكمية المناسبة من اللقاح لكل فرد حسب سنه وجنسه. هل الأجسام المضادة التي يكتسبها الجسم بعد اللقاح كافية لتقوية المناعة ومواجهة الفيروس؟. هل فعاليتها مستديمة على مستوى الزمن وهل يجب أن تتم عملية التلقيح سنويا نظرا للتغير الجيني الذي يعرفه الفيروس؟”. 

ويختم قوله أن عملية اعتماد لقاح معين يجب أن تمر عبر  150 مرحلة مراقبة وتشخيص واختبار.

وتؤكد منظمة الصحة العالمية إن النصف الشمالي من الكرة الأرضية يواجه لحظة حرجة في مكافحة جائحة كوفيد-19، إذ أن الكثير من الدول تشهد تزايدا كبيرا في إصابات كوفيد-19، مما يؤدي إلى بلوغ وحدات العناية المركزة طاقتها القصوى مع أننا ما زلنا في أكتوبر. 

وحذرت من أن الأشهر القليلة القادمة ستكون صعبة جدا وبعض الدول في مسار خطير، خصوصا أن ما يقارب نصف حالات الإصابة بالفيروس كانت في أوروبا.

وبالتالي، طالبت المنظمة القادة السياسيين باتخاذ إجراءات فورية بهدف تفادي وفيات إضافية غير ضرورية، وانهيار الخدمات الصحية الأساسية، وإقفال المدارس.