وتشهد الحدود بين صربيا وكوسوفو توترا، تصاعد إثر إغلاق سلطات الأخيرة أكبر معبر حدودي مع بلغراد، بعد قيام محتجين صرب في مدينة ميتروفيتشا المنقسمة عرقيا شمالي كوسوفو، بوضع حواجز على الطرق، لتتزايد حدة الأزمة مع إعلان صربيا وضع جيشها في حالة تأهب قصوى.
وبينما دعت أميركا وأوروبا، في بيان مشترك، الأربعاء، إلى نزع فتيل التوتر في شمال كوسوفو، والامتناع عن الاستفزاز والتهديد بينهما، أعلنت روسيا دعمها لصربيا، مؤكدة أنه “من الطبيعي أن تدافع صربيا عن حقوق الصرب الذي يعيشون في الجوار وسط ظروف بالغة الصعوبة، وأن ترد بشكل حازم حين يتم انتهاك حقوقها”.
هل لروسيا دور في التوترات؟
معهد “كارنيغي أوروبا”، نشر تقريرا يتناول هذه الأزمة تحديدا، وأبرز ما جاء فيه:
- “هناك من بربطون بين التوترات الراهنة في شمال كوسوفو والحرب الروسية في أوكرانيا، والكثير من المؤشرات تقول إن روسيا ربما لها يد فيما يحدث، وإنها تسعى إلى فتح جبهة ثانية ضد الغرب في خاصرة أوروبا الضعيفة، ضمن منطقة البلقان”.
- “العلاقة الوثيقة بين روسيا وصربيا، اللتين تربطهما صلات ثقافية ودينية عميقة، فضلا عن روابط سياسية قوية، والتي كان من تجلياتها مطالبة روسيا بضمان حقوق الصرب في شمال كوسوفو”، وهو ما أكده المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف.
- “التوترات في كوسوفو مدفوعة أكثر بعوامل محلية”. ورغم ذلك، اتهمت رئيسة كوسوفو روسيا بأن لها “مصلحة تدميرية في المنطقة، تشمل مهاجمة كوسوفو والبوسنة والجبل الأسود”.
- “من دون إشعال فتيل حرب أخرى، فإن التوترات الحالية على حدود كوسوفو وصربيا تخدم أجندة موسكو في تغذية الانقسامات العرقية والمجتمعية بغرب البلقان، من أجل التسبب بمتاعب للاتحاد الأوروبي وأميركا”.
زعزعة استقرار أوروبا
وتعقيبا على ذلك، قال الأكاديمي والمحلل السياسي، آرثر ليديكبرك، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن ما يحدث حاليا في شمال كوسوفو “يعد امتدادا لتوترات ظلت كامنة، تهدد اتفاقيات السلام الهشة القائمة بين الجانبين منذ انتهاء الحرب قبل أكثر من عقدين”.
وأبرز ما جاء في تصريحاته:
- “الحرب الروسية بأوكرانيا أثارت توترات أوسع في منطقة البلقان، كما أن الخطاب القومي لروسيا وجد قبولا واسعا لدى بعض القادة، ومن بينهم رئيس صربيا، إلا أنه حال فكر في الخيار العسكري، فإن ذلك سيكون غير مجد لبلاده، كونه سيؤدي لمواجهة مباشرة مع قوات الناتو بالمنطقة”.
- “أوروبا ستعمل على إمكانية تعزيز القوة الأوروبية في كوسوفو، وتهدئة التوترات، في ظل مخاوف من أن تقدم موسكو على توظيف النزاع بين البلدين لزعزعة استقرار المنطقة وأوروبا”.
- “في حال إخفاق الغرب في بلورة حل مستدام بين البلدين، سيظل خطر انفجار الوضع قائما، رغم أن ذلك يبدو أنه لن يخدم مصلحة أي من طرفي النزاع، خاصة مع تقدم كوسوفو بطلب رسمي للانضمام للاتحاد الأوروبي، وتطلع صربيا لإحراز تقدم على نفس المنوال”.
أصل الأزمة
- نشأ النزاع مع انفصال كوسوفو عن صربيا عام 1999، وإعلان استقلالها عنها عام 2008، لكن بلغراد ما زالت تعدّها جزءا من أراضيها، وتدعم أقلية صربية تعيش في كوسوفو.
- التزم البلدان في عام 2013 بإجراء حوار برعاية الاتحاد الأوروبي، لمحاولة حل القضايا العالقة، لكن لم يتم إحراز تقدم يذكر.
- أغسطس الماضي، أضرب المئات من الصرب احتجاجا على قرار منع الصرب الذين يعيشون في كوسوفو من وضع لوحات ترخيص صربية على سياراتهم.
- اشتعل فتيل التوتر بين الطرفين عندما حددت كوسوفو موعد 18 ديسمبر لإجراء انتخابات في بلديات ذات غالبية الصربية، لكن الحزب السياسي الصربي الرئيسي أعلن مقاطعته.
- لاحقا، قبضت السلطات الكوسوفية على شرطي سابق يشتبه في ضلوعه بهجمات ضد ضباط شرطة من أصل ألباني، مما أثار غضب الصرب الذين لجأوا إلى قطع الطرق.
- الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، قال إنه أمر الجيش بإعلان حالة التأهب القصوى، “لحماية شعبنا (في كوسوفو) والحفاظ على صربيا”.