خاطرة عن الأخ
١٦:١٤ ، ٤ مارس ٢٠٢١
‘);
}
الأخ هو السند الذي لا يميل
الأخ يعني الأمان والسند، والحصن الذي يلوذ به الأخوة كما لو أنه المنقذ لهم من خيبات الحياة وغدر الآخرين، والأخ يعني السور العالي الذي يحمي ظهر إخوته من كلّ سوءٍ محتمل، ولا يعرف معنى الأخ إلّا من عاش وحيدًا محرومًا من هذه النعمة العظيمة، فهو روحٌ إضافية ورئة تتنفس عبق الحياة لتمنح الأكسجين النقي للعائلة، وهو الذي يذود مدافعًا عن أيّ زلةٍ يقع فيها إخوته حتى دون أن يطلبوا ذلك منه، ويخفف عنهم هجمات الحزن ويتمنى لهم السعادة في كلّ وقت، ويُحاول أن يكون لهم خير عونٍ في كلّ وقت ومهما اشتدّت عواصف الحياة وتبدلت الظروف والأحوال، ومن يفقد أخاه كمن يفقد عينه التي يرى فيها، لأن الأخ هو النظر وهو البصر والبصيرة والعين الثالثة التي تمنحنا القوّة الكبيرة.
‘);
}
حضور الأخ يعني أن تهبّ على القلب رياح الفرح فيُشرق الأمل في الروح، وتصبح الحياة أكثر احتمالًا، فهو مثل نسمة ربيعٍ جميلة تأتي لتترك كلّ شيءٍ أجمل، وهو ربيع العمر ووردة البستان التي تفوح بعطر الأخوّة والتسامح والعطاء في جميع الفصول، لا يهمّه برد الشتاء القارس ولا لهيب فصل الصيف ولا ظلام الدرب ولا وحشة الأماكن وعتمتها، طالما رأى أخاه محتاجًا له، فهو مستعدٌ ليقطع المسافات ويتحدّى جميع الصعاب لأجل ألّا يرى أخاه مُحتاجًا لمساعدة ولا يقدر عليها دونه، فالأخ يكون بنكهة الأب، بل هو أبٌ ثانٍ لإخوته، ومدبرٌ لشؤونهم وحافظٌ لأسرارهم، وسرٌ من أسرار فرحتهم وعزّتهم وصمودهم وكبريائهم.
مهما كان للشخص أصدقاء ومعارف وأقارب، لا يمكن أن يحلّ أحدٌ مكان الأخ، لأنّ مجرّد وجوده يعني الإحساس بالإيجابية التي ينتظرها الجميع، هو العيد من بين جميع الأيام، وهو بمثابة ليلة قدرٍ من بين الليالي، وهو المفضل من بين الكل، فالأخوة تجري في عروقهم نفس الدماء، ويملكون نفس أسباب الفرح ونفس أسباب الحزن، حزنهم واحد وفرحهم واحد، وكم من ليالٍ طوال يقضيها الأخوة معًا يتسامرون ويضحكون ويتعاتبون ويلعبون، وكم من أيامٍ مضت عليهم وهم يُخطّطون لأشياء كثيرة، منها مغامراتهم الطفولية التي تفوح بالبراءة، ومنها ما هو أكبر من هذا، المهم أنّ الأخوة سلاحٌ لبعضهم البعض، ولا يمكن أن يُنكر هذه الحقيقة أحد.
أخي هو قدوتي في الحياة
أخي هو فخري وقدوتي في الحياة، وهو الذي أُشير إليه كلما سألني الناس بمن أفتخر، فهو قلبي النابض وعيني التي أرى بها وأذني التي أسمع بها، وهو عقلي الذي يفكر عني عندما أُصاب بالحيرة، ودعائي الذي لا ينقطع في كلّ حين، وهو الاسم المحفور في قلبي إلى الأبد، والابتسامة التي ترتسم على شفاهي بمجرّد أن أرى ابتسامته، والحزن الذي يتسلّل إلى قلبي لو رأيت حزنًا يسري في قلبه، وهو أقرب إليّ مني، وهو صديقي الذي لا يخون مهما جارت عليه الأيام، والحب الذي لا ينتهي أبدًا، لأنّ وجوده متجددٌ في قلبي، فهو من رائحة أمي وأبي وفيه من طبعهم وحنانهم، وهو الذي يمسح دمعتي الساخنة ويبدلها بدموع فرح ويتألم قبل ألمي لأنّ إحساسه أعمق من أن يُوصف.
حب الأخ حبّ فطري لا يجد له تفسيرًا ولا يمكن أن يكون في ادّعاء أو تكلّف، وهو الذي نقضي معه أطول أيام حياتنا وأجملها، ننام في بيتٍ واحد تحت سقفٍ واحد ونأكل من نفس الطبق، ونتقاسم حياتنا كما لو أننا نتقاسم رغيف خبزٍ واحد دون أن نشكو من شيء، فقط نكتفي بأن يكون لنا أخ يحمل همومنا ولا تُعوضه جميع أموال الدنيا، ولهذا حتى الأبناء لا يعوضون مكان الأخ، فالأخ لا يُعوض بأحد، فهو أجمل وردة في بستان العمر، وهو أقرب الأقارب ومخزن الأسرار والوديعة التي نستودعها لله في كلّ إشراقة شمسٍ وندعو الله في كل حين أن يحفظه ويكلأه برعايته وألّا يرى حزنًا أبدًا، فنحن بخير عندما يكون إخوتنا بخير، فهم حشاشة القلب والشجرة الوارفة الظلال.
الأخ رمز الحب والعطاء
مهما طالت الأيام وتبدلت الظروف والأحوال وأصبح الأخوة الصغار كبارًا واستقلّ كلٌ منهم في بيته وفي أسرته، لا يتغير الحب في قلوبهم ولا تنقص محبتهم، فهم مزروعون في القلب طوال الوقت، وهم عطر الوقت الذي يجعله أجمل، لهذا لا شيء يواسي الروح ويطبطب على جراح النفس أكثر من وجود الأخ، فهو رمز كل شيءٍ جميل في الحياة، وهو الذي يجعل الملل مجرّد شيءٍ عابر، ولا فرح يكتمل بدونه أبدًا حتى لو حضر جميع الناس، وهو العطاء الذي لا ينضب، بل يظلّ مثل نبع الماء الصافي الذي يعطي بكرمٍ ولا يسأل أبدًا، وهذا العطاء يعني الخير والحب والأمان وكلّ شيء رائع في الحياة، وهو أنقى الأصدقاء وأقربهم دمًا وروحًا وقلبًا.
لا تحلو الحكايات إلّا إذا كان الأخوة يتبادلونها معًا، ولا يحلو الحديث إلّا إذا كان يدور بين الأخوة فيضحكون على النكات معًا كما لو أنهم يملكون الدنيا بما فيها، فالأخ هو المُعين على كلّ شيء، وتبدو الأيام مملة باهتة دونه، فمن يعيش بلا أخ يكون كَمن يسعى إلى الحرب دون أن يحمل في يده السلاح، ووجود الأخ يعني أن يكون لك قلبٌ ينبض في جسدٍ آخر، وأن يكون لك عين تُبصر في رأس أخيك، فالأخ هو عين أخيه التي ترى وأذنه التي تسمع وقلبه الذي ينبض، وهو روحه المعلقة فيه، ولا يحلو الحديث إلّا إذا كان بين الأخوة يضحكون معًا كما لو أنهم يملكون الدنيا بما فيها، ويكبرون بعين بعضهم وهم يرون الهموم تصغر بوجودهم معًا، فالأخوة مصدر فخرٍ لبعضهم، وعلاقة الأخوّة هي أقوى علاقة على الإطلاق مهما حدث فيها من خلافات أو مشاكل طارئة.
لقراءة المزيد، انظر هنا: كلام جميل عن الأخ.