خبراء: الجزائر بحاجة لانتقال طاقة جديد بعد فشل مشروع “ديزرتك”

تتباين الآراء في الجزائر بشأن أسباب فشل مشروع "ديزرتك"، إلا أنه بإعلان وزير الطاقة عبد المجيد عطار أن المشروع جمّد ولم يعد مطروحا اليوم للنقاش انهى الجدل الحاصل.

Share your love

الجدل الذي صاحب إعلان وزير المناجم محمد عرقاب، الذي حمل حقيبة الطاقة في حكومة جراد الأولى، وأعلن قبل أشهر عن عودة قريبة لـ”ديزرتك” بصيغة جديدة وحلة مختلفة عن المشروع الذي طرح قبل سنوات، يراه الخبراء أنه لم يؤسس على أسس علمية وصحيحة وأن الواقع الحالي فرض رؤى جديدة.

فيما يرى خبير الطاقة بوزيان مهماه، أن المشروع لم يكن في الأساس مطروحا كشراكة ثنائية بين ألمانيا والجزائر كما يروّج له، لأنه ببساطة يقوم كمبادرة على جملة عناصر، منها فكرة الشبكة، وتشبيك المحطات من المملكة المغربية مرورا بالجزائر ووصولا إلى الأراضي الفلسطينية والأردن ليمتد إلى المملكة العربية السعودية”.

وقال آيت شريف خبير الطاقة بالجزائر، إنه يجب إعادة النظر  في إشكالية سياق الطاقة في الجزائر، خاصة أن الجزائر تستهلك نحو 68 مليون طن مقابل بترول مستهلكة في الجزائر، في حين 37 بالمئة من هذا الاستهلاك من الغاز الطبيعي، و30 بالماء المواد البترولية، و28 الكهرباء، و1 بالمئة الطاقة المتجددة، وأن ذلك يلزم الجزائر بنموذج طاقة جديد خاصة في ميدان الاستهلاك.

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك” أن الانتقال الطاقوي أصبح ضرورة ملزمة، مع التركيز على الطاقات المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية، الاقتصاد الطاقوي، الفعالية الطاقوية.

ويرى أن المشروع كان لديه أهمية في العام 2010، إلا أن التكنولوجيا الحالية تلزم بضرورة الحديث عن التكنولوجيا الفعالة لاستخدامها في الجزائر.

من ناحيته قال الدكتور أحمد حميدوش خبير الطاقة بالجزائر الجزائر، إنه يجب إخراج “سونلغاز” من المعادلة كشركة متخصصة في الكهرباء.

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك” أنه يجب أن تكون شركة مختصة فقط في الكهرباء، ذات رأسمال كبير من خلال التفتح  في البورصة، وتظهر شفافية الأرقام، وتكون لها القدرة بالقيام بمشاريع ضخمة في مجال انتقال الطاقة، أو إنتاج الكهرباء من السدود و الغاز والمازوت، خارج السياسة.

وتابع أن قانون الكهرباء يجب أن يكون على نفس النمط لما هو في المغرب ومصر، حيث يعطي إمكانية شراء وبيع الكهرباء من الخاص “أسر أصحاب المنازل والشركات” عند وجود الفائض.

يرى أن هذه القدرة من الجانب التقنى، بحيث لا يمكن أن تخزن الكهرباء، وأنه على شركة الوطنية المرونة في تصدير الفائض والاستيراد عند العجز، دون اللجوء إلى قطع الكهرباء عند بعض الأحياء في حالة العجز.

وأشار إلى أن قدرة التفاوض تأتى من الجانب التقنى أولا، وأن التصدير يعنى مصر وتونس والمغرب وأوروبا.

وأوضح أن المرونة في التسعيرة هي ضرورية، خاصة أن السعر المحدد من الدولة يعقد الأمور، مع العلم أن حساب التكلفة، إذا أخذ إنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية، يتطلب إدارة استراتيجية، خاصة أن التكلفة في النهار ليست كما هي في الليل، وتكلفة النهار تختلف من ساعة إلى أخرى.

واستطرد بقوله أنه يجب إدراجها على أساس سعر تنافسى يمكن التفاوض معه، مع كل الأطراف الخارجية ولا يكون على حساب المستهلك المحلى.

وبحسب الخبير فإن القانون الذي يعطى احتكار التوزيع للكهرباء وانتاجها لشركة “سونلغاز” وضبط السعر بمرسوم لا يقدم للمستثمر البديل.

وبحسب قوله فإنه دون أن يعطى القانون للمستثمر الوطنى أو الأجنبي حق التصدير، فيصبح كل مشروع خارج الحكومة وبتمويل من الحكومة غير ممكن، وعليه يبقى مشروع ديزرتك مجرد مشروع تغيب فيه كل الضمانات.

وشدد على أن إنتاج الكهرباء بحجم الميغاوات ليس له علاقة بشركة سونلغاز وإنما، بقدرة الخزينة على تمويلها على شكل مخططات زيادة في الإنتاج، وبالتالي تبقى مرهونة بسعر البترول وأجندة سياسية.

من جانبه قال الدكتور مهماه بوزيان مستشار شؤون الطاقة والاقتصادي، إن الجزائر لا يمكنها المضي في إقامة المشاريع الكبرى للطاقة الشمسية بحجم “الجيغاواط” ما لم تقدم بعض الأمور منها” هندسة المنظور الاستشراقي” للأمن الطاقوي الوطني، ضمن السياقين، الوطني في بعده الاقتصادي-الطاقوي، والدولي في بعده الديناميكي المتطور والمتقلب والمتجه نحو المزيد من إحلال للطاقات المتجددة في بنيته الطاقوية، بما يستوجب بناء “الإطار المنظومي الوطني”.

وكذلك ضع “مخطط استراتيجي وطني” لإحلال الطاقات المتجددة في الفضاء الوطني.

 الإسراع في “تعضيد البنية المؤسساتية الوطنية للطاقة” من خلال تنصيب “الوكالة الوطنية للأمن الطاقوي” وتفعيل دور “المجلس الأعلى للطاقة”.

وفيما يتعلق بالمشاريع الوطنية الكبرى للطاقة الشمسية يرى في حديثه لـ”سبوتنيك” أنه ينبغي الوقوف على سبب إخفاق كلّ الخطط السابقة، مع المُضي في هندسة إجابات عملية تقنية لها،

خاصة أن هناك بعض المشروعات لم تر النور منها “مشروع رويبة إنارة” الذي خطط له في ديسمبر 2009، ومشروع “دفاتر الأعباء” لمناقصة “4050 ميجاوات” المنتجة من الطاقة الشمسية، التي جرى العمل عليه خلال النصف الثاني من عام 2016، ثم تمّ التخلي عن الفكرة، ليعاد بعثها من خلال مشروع “تافوكث1 – TAFOUK1” لمحطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية بطاقة “4000 ميغاوات” خلال الفترة 2021-2024.

وشدد على ضرورة بناء قدرات وطنية من “هيئات، أجهزة، معايير، كفاءات” في مجال إقرار المعدات والتَصْديق عليه، ومنحها شهادات السلامة والمواءمة، مع وضع مدونة معايير مرجعية، وضرورة مراجعة الترميز المرجعي للشبكة (Le Grid-Code 2019)، والتعليمات البرمجية المرجعية المتضمنة للقواعد الفنية للتوصيل وقواعد سلوك النظام الكهربائي الذي تشارك فيه السعات الكهربائية المنتجة من مصدر طاقة متجدد.

وفيما يتعلق بمشروع “ديزرتك”، يرى أن غياب معظم العناصر الهامة في المنظومة تشكل الأسباب الموضوعية لعدم إمكانية الانخراط في هذا المشروع الضخم الذي سيمتد إنشاؤه إلى آفاق سنة 2050.

وشدد على أنه لا يمكن الحديث عن منافع “ديزرتك” التي ستطبع قطاع الطاقة، أو استجلاب الحديث الخادع عن فضائل هذا المشروع، مادامت فكرة المشروع ومساره داخل المجموعة الألمانية فقط، في ظل الصراع والتناقضات والصدامات.

العديد من الأسباب يراها الخبير وراء فشل المشروع منها التكلفة المالية العالية جدا للمشروع  430 مليار يورو.

وتردد الشركاء الأوروبيين وخاصة الألمان منهم في قبول المبدأ الجزائري القائل بضرورة نقل وتوطين التكنولوجيا في الأوطان جنوبا، وجوب التزام الأوربيون لضمان مرافقة علمية وتكنولوجية وصناعية لبعث صناعات محلية لمعدات الطاقة التي يحتاج إليها المشروع.

وانسحاب أغلب الشركات من المشروع خصوصا عملاق الصناعة الألمانية سيمينس في نهاية سنة 2012.

والمقاومة التي أبداها العديد من الفاعلين في الفضاء الأوروبي للمشروع، حيث أرسلوا إشارات تخويف قوية إلى الساسة بأن أوروبا ستمضي نحو حتفها وبأنها سترهن مستقبلها الطاقوي من خلال ربط إمداداتها الطاقوية مجددا وبشكل مستدام بدول تقليدية محافظة.

أما النقاش حول البدائل ومآلات تطور تكنولوجيات وتقنيات الطاقات المتجددة بشكل متسارع مع انخفاض تكاليفها، بشكل مضطرد الأمر الذي أوحى للكثير من الدول والشركات بضرورة التريث لأن حقل تطور التكنولوجيات الطاقوية المتجددة لم يكشف عن كامل أسراره والمستقبل قد يحمل انعطافات حادة غير منظورة حاليا.

ويشير إلى بعض أوجه الضلال في المشروع تتمثل في

– إشكالية “التشبيك” العابر للحدود، و”سؤال سيادة” الدول الوطنية على أنشطة الشبكة.

– إشكالية التمويل، والاعتماد على فكرة “المساهمات المحلية” للصناعيين وأرباب المال والأعمال الخواص في البلدان المحلية التي ستحتضن أجزاء من المشروع ضمن الشبكة الممتدة من المغرب مرورا بالجزائر ومصر، وصولا إلى فلسطين ثم منطقة شمال الخليج وتركيا لاحقا.

– تجاوز سلطة الحكومات الوطنية، من خلال إنشاء “هيئة فوق حكومية”، وهي عبارة عن لجنة عليا فوق سلطة الحكومات لضبط الشبكة، لها سلطة عابرة لسلطات الدول، تتكفل بالإشراف على المشروع وتسييره.

– عدم القبول بمطلب نقل التكنولوجيا للجنوب، بل الاكتفاء بمنح “إتاوات” كحقوق مقابل الاستغلال فوق الأراضي الوطنية للدول المحتضنة لمحطات إنتاج الطاقة.

– تشكيل لوبيات مساندة للمشروع تتكون أساسا من صناعيين وأرباب المال، نخبة علمية وتقنية، وسائل إعلام، ومجتمع مدني.

– إشكالية الشراكة المالية مع إسرائيل (أول محطة في أرضية المشروع ستقام في حيفا لتموين غزة بالكهرباء والماء)، وهذا لاستعطاف العرب للدخول بقوة لتمويل تكاليف المشروع.

أسباب أخرى للفشل

– انسحاب شركات رائدة عملاقة مؤسسة للأرضية من المشروع.

– انخفاض كلفة الكهروضوئي بشكل متسارع ودرماتيكي.

– انخفاض سعر الكيلو واط ساعي بالفضاء الأوروبي (وصولا إلى السعر السالب).

– فشل مسعى جمع المبلغ المالي الضروري لإطلاق الأرضيات التكنولوجية للمشروع.

– بروز دراسات لاحقة تبين عدم جدوى المشروع من الناحية الإقتصادية.

– غلبة التوجسات الأوروبية القائمة على خوفها من رهن مستقبلها الطاقوي بالجنوب مجددا.

Source: sputniknews.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!