خبير: تعدد المتدخلين الدوليين في الملف الليبي يعيق الوصول إلى الحل السلمي
[wpcc-script type=”b516078122e604853326af52-text/javascript”]

الرباط ـ «القدس العربي»: بدأ أعضاء من الحكومتين المتنازعتين في ليبيا، الأحد، مشاورات في مدينة بوزنيقة الساحلية بالمغرب، على بعد حوالي 40 كيلومترًا جنوب الرباط، في محاولة لتقريب المواقف من أجل استئناف الحوار السياسي.
وفي أول يومين من المحادثات، أعرب الجانبان عن الحاجة إلى إيجاد حل سياسي سريع للنزاع وتجنب الحرب وتوحيد البلاد.
قال عبد السلام الصفراوي، رئيس وفد المجلس الأعلى للدولة الليبي في حوار المغرب، الإثنين، إنهم توصلوا إلى تفاهمات بشأن المؤسسات الرقابية والأسماء المقترحة لقيادتها؛ على أمل التوصل إلى اتفاق بشأنها مساء الأثنين. جاء ذلك في تصريحات صحافية عقب انتهاء الجلسة الصباحية من اليوم الثاني والأخير من الحوار الليبي في مدينة بوزنيقة شمالي المغرب.
وأضاف: نتوقع في المساء استئناف الجلسات، ونأمل التوصل إلى اتفاق حول الأسماء المقترحة في المؤسسات الرقابية بنهاية اليوم الثاني من الحوار.وأوضح أن المفاوضات وصلت إلى بعض التفاهمات على أساس إنهائها مساء الإثنين .وأوضح أن المؤسسات الرقابية هي المنصوص عليها في المادة 15 من الاتفاق السياسي لعام 2015.
وتنص هذه المادة على المؤسسات والمناصب التالية: محافظ مصرف ليبيا المركزي، رئيس ديوان المحاسبة، رئيس جهاز الرقابة الإدارية، رئيس هيئة مكافحة الفساد، رئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات، رئيس المحكمة العليا والنائب العام.وأعرب الصفراوي عن أمله في التوصل إلى اتفاق يسهم في وضع حد للانقسام السياسي والمؤسساتي في ليبيا.a
وأشار محمد نجم، عضو المجلس الأعلى للدولة الليبية (ممثل حكومة طرابلس، المعترف بها دولياً) في كلمته في افتتاح هذه المشاورات، إلى أن اللقاءات تهدف إلى تجاوز “الحصار القائم” و”إعادة إطلاق العملية السياسية”.
وشدد على أن “ليبيا تمر بأزمة أمنية وصحية فاقمها فيروس كورونا ومشاكل أخرى يعاني منها كل الليبيين بسبب هذا الانقسام السياسي”. وقال وزير خارجية المغرب، البلد الراعي لهذه اللقاءات، ناصر بوريطة، إن هذه اللقاءات لها مقاربة براغماتية هدفها “إعادة بناء الثقة” و”الأفكار الناضجة” للتوصل إلى حل للصراع.
وأشاد بـ”الديناميكيات الإيجابية” التي لوحظت مؤخراً في الصراع الليبي، وتحديداً مع إعلان وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في الـ21 آب/ أغسطس بين الأطراف المتناحرة.
ولم يقدم المشاركون تفاصيل حول محتوى هذه المشاورات التي تعتبر غير رسمية وتحضيرية لاجتماعات مستقبلية أخرى، بينما أشارت عدة مصادر إلى “الحفاظ على وقف إطلاق النار كأحد النقاط المركزية”.
واعتبرت القائمة بأعمال المبعوث الخاص للأمم المتحدة للصراع الليبي، ستيفاني وليامز، أن وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين الأطراف المتنافسة في ليبيا، هو “فرصة للبحث عن حل سياسي شامل للأزمة” في هذا البلد المغاربي.
وقالت وليامز آنذاك إنه “لطالما كانت الأزمة في ليبيا دولية، وحان الوقت لأن تصبح قضية ليبية”، من خلال حوار، بعيدًا عن أي تأثير خارجي. كما أصرت على أن هذا الحوار يجب أن يكون شاملاً، ويشارك فيه جميع الأحزاب السياسية الليبية والأقليات والمجتمع المدني والمنظمات النسائية وممثلي القبائل.
سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة “سيدي محمد بن عبد الله” في فاس المغربية، قال لـ”القدس العربي”، أن “استضافة المغرب لهذا اللقاء تؤكد مرة أخرى كونه الوسيط الذي يحظى بثقة مختلف الأطراف الليبية نظراً لحفاظه على نفس المسافة مع مختلف المتنازعين، وهو المؤهل حالياً لقيادة الوساطة بين الليبيين للوصول إلى الحل السلمي للنزاع، كما أنه ظل منذ بداية الأزمة يؤكد أن هذا الخيار التفاوضي، ويرى أن الخيار العسكري فاشل وسيعمق الشرخ بين الليبيين”.
وأشار إلى وجود ما وصفها بـ”عوائق الوصول إلى الحل السلمي”، يقول: “رغم ما يوحي به الوضع الميداني من كونه فرصة لبدء مفاوضات جادة بين الأطراف المتنازعة، فإن هناك عوائق كثيرة في طريق الوصول إلى حل سلمي. ولعل أهم هذه العوائق هو تنوع المتدخلين الدوليين في الملف الليبي وتأثيرهم على الأطراف المتنازعة”.
ويرى المحلل السياسي ، أنه “لا يكفي أن تعبر بعض الأطراف الليبية عن نيتها وقف إطلاق النار والجلوس إلى طاولة المفاوضات، بل تحتاج الأزمة الليبية إلى توافق دولي حقيقي على سبل حلها، ولاسيما من قبل الدول التي تدعم بالسلاح والمال الأطراف المتنازعة”.
الصديقي خلص إلى إن نجاح الحوار وأيضاً تطبيق مخرجاته “يحتاجان إلى دعم القوى الدولية التي لها تأثير في الميدان، وعلى رأسها كل من تركيا وروسيا؛ لذلك فإنه بالإضافة إلى العمل الكبير الذي يقوم به المغرب لجمع الليبيين على طاولة المفاوضات المباشرة، فإنه يحتاج أيضاً إلى إقناع الفاعلين الدوليين بضرورة دعم جهوده الدبلوماسية”.
جدير بالذكر أن رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية، خالد المشري، ومنافسه رئيس مجلس النواب في مدينة طبرق الشرقية (تحت إشراف الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر) عقيلة صالح، في نهاية شهر تموز/ يوليو، جاءا إلى الرباط في اليوم نفسه، لكنهما لم يلتقيا في أي وقت، والتقيا بشكل منفصل مع عدة مسؤولين مغاربة.
واستضاف المغرب في عام 2015 في مدينة الصخيرات الحوار بين الليبيين، برعاية الأمم المتحدة، والذي نص على تشكيل حكومة الوفاق الوطني والمجلس الأعلى للدولة.
هذا الاتفاق رفض لاحقًا من قبل حفتر وفصائل أخرى في البلاد، مما أثار حربًا بين الجانبين وانقسام المؤسسات الرئيسية في البلاد، مثل البنك المركزي الليبي، إلى قسمين متوازيين في طرابلس والبيضاء (شرق البلاد)، وشركة النفط الوطنية إلى فرعين.
ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011 غرقت ليبيا في حالة من عدم الاستقرار العميق، مع وجود حكومتين متعارضتين، وحرب أهلية متقطعة شطرت البلاد شطرين، وكذا انتشار الميليشيات المسلحة، حتى تحولت أراضي ليبيا إلى بلاد مشتتة ومنصة للهجرة غير النظامية نحو أوروبا.