‘);
}

مفهوم الرواية

تعددت أنواع الرواية من حيثُ أجناسها، وما يحيط بها من خصائصَ فنيّةٍ، ورؤى مختلفة في فنِّ كتابتها؛ فلذلك اختلفت الآراء حول وضع مفهوم يجمع خصائصها الفنية، ولعدم وجودِ قواسمَ مشتركةٍ بين مختلف الروايات؛ لذلك قُدمت مجموعةٌ من الآراء التي تكاد تكون جزئيةً لمفهوم الرواية في أبعادها ومقوّماتها، وقد جاءت آراء المعرفين حول مفهوم الرواية بما يتحدث عن عدد كلماتها، وأنّها أطول من القصة القصيرة، ومنهم من ذكر أنّها أكثر من خمسين ألف كلمة، ومنهم من ركّز على الوظيفة التي تقدمها الرواية للقارئ، ومنهم من اهتمّ بمضامينها، ولمعرفة مفهوم الرواية يجب معرفة تاريخ نشأتها، فقد نشأت بتطور المجتمع البرجوازي وسياق فلسفته الجدلية، فهي نتاج عن التحولات التي عاشها المجتمع البرجوازي، وربطه مع الماضي الملحميّ، على اعتبار أنّها ملحمةٌ من غير إله، فالملحمة قالبها شعريّ، والرواية قالبها نثريّ، وكلّ رواية مختلفة عن الأخرى، وهي بطبيعتها فنّ بحدّ ذاتها تنفرد عن غيرها في جوهرها وخصوصيتها، وهي فنّ أدبيّ نثريّ لا يتقيّد بضوابطَ معينةٍ، ويحتمل كل الاحتمالات، فقد ذكر الكثير من النّقاد أنّه لا يُوجَد تعريف شامل للرواية؛ لأنّها فن أدبي قابل للتطور والاستمرار،[١]وعلى المجمل فإنّ الرواية فنّ أدبي يعتمد على السّرد، ويختلف عن الأسطورة، فكاتبها معروف غير مجهول، وتختلف عن الخبر التاريخيّ، لأنّها وحيّ من الخيال، وتختلف عن الملحمة، لأنّها من الأجناس النثريّة، وتختلف عن الحكاية والأقصوصة، لأنّها عمل أطول منهما، وتختلف عن الخبر، لأنّها ذات بنية سرديّة معقدة.[٢]

خصوصية الرواية العربية

اتّسمت الدول العربية بقوميتها على أنّها متعددة الأقطار، وكل قطر من هذه الأقطار كافح لكي يستقل بذاته، فهناك اختلاف ثقافيّ، وفكريّ يميز كل قطر عن الآخر، على الرغم من وجود قواسمَ مشتركة بين الأقطار العربية كاللغة، والدين، ممّا أدّى إلى اتّساع مدى الرواية العربية في تصوير واقع الشخصية العربية، من المدينة، إلى الريف، إلى البادية، ومن الفرد في العشيرة، إلى الفرد في الأسرة الواحدة، إلى الفرد المغترب الذي لا تربطه أي صلة بالآخرين، فلذلك وُجِدَت الرواية العربية بأنّها تُجسد الهوية الوطنية، والأحكام الفردية، والإبداع في إبراز عناصر الرومانسية منذ بدايتها، وتصوير الفرد بأنّه ذو شخصيةٍ مستقلة عن بيئته الطبيعية، وأنّها لجأت إلى تصوير البعد الرومانسيّ، والرمزيّ والأسطوريّ.[٣]