‘);
}
مقدمة الخطبة
الحمد لله على آلائه، وصلاته وسلامه على خاتم أنبيائه وعلى آله وصحبه وأوليائه، الحمد لله الذي جعل ديننا دين رحمة، الحمد لله الذي جعل في الحياة مواسم تقرّبنا إليه لننال جنّته، الحمد لله جلّ في علاه، إنّا نستعينه وحده ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أعمالنا ومن سيئات أعمالنا.
الحمد لله الذي منّ علينا برمضان المبارك لتكون فيها عبادات تروّح عن أنفسنا، الحمد لله الذي جعل صلاة التراويح عبادة توصلنا إلى الدرجات العلا، وأشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدًا رسول الله، وأصلّي وأسلّم على المبعوث رحمة للعالمين وهداية للمتبصّرين ونورًا للسائرين.
الوصية بتقوى الله تعالى
عباد الله، أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله، فإنّها من الوسائل الرّئيسة لدخول الجنة، فالجنة قد أُعدّت للمتقين، يقول -تعالى- في محكم تنزيله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)،[١] وأحذّركم يا أحبتي ونفسي من معصية الله تعالى ومخالفة نواهيه، يقول سبحانه: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).[٢]
‘);
}
الخطبة الأولى
يا معشر المسلمين، جعل الله -تعالى- شهر رمضان المبارك ليكون فرصة للمسلمين بإقبالهم على التوبة واستثمار لياليه، والتشمير عن ساعد الجدّ في أداء الطاعات، والتقرّب إلى الله -عز وجل-، ونيل مغفرته، وقد شُرع في هذا الشهر المبارك صلاة التراويح، حيث كانت مشروعيتها في أواخر عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-.[٣]
وقد ثبت -أحبتي في الله- عن عائشة -رضي الله عنها- أنّ رسولنا الكريم صلّى التراويح ثلاث مرّات، وفي اليوم الرّابع لم يخرج للصلاة، فعندما سُئل أجاب: (خَشِيتُ أنْ تُفْتَرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْهَا، فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والأمْرُ علَى ذلكَ).[٤]
واعلموا يا عباد الله أنّ صلاة التراويح من شعائر الدين الإسلامي العظيمة، فقد أجمع العلماء على أنّ حكمها سنّة مؤكدة، ولها فضائل جليلة، وثبت في ذلك العديد من الأدلة في السنة النبوية الشريفة، ومنها قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِن غيرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فيه بعَزِيمَةٍ، فيَقولُ: مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).[٥][٣]
وقد صلّاها نبيّنا الكريم جماعة مع الصّحابة، واستمرّ ذلك إلى وفاته -عليه السلام-، ثمّ أصبحوا يصلّونها منفردين، إلى أن جاء عهد عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-، فرأى العديد من المصلّين يؤدّون التراويح متفرّقين، فجمعهم وراء الإمام ليؤدّوها جماعة كما في عهد الرسول -عليه السلام-، وكانت تلك أوّل صلاة جماعة بعد وفاة الرّسول -صلى الله عليه وسلم- في عهد الصّحابي الجليل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.[٣]
عباد الله الكرام، إنّ لصلاة التراويح فضائل عظيمة بيّنها لنا نبيّنا الكريم، لذلك علينا يا أحبتي أن نحرص تمام الحرص على تأديتها جماعة وعلى أكمل وجه، واعلموا أنّ صلاة التراويح غير محصورة بعدد معيّن، حيث يُمكن أن تؤدّى ركعتين أو أربع أو ثماني ركعات، لكن ثبت في العديد من الروايات أنّ نبيّنا الكريم كان يُصلّيها إحدى عشرة ركعة.[٦]
تقول أُمُّنا السيّدة عائشة -رضي الله عنها-: (ما كانَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا).[٧]
معشر المسلمين، إنّ وقت صلاة التراويح يبدأ بعد أداء فريضة العشاء، والأفضل أن تكون بعد أداء السّنّة، وينتهي وقتها إلى طلوع الفجر الثاني، وصلاة التّراويح لا تُقضى كونها ليست من الفروض، فإن انتهى وقتها فلا يقضيها مَن فاتته.[٨]
وصلاة التراويح -إخواني الكِرام- يُصلّيها المسلم في أول ليلة من رمضان، فإن أدّاها في كافة لياليها فإنه نال فضل أجرها في الدنيا والآخرة، فالله -تعالى- اختصّ هذا الشهر المبارك بالصّيام والقيام، والحكمة من الصّيام: الاستزادة بالطّاعات والنّشاط الروحي.
وأمّا القيام -أحبتي في الله- فهو بمثابة مناجاة لله -تعالى- والتقرّب إليه، فيزيد الإيمان وتصفو القلوب، ويُرزق العبد الطّمأنينة التي تحثّه على أداء المزيد من الطّاعات ولا سيّما النوافل، فأوصيكم يا أحبتي بأداء صلاة التراويح لِما في ذلك من فضائل عظيمة، وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.[٩]
الخطبة الثانية
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، فالحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبا مباركًا فيه، الحمد لله حمدًا يوافي نعمه العظيمة، الحمد لله حمدًا لا نهاية له ويكافئ مزيده، وأشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدًا رسول الله، عباد الله، أذكركم ونفسي بفضائل شهر رمضان المبارك، وأذكّركم بالأعمال المسنونة التي تقرّب العبد إلى ربّه، فاحرصوا عليها يا أحبتي فما هي الحياة الدّنيا إلا دار الفناء، والآخرة دار البقاء.[١٠]
أحبتي في الله، سارعوا بالتقرّب إلى الله -تعالى- بالسّنن والنوافل، فصلاة التراويح فرصةٌ ذهبيّة لمغفرة الذنوب والمعاصي، وهي فرصة لنيل رضا الله -تعالى- في كِلا الدّاريْن، فقد قالت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ)،[١١] وصلّ اللهم وسلم وبارك على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.[١٠]
الدعاء
- اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وارفع مقامنا ودرجاتنا، وارزقنا جنّتك يا أكرم الأكرمين.
- اللهم لا تُخرجنا من رمضان إلا وأنت راضٍ عنّا، وأعنّا على ما تبقّى من الليالي، وثبّت أقدامنا على صلاة التراويح والذّكر.
- اللهم إنّا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من كلّ أمر يبعدنا عنها، وارزقنا اللهم أجر صلاة التراويح وثوابها.
- اللهم تقبّل صلاتنا وقيامنا وذكرنا، واحشرنا مع الصدّيقين والشهداء، وارزقنا شربة ماء من الرسول الكريم.
المراجع
- ↑سورة الحج، آية:1-2
- ↑سورة الحشر، آية:7
- ^أبتمجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 139. بتصرّف.
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2012، صحيح.
- ↑رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:759، صحيح.
- ↑حسين العوايشة، الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة، صفحة 152-154. بتصرّف.
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1147، صحيح.
- ↑وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1091. بتصرّف.
- ↑“مشروعية صلاة التراويح”، نداء الإيمان، اطّلع عليه بتاريخ 13/3/2022. بتصرّف.
- ^أبمحمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 2208. بتصرّف.
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2024، صحيح.