لقد نفذ الإنترنت إلى منازلنا وخاصّةً إلى غرف الأطفال. وبفضل هذه الوسيلة السحريّة والعمليّة، تَتهادى الصور الإباحيّة أمام مُستخدميالإنترنت مهما كانت أعمارهم. إنّه دورنا كأهل ومربّين أن نكون يقظين وأن نُمارس مراقبةً ذكيّة.

 تعرٍّ فاحش

عُريّ الجسد بحدّ ذاته ليس فاسقاً، لا بل سليماً وصحيّاً، إنْ كان هدفه السماح للطفل بالتعرّف على نفسه وما سيصير عليه عند بلوغ سنّ النضوج. إلاّ أنّ الجوّ الذي يُهيّأ ويشجّع على التعرّي هو أمرٌ آخر. فالجنس هو بالتأكيد مجال الحياة الإنسانيّة الأكثر أهميّة، كونه يؤثّر على الحياة الاجتماعيّة للفرد وعلى استمرار الجنس البشري. كلّ المراهقين قد لجأوا إلى قواميس اللغة بحثاً عن الكلمات ومعانيها: الجنس-  القضيب-  الثديان وحتّى الجنس الفموي…إلخ. لحسن حظّهم، أنّهم وجدوا أجوبةً وصوراً أشبعت فضولهم وأعطت معنًى لتساؤلاتهم. اليوم، مع التطوّر التكنولوجيّ ومحرّكات البحث الإلكترونيّة، سوف تتفاجأ بوفرة الصور الإباحيّة التي تظهر على شاشتك، وكلٌّ منها أكثر فحشاً من الأخرى، وغالباً ما تكون هذه الصفحات الرئيسيّة والترحيبيّة لهذه المواقع…

 إباحيّة في متناول الجميع

ما إن تتصفّح موقعاً إباحيّاً، حتّى يُبادر مروّجو الموقع إلى  طرح اسئلة عليك: إنْ كُنتَ ما دون الثامنة عشرة “أُخرج”، وإن كُنتَ راشداً “أُنقر على زر الدخول”. فالمُعطيات لا تسمح لجهاز الكمبيوتر من التحقّق من سنّ زائر الموقع. هناك أيضاً مواقع تعرض صوراً لهواة ومَشاهد مصوّرة عبر الهاتف المحمول والكاميرا (

 أرقام خياليّة

كلّ يوم يُنشر 16,000 فيديو على موقع Dailymotion، 75,000 على Youtube، مليون صورة على Skyblog.   

-هناك 700,000 موقع إباحي ومليار فيديو متوفّر على شبكة الإنترنت.

 تُظهر الدراسات أنّ ولداً من اثنيْن قد شاهد فيلماً إباحيّاً في عمر الـ11  سنة. والكثير منهم شاهدوا هذه الأفلام في سنٍّ أصغر، بين الـ  8 و9 سنوات! فأيّ تربية هذه، وأيّ قدوة لبناء صورة طيّبة عن العلاقات الإنسانيّة! لا شكّ في أنّ هذه الإنزلاقات الجنسيّة في المراهقة تعود جذورها إلى تسخيف الحياة الجنسيّة، التي يَسهُل التخلّص منها، حيث يُصبح الآخر وسيلة مُتعة مباشرة غير مستثمرة في علاقةٍ جديّة، كما يُصبح فارغاً ما إنْ ينتهي دور الإمتاع. الإباحيّة تُقسّم الجسم إلى أجزاءٍ محدّدة، لها وظائف بيولوجيّة فقط. إنّها تجعل من الحياة الجنسيّة عمليّة ميكانيكيّة بحتة، حيث لا مكان للإرتباط العاطفي. هذه الأفلام الإباحيّة، هي كناية عن مشاهد سيطرة بين الشريكيْن، بحيث أنّ كلاً منهما يكون تحت تأثير نبضات لا تقاوم تبرّر كلّ الأساليب لبلوغ الذروة ناهيك عن العناوين الفضفاضة التي تُعطى لكلّ فيلم أو صورة.

 إكتشاف غير صحيّ للجنس

المُعالج النفسي الأميركي ريتشارد إركين يُشدّد على أنّ هناك اعتداءً جنسيّاً تجاه طفل في كلّ مرّةٍ نُعرّضه فيها لمضمونٍ جنسي، إنْ يكن صورة، أو كلاماً، أو حركة لا تتوافق مع احتياجات عُمره. إنّ نهفات “أبو العبد” التي تُروى على مسامع هؤلاء بعد غداء يوم الأحد، هي عنفٌ جنسيّ لآذان الأطفال، ودور الوالديْن يبدو أساسيّاً هنا، لأنه بتصرّفهما المُحبّ والمحترم تجاه بعضهما البعض، يكونان القدوة لأطفالهما. ففي سنّ السابعة، لا يعود الأولاد يتمثّلون بأهلهم فقط، بل بالأولاد الأكبر منهم سناً بقليل، ويحاولون تقليدهم ليكبروا. هذه النماذج قد تكون خطرة، حيث المخاطرة سائدة في مثل هذه السنّ، التي يُحاول فيها الأطفال التباهي أمام رفاقهم عن طريق المُزايدة بتصرّفاتهم. فهناك أطفال، في سنّ مبكّرة، يستوحون الثقافة الإباحيّة من خلال تزويد هواتفهم المحمولة بصور من الإنترنت، ويُمرّرونها لأصدقائهم. إنّها طريقة جديدة في اللعب واكتشاف الذات، وأحياناً، ولسوء الحظ، تُساعد على الوحشيّة وإذلال النفس.

 لنحمي أطفالنا

مكانة الوالديْن كمراقبيْن للواقع هي ضرورة مُلّحة. فكلمتهم أساسيّة، وفي إمكانهم أن يقولوا لأولادهم: “لا أريدك أن تشاهد هذا، لأنّه يُعطيك صورة سيئة عن الحياة الجنسيّة، وهذا ليس جيّداً لبناء حياتك. ليس بهذه الطريقة يُحبّ الرجل والمرأة بعضهما البعض”. إنّه الوقت المناسب أيضاً للتشديد على أنّ هذه الصورة عن الشريك والمُركّزة فقط على التمتّع، تُهيّن دور الرجل والمرأة معاً. أكثر من ذلك، يجب أن يكون الحاسوب العائليّ مُتصلاً بمركز مراقبة أبويّ يمنع الدخول إلى بعض المواقع. والمكان الأفضل لوضع الحاسوب هو غرفة مُشتركة تُجنّب الولد البقاء وحيداً أمام الشاشة بعيداً عن رقابة شخص ناضج يُشاهد كلّ ما يمرّ على الشاشة. لهذا السبب، ليس مناسباً لأيّ ولد امتلاك جهاز حاسوب خاصّ به في غرفته. ويجب أيضاً ألا نتردّد في إعطاء الرأي المناسب عندما يُسخّف التلفزيون هذه المواضيع الهامة.

 بالنسبة إلى المراهقين

كلّ مراهق لديه فضول يدفعه إلى مشاهدة بعض الصور الإباحيّة، كما كان يحدث مع المراهقين في ما مضى، عندما كانوا يتصفّحون المجلات الجنسيّة. الخطر يكمُن بشكلٍ خاص في أنّ هذا المراهق سيتّخذ مثالاً له هذا النوع من العلاقة في حياته الجنسيّة المستقبليّة، كأنّ يعتقد مثلاً أنّ الجميع لا يفكّر إلا بالقيام بعلاقات جنسيّة ليل نهار، وأنّ الجنس يقوم فقط على العنف والاحتقار. فالحنان والعاطفة والنعومة لا تظهر أبداً.

 دورنا كأهل

-يجب ألا نمنع الإنترنت عن المراهق بُغية منعه عن رفاقه.

-شرح بأنّ الأفلام الإباحيّة لا تمُتّ إلى الحقيقة بصلة.

-إظهار أنّ العاطفة والحنان يطغيان على العلاقات الإنسانيّة قبل أيّ شيء آخر.