خلخلة السكون في واقعية اللبناني علي شحرور
[wpcc-script type=”f5ed23025f024a8b98de4b4b-text/javascript”]

يشكل العمل الواقعي والبورتريه بمختلف عناصره ومفرداته التعبيرية أحد أهم الأساليب التشكيلية الواقعية التي يستند إليها الفنان التشكيلي علي شحرور، فهو ينتج فضاءات أعماله باعتماد الشخوصات المختلفة باعتبارها مادة واقعية تستجيب لمتطلبات الواقع الاجتماعي، الذي يشتغل عليه، ثم يحولها لتعبير ودلالات متنوعة، ليفصح عن كل ما تختزنه من مضامين، وما تضمره من مواضيع اجتماعية وتراثية، بتصورات ورؤى متعددة الدلالات، يجسدها بطريقة فنية خارجة عن المعتاد، وبفنية تشكيلية عالية الجودة، وبتقنيات فائقة، وبعلامات لونية، وأشكال تعبيرية فصيحة، تتوقف على مناحي قيمية وجمالية ساحرة، كلها تعبيرات جمالية تنبع بصدق من نفسية الفنان علي شحرور، بعد أن تنسجها اجتهاداته في قوالب تعبيرية بحرفية كبيرة وموهبة ذاتية ومهارات عالية ومؤهلات فائقة وتقنيات معاصرة رائقة، بكثير من الدقة والعناية والتوظيف التقني البديع.
إن خاصية الأشكال الواقعية في منجز التشكيلي علي شحرور تتجه نحو الإيحاء لكل ما يرمز به في منجزه التشكيلي من واقع اجتماعي له دلالاته، فيما يُحدث من حركات فنية تُخلخل السكون، وتقوم بتغيير الشكل التعبيري الذي يروم تعددية الدلالات والقراءات، فهو يبلور العملية الإبداعية، وفق خاصيات جديدة وأساليب معاصرة في التعبير، وإنه أيضا يروم الإفصاح عن عمق الصورة التعبيرية الواقعية بصيغ إشكالية جمالية، لكنها أكثر إنسانية؛ يؤثت بها مجموعة من الجدليات وفق مجموعة أخرى من المفردات والعناصر والعلامات المتوازنة في ما بينها.
تبرز المادة التشكيلية في شكل وجودي يشرك البعد الحسي والعنصر البصري للقارئ وتؤثر فيه بشكل مباشر.
وهو بذلك يمنح أعماله حيزا كبيرا من الحرية في التعبير، ونوعا من التلقائية، ويحد من الأشكال الغامضة بدرجة كبيرة، التي هي في جوهرها أدوات أيقونية تتفاعل مع نظام الفضاء التعبيري في أنساق دلالية متلائمة ومنسجمة فيما بينها، تترجم تصوراته وهواجسه وأحاسيسه وانفعالاته الداخلية، بما تفصح عنه التعددية المتناسقة أحيانا، والمفارقات التعبيرية أحيانا أخرى.
إنه يقارب أشكال أعماله الفنية بالمادة البصرية التي تشكلها عين القارئ، وهو ما يصنع ارتباطا وثيقا بينه وبين إحساس القارئ. فواقعية العمل الإبداعي لديه تنبني على الإيحاءات والرمزية المنبثقة من الواقع الاجتماعي والرؤية الإنسانية؛ إنها تنطق بدلالات أخرى في إطار موضوعات تتوافر فيها الرؤية الموضوعية للحياة الاجتماعية بكل مقوماتها وتفاصيلها وتجلياتها وجمالياتها، وفق نسيج لوني ورمزي وعلاماتي يتم توظيفه وفق أنساق متتالية وأبعاد وقيم أخلاقية، بطرق فنية يتوخى من خلالها بسط الصيغ الجمالية، ما يجعل من سياقات أعماله إطارا تعبيريا معاصرا بسياقات مختلفة.
وتشكل الحركة أحد الأدوار التحكمية في الفضاء، وتجعله ينبض بالرشاقة والحيوية، ما يصنع نوعا من التفاعليات بأبعاد حقيقية واقعية ملموسة، تبرز المادة التشكيلية في شكل وجودي يشرك البعد الحسي والعنصر البصري للقارئ وتؤثر فيه بشكل مباشر. كما أن جودة التقنيات التي يستعملها تساعد في عملية المعالجة الواقعية وإبراز العمل الفني في رونق وجمال فائق، فتجربته الفنية الموفقة تجعل من أعماله واقعا له سحريته وجمالياته في الفن الواقعي المعاصر.
٭ كاتب مغربي