الحياة مليئة بِالكُروب والهموم والضُّغوط النّفسيّة والاِجتِماعيّة الّتي تُفقدها جمالها فما هو دعاء تفريج الكرب والهم، فَعَلى العبد المسلِم أنْ يلجأ إلى الدّعاء الذِي يُعتبر سلاحه ضِد أي قوّة فِي الأَرض كانَت نَفسيّة أو اجتماعيّة أو سياسيّة حتّى، فالدعاء يكون باللجوء الى الله عز وجل والطلب منه في الرخاء والشدّة في الضيق والوسع في الكرب والهَم لذا على كل مسلم ان يتقرّب لله بالدعاء الذي يقوي الصلة بين العبد وربه وهو امر مهم في حياة كل عبد مسلم عليه انْ يحفظ الادعية ويدعو الله دائما فمن تقرب لله شبرا تقرب الله له ذراعا فالله يحب ان يلجا اليه عبده ففيها خوف ورجاء لله عز وجل وسنتطرق الآن لدعاء تفريج الكرب والهم .

دعاء الكرب والهم 

هناك أدعية خاصّة ثبت في صحيح السّنة أنّ بعضها يزيل الهمّ والغمّ، ويفرّج الكرب، ومنها:

  • اللهم إنّي عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكلّ اسم هو لك سمّيت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، فقد أخبر النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – أنّ هذا الدّعاء ما قاله أحد إلا أذهب الله همّه، وأبدله مكان حزنه فرحاً، قالوا:” يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات؟ قال: أجل، يَنْبَغِي لمن سمعهن أن يتعلمهن “، رواه أحمد وغيره، وصحّحه الألباني دعاء تفريج الكرب والهم .
  • اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت.
  • لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله ربّ السّموات والأرض، وربّ العرش العظيم، فقد كان النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – يدعو بها عند الكرب.
  • اللهم إنّي أعوذ بك من الهمّ والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدّين، وغلبة الرّجال، وقد ثبت فى صحيح البخاري وغيره أنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – كان يكثر من قول هذا الدّعاء.
  • أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم، جاء في صحيح مسلم: أنّ عثمان بن أبي العاص، أتى النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – فقال:” يا رسول الله إنّ الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذّ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثاً، قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عنّي “..
  • أخرج أحمد وأبو داود عن نفيع بن الحارث، أنّ رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – قال:” دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت “.
  • أخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – يدعو عند الكرب يقول:” لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله ربّ السّموات والأرض، وربّ العرش العظيم “.
  • أخرج أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:” ألا أعلمك كلمات تقولينهنّ عند الكرب، أو في الكرب: الله الله ربّي لا أشرك به شيئاً “.
  • عن أبي بن كعب قلت:” يا رسول الله، إنّي أكثر من الصّلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النّصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثين؟ قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذن تكفى همّك، ويغفر لك ذنبك “، رواه الترمذي والحاكم في المستدرك دعاء تفريج الكرب والهم .
  • عن علي رضي الله عنه أنّ مكاتباً جاءه، فقال: إنّي قد عجزت عن كتابتي فأعنّي، قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهنّ رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – لو كان عليك مثل جبل ثبير ديناً أدّاه الله عنك، قال: قل:” اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك “، رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الحاكم وحسنه الأرناؤوط والألباني.
  • ورد في صحيح مسلم أنّه – صلّى الله عليه وسلّم – كان يدعو عند النّوم:” اللهم ربّ السّماوات السّبع وربّ العرش العظيم، ربّنا وربّ كلّ شيء، فالق الحبّ والنّوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقضِ عنّا الدّين وأغننا من الفقر “.
  • عن أنس قال: قال رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – لمعاذ:” ألا أعلمك دعاءً تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد ديناً لأدّاه الله عنك، قل يا معاذ: اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء، بيدك الخير إنّك على كلّ شيء قدير، رحمن الدّنيا والآخرة ورحيمهما، تعطيهما من تشاء، وتمنع منهما من تشاء، ارحمني رحمةً تغنيني بها عن رحمة من سواك “، رواه الطبراني دعاء تفريج الكرب والهم .

دعاء الحزن والضيق


يوجد بعض الادعية التي تخرج الناس من كرباتهم وضيقهم ومشاكلهم النفسية التي تواجهه في هذه الحياة، ومن هذه الادعية ما يأتي:

  • اللهم إن ضرورتنا قد حَفت، وليس لها إلا أنت، فاكشفها، يا مفرج الهموم، لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين، اللهم اكفني ما أهمني، اللهم يا حابس يد إبراهيم عن ذبح ابنه، يا رافع شأن يوسف على أخوته وأهله.
  • يا من راح عبرة داود، وكاشف ضُر أيوب، يا مُجيب دعوة المضطرين، وكاشف غم المغمومين، أسألك أن تفرج همي، يا فارج الغم، اجعل لي من أمري فرجًا ومخرجًا، يا سامع كل شكوى، وكاشف كل كرب.
  • اللهم إني أسألك سلامًا ما بعده كدر، ورضى ما بعده سخط، وفرحًا ما بعده حزن، اللهم املأ قلبي بكلّ ما فيه الخير لي، اللهم اجعل طريقي مسهلًا وأيامي القادمة أفضل من سابقاتها.
  • اللهم إني أسألك يا من لا تغلطه المسائل، يا من لا يشغله سمع عن سمع، يا من لا يبرمه إلحاح الملحين، اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، اللهم اكشف عني وعن كل المسلمين كل شدة وضيق وكرب، اللهم أسألك فرجًا قريبًا، وكف عني ما أطيق، وما لا أطيق، اللهم فرج عني وعن كل المسلمين كل هم وغم، وأخرجني والمسلمين من كل كرب وحزن.
  • قُلِ اللَّهمَّ اكفِني بحلالِك عن حرامِك واغنِني بفضلِك عمَّن سواك.

شروط الدعاء المستجاب


إنّ للدعاء شروطاً لا بدّ من القيام بها، وهي:

  • أن يخلص المسلم في دعائه، وهذا يعني أن يقوم بتصفية الدّعاء، والعمل كذلك من كلّ أمر يشوبه، وأن يصرف ذلك كله لله وحده سبحانه وتعالى، بدون أيّ رياء، أو سمعة، ولا تصنّع، وإنّما يرجو الثّواب من الله عزّ وجلّ وحده.
  • أن يقوم بمتابعة الدّعاء، وهذا شروط يجب أن يتوافر في جميع العبادات، وذلك لقوله سبحانه وتعالى:” قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا“، الكهف/110.
  • أن يثق بالله عزّ وجلّ، وأن يكون على يقين بأنّ دعاءه سيكون مستجاباً، وأنّ الله سبحانه وتعالى قادر على كلّ شيء، قال سبحانه وتعالى:”إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ “، النحل/4.
  • أن يكون قلبه حاضراً، وأن يخشع في الدّعاء، وأن يرغب فيما عند الله عزّ وجلّ من الثّواب، ويرهب ما عنده من عقاب، فقد أثنى الله تعالى على زكريا وأهل بيته، فقال تعالى:”وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ “، الأنبياء/89-90.

آداب الدعاء 


إنّ للدعاء آداباً يجب أن يتحلى بها المسلم عند الشّروع به، ومنها:

  • أن يبدأ المسلم دعاءه بحمد الله عزّ وجلّ، وأن يصلي على النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – وأن يختم دعاءه بذلك.
  • أن يدعو الله عزّ وجلّ في الشدّة والرّخاء، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم:”منْ سَرَّهُ أنْ يستَجيبَ اللَّه لهُ عِندَ الشَّدائدِ والكُرَبِ فلْيُكثِر الدُّعاءَ في الرَّخاءِ“، أخرجه الترمذي دعاء تفريج الكرب والهم .
  • أن لا يدعو بالشرّ على أهله، أو ماله، أو ولده، أو نفسه، فعن جابر – رضي الله عنه – في الرّجل الذي لعن بعيره، فقال رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم:” من هذا اللاعِنُ بعيرَهُ؟ قال: أنا يا رسول اللَّه! قال: انزل عنهُ، فلا تصحبنا بملعونٍ، لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقُوا من اللَّه ساعةً يُسألُ فيها عطاء فيستجيبُ لكم“، أخرجه مسلم.
  • أن يخفض صوته عند الدّعاء بين المخافتة والجهر، حيث قال اللَّه تعالى:” ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ “، الأعراف/55.
  • أن يتضرّع إلى اللَّه سبحانه وتعالى في الدّعاء، قال اللَّه تعالى:” فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ “، الأنعام/42-43.
  • أن يلحُّ على الله عزّ وجلّ في الدّعاء، والإلحاح يعني الإقبال على الشّيء، وأن يتوسّل إلى اللَّه تعالى بأنواع التوسّل المشروعة، حيث قال الراغب الأصفهاني:” الوسيلة: التوصّل إلى الشيء برغبة، وهي أخصُّ من الوصيلة؛ لتضمُّنها معنى الرغبة، قال تعالى:” وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ “، وحقيقة الوسيلة إلى اللَّه تعالى مراعاة سبيله بالعلم، والعبادة، وتحرّي مكارم الشريعة، وهي كالقربة، والواسِلُ: الرّاغب إلى اللَّه تعالى. ومعنى قوله تعالى:” وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ” أي تقرَّبوا إليه بطاعته، والعمل بما يرضيه “.

المراجع 

بتصرّف عن كتاب شروط الدعاء وموانع الإجابة في ضوء الكتاب والسنة/ د. سعيد بن وهف القحطاني/ مطبعة سفير- الرياض.