روما – توالت الدعوات من كبرى الشخصيات الدولية أمس الأحد لتكثيف الجهود لمواجهة فيروس كورونا المستجد الذي أودى بأكثر من 65 ألف شخص حول العالم بينما ظهر بصيص أمل في أوروبا.
ومن ساحة القديس بطرس المقفرة في الفاتيكان، دعا البابا فرنسيس إلى الشجاعة لمواجهة الفيروس بينما يتوقع أن تلقي الملكة إليزابيث الثانية خطابا نادرا من نوعه لتشجيع البريطانيين على إظهار أنهم على مستوى التحدي الذي يمثله وباء كوفيد-19.
وأما الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فسبقهما ليهيّئ مواطنيه لتوقع عدد “مروع للغاية” من الوفيات خلال الأيام المقبلة، بينما تجاوز عدد الإصابات المؤكدة في الولايات المتحدة 300 ألف – وهو العدد المطلق الأعلى في العالم (أي دون حساب نسب الوفيات مقارنة مع عدد السكان).
ودفع تفشي الفيروس الفتاك نحو نصف سكان العالم للخضوع إلى العزل التام في منازلهم وقلب حياة المليارات رأسا على عقب بينما تسبب بانكماش كبير في الاقتصاد العالمي.
ومع تأكيد إصابة أكثر من 1,2 مليون شخص، يضغط الفيروس بشكل هائل على خدمات الرعاية الصحية في الدول الغنية والفقيرة على حد سواء والتي باتت تواجه صعوبات كبيرة في العثور على ما يكفي من الطواقم الطبية والمعدات.
ورغم تحذير ترامب المتشائم للأميركيين، ظهر بصيص أمل من إيطاليا، بؤرة كوفيد-19 في أوروبا، وإسبانيا.
وأحيا البابا فرنسيس الذي خضع مرتين لفحص كوفيد-19، قداس أحد الشعانين لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي عبر البث المباشر من ساحة القديس بطرس التي غابت عنها الحشود الضخمة المعهودة خصوصا في هذه الفترة من العام.
وقال “اليوم في مأساة الوباء وإزاء العديد من الضمانات التي تنهار وتتحطّم وأمام العديد من الانتظارات.
لكنه شدد على أنه لا يمكن لأكبر قوّة اقتصادية في العالم، حيث حصد الفيروس أرواح أكثر من 8500 شخص، أن تبقى في حالة إغلاق إلى ما لا نهاية.
وقال إن “التخفيف من حدة الأضرار مجدٍ لكن لن ندمّر بلدنا. قلت ذلك منذ البداية – لا يمكن مداواة المشكلة بما هو أسوأ منها”.
وسجّلت أكثر من 47 ألفا من الوفيات في أوروبا وحدها، بينما تسجّل بريطانيا يوميا عددا قياسيا جديدا من الضحايا لتبلغ الحصيلة الإجمالية لديها أكثر من 4300.
ومن المقرر أن تلقي الملكة إليزابيث الثانية خطابا “شخصيا للغاية” لحض البريطانيين على إثبات أنهم على مستوى التحدي الذي يمليه كورونا المستجد ولتقديم شكرها للعاملين في قطاع الصحة ممن هم في الصفوف الأمامية من المواجهة.
وبحسب مقتطفات من الخطاب المرتقب نشرت السبت، ستقول الملكة “آمل بانه في السنوات المقبلة سيكون الجميع قادرين على أن يفخروا بالطريقة التي واجهنا بها هذا التحدي”.
وفي هذه الأثناء، حذّرت الحكومة البريطانية من أنها قد تحظر ممارسة الرياضة في الهواء الطلق إذا ما استخف الناس بالإرشادات المشددة الهادفة للحد من انتشار العدوى بينما يثير تحسّن الطقس المخاوف من احتمال تجمّع الناس في الحدائق والأماكن المفتوحة.
وكشفت الحكومات عن برامج ضخمة وغير مسبوقة لتحفيز اقتصاداتها والتخفيف من حدة الأزمة، لكن خبراء حذروا من أن الأزمة قد تزيد معدلات الفقر مع خسارة الملايين لوظائفهم.
وتعاني الدول التي كانت اقتصاداتها منهكة أساسا على غرار العراق بشكل إضافي حيث يعمل المتطوعون والجمعيات الخيرية جاهدين لتقديم الغذاء للمحتاجين.
وفي هذا السياق، قال المتطوع العراقي مصطفى عيسى “إنه أكثر خطورة من داعش”، في إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية الذي اجتاح نحو ثلث البلاد في 2014.
وبالتوازي مع كل ذلك، ظهرت بعض الأنباء المطمئنة من أوروبا.
وهلل الإيطاليون السبت بعد تسجيل انخفاض في أعداد المصابين في وحدات العناية المشددة للمرة الأولى.
وحتى أكثر المسؤولين الإيطاليين الصحيين تحفظا رأى في الأرقام دليلا على أن الموجة تنحسر في أسوأ كارثة في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية.
وقال مدير خدمة الحماية المدنية أنجيلو بوريلي “هذه بيانات مهمة جدا تسمح لمستشفياتنا بالتقاط أنفاسها”.
أما إسبانيا، التي تخضع إلى عزل شبه تام، فشهدت انخفاض الوفيات لليوم الثالث على التوالي بسقوط 647 ضحية بإجمالي 12400 وفاة.
وعلى الرغم من أن عدد الإصابات الجديدة تناقص، إلا أن رئيس الوزراء بيدرو سانشيز أعلن تمديد العزل حتى 25 نيسان/أبريل.
وفي مستشفى ميداني في مدريد أقيم في قاعة مؤتمرات، يصفق أفراد الطاقم الطبي كل ما تحسنت حالة مريض بما يسمح له بالمغادرة.
وأعطى عامل البناء إدواردو لوبيز (59 عاما) علامة “10 على 10” للطاقم الطبي الذي اعتنى به “بحنو وجرعة عالية من الإنسانية”.
لكن نيويورك شهدت رقما قياسيا بـ630 وفاة في يوم واحد ما دفع حاكم الولاية أندرو كومو للتحذير من أن الأسوأ لم يأت بعد. وسجلت 3565 وفاة في الولاية إجمالا.
وحذر كومو كذلك من أن المستشفيات التي تعاني أساسا من الضغط لا تبدو جاهزة.
وناشدت سلطات مدينة نيويورك أي شخص يحمل شهادة طبية للتطوع.
وقال رئيس البلدية بيل دي بلاسيو “أي شخص لم ينخرط في الصراع بعد، نحن بحاجة إليك”.
وفيما وصف ترامب المدينة بأنها “الأكثر سخونة من بين المناطق الساخنة”، أكد نشر نحو ألف جندي، معظمهم أطباء وممرضون، لمساعدة نيويورك.
وعلى الرغم من تأكيدات أولية أن وحدهم العاملين في القطاع الصحي بإمكانهم ارتداء الأقنعة الطبية، إلا أن عدة دول غربية مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا شجعت في الأيام الماضية مواطنيها على تغطية وجوههم.
وأغضب هذا التحول بعض المواطنين وأربكهم وأطلق موجة من التسجيلات المصورة التي انتشرت على الانترنت لتعليم كيفية صناعة الأقنعة في المنازل.
وأتت النصيحة بعدما أشارت عدة دراسات إلى أن الفيروس يمكن أن ينتقل عبر الكلام والتنفس وليس السعال والعطاس فقط.
وأفادت السلطات الأميركية أن ارتداء أقنعة بسيطة مصنوعة يدويا في المنزل أو حتى أوشحة يمكن أن تساهم في تخفيض ارتفاع نسبة الإصابات.
وتراجع منظمة الصحة العالمية إرشاداتها لكنها أعربت عن خشيتها من أن تمنح الأقنعة “حسا مزيفا بالأمان” بما يقود الناس إلى التخفيف من التزام غسل اليدين والتباعد الاجتماعي. – (ا ف ب)