دور الإعلام في تنمية الوعي البيئي

إنَّ البيئة هي كل ما يُحيط بنا من ماءٍ وهواءٍ ونباتٍ وكائناتٍ حيَّة، والتي تؤثِّر فينا ونؤثِّر فيها، وترتبط حياتنا بها ارتباطاً وثيقاً؛ فهي إذاً الوسط الذي نعيش ضمنه، والإطار الذي نمارس فيه نشاطاتنا المختلفة. وقد أدَّت ممارسات الإنسان الخطيرة على مدى عقودٍ طويلةٍ إلى تهديد هذه البيئة، وخلق مشكلاتٍ بيئيَّةٍ خطيرةٍ جعلت القضايا المتعلِّقة بالبيئة من الموضوعات الرئيسة التي تشغل العالم. ما هو دور الإعلام في تنمية الوعي البيئي؟ هذا ما سنعرفه في مقالنا التالي.

Share your love

وأصبح موضوع حماية البيئة مسؤوليَّةً تتطلَّب منَّا التحرُّك لإنقاذها، ونشر الوعي للحفاظ عليها؛ وممَّا لا شكَّ فيه أنَّه بالإضافة إلى دور التعليم والتربية، فإنَّ للإعلام دورٌ كبيرٌ ومُلِحٌ فيما يتعلَّق بتنمية الوعي البيئي لدى الأفراد؛ فخلال العقود الأخيرة برز دور وسائل الإعلام، لما لها من قوَّة تأثيرٍ كبيرةٍ في توعية الجمهور بضرورة الحفاظ على البيئة والحثِّ على انتهاج أسلوب حياةٍ يُحافِظ على الموارد الطبيعيَّة.

ونتيجةً لذلك ظهر فرعٌ متخصِّصٌ من الإعلام، وهو الإعلام البيئي، والذي يهدف لخدمة قضايا البيئة، كما يقوم بتسليط الضوء على المشكلات البيئيَّة وآثارها والتوعية بأخطارها؛ مستخدماً بذلك الوسائل والقنوات التقليديَّة للإعلام للوصول إلى الجمهور المُستَهدَف.

ما هو دور الإعلام في تنمية الوعي البيئي؟ هذا ما سنعرفه في مقالنا التالي.

الإعلام البيئي:

يُعدّ الإعلام البيئي بوسائله المختلفة فرعاً من فروع الإعلام، ومن أهمِّ الوسائل التي تلعب دوراً هامَّاً في تنمية الوعي بقضايا البيئة ومشكلاتها، وتعميق شعور المواطن بواجباته ومسؤولياته تجاه البيئة، ونشر مفاهيم التنمية المستدامة، وبشكلٍ خاصٍّ بعد زيادة الضغوط الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والسياسيَّة على البيئة ومكوِّناتها وعناصرها بشكلٍ كبير، وتزايُد حاجة المجتمعات إلى الأخبار البيئيَّة ومعرفة تأثيرات الكوارث وحوادث التلوُّث البيئي والتغيُّرات المناخية على الأوضاع الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة.

وقد ظَهَرَ مُصطلح الإعلام البيئي تقريباً منذ سبعينات القرن الماضي، وتطوَّر مفهومه واستخدامه، حيث كان مجرَّد وسيلةٍ لنقل الخبر البيئي والإثارة الصحفيَّة لتحقيق مبيعاتٍ عالية؛ أمَّا الآن فقد أصبح له كيانٌ قانونيٌّ وسياساتٌ وخططٌ لتحقيق أهدافٍ بيئيَّةٍ مختلفة، من خلال إحاطة الجمهور المُتلقِّي والمُستهدَف بالرسالة والمادة الإعلامية البيئيَّة بكافة الحقائق والمعلومات الموضوعيَّة، بما يُسهِم في تأصيل التنمية البيئيَّة المُستدامة، وتنوير المُستَهدَفِين، لتكوين رأيٍ صائبٍ في الموضوعات والمشكلات البيئيَّة المُثارة والمطروحة.

تعريف الإعلام البيئي:

هو الإعلام الذي يسعى إلى تحقيق أغراض حماية البيئة من خلال خطةٍ إعلاميَّةٍ موضوعةٍ على أُسُسٍ علميَّةٍ سليمةٍ تُستَخدَم فيها كافَّة وسائل الإعلام، وتُخاطِب مجموعةً بعينها من الناس أو عدَّة مجموعاتٍ مُستَهدَفَة، ويتمّ في أثناء هذه الخطة وبعدها تقويم أداء هذه الوسائل ومدى تحقيقها للأهداف البيئية.

كما يُعرَف الإعلام البيئي على أنَّه: “أداةٌ تعمل على توضيح المفاهيم البيئية، ونشر الثقافة البيئية والرقي بالوعي البيئي، وبناء أو فهم الظروف المحيطة، وإحداث تأثيرٍ في المستقبل من خلال التخطيط الإعلامي المُسبَق للأهداف المرجوة من الطرح الإعلامي البيئي”.

ومن أهمِّ القضايا والمشكلات البيئية التي يُعاني منها العالم وتحتلُّ قائمة اهتمامه:

  • تغيُّر المناخ.
  • حماية طبقة الأوزون.
  • إهدار واستنزاف الموارد الطبيعية.
  • التنوُّع البيولوجي.
  • التصحُّر.
  • التلوُّث.

أهداف الإعلام البيئي:

يسعى الإعلام البيئي إلى تحقيق مجموعةٍ من الأهداف:

  • خلق الإدراك وزيادة الوعي بقضايا البيئة.
  • إمداد الفرد بالمعلومات المُختلفة عن القضايا البيئية.
  • تغيير الاتجاهات السلبيَّة للفرد نحو البيئة.
  • الحثُّ على مُشاركة الفرد في مواجهة المشكلات البيئية.
  • إكساب الفرد المهارات المختلفة اللازمة لمشاركته في حماية البيئة وتنمية مواردها، وإكسابه القدرة على التنبُّؤ بالمشكلات البيئية قبل وقوعها.
  • خلق الدافعيَّة لدى الفرد للمشاركة في حلِّ المشكلات البيئية.
  • تغيير السلوك السلبي نحو البيئة.

وقد عدَّت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أنَّ هدف الإعلام البيئي يتجلَّى في تنمية القدرات البيئيَّة وحمايتها، ما يتحقَّق معه تكييفٌ وظيفيٌّ سليمٌ اجتماعيَّاً وحيويَّاً للمواطنين، ينتج عنه ترشيد السلوك البيئي في تعامُل الإنسان مع محيطه، وتحفيزه للمشاركة بمشروعات حماية البيئة والمحافظة على الموارد.

العقبات التي تواجه الإعلام البيئي:

يواجه الإعلام بشكلٍ عامٍّ والإعلام البيئي بشكلٍ خاص، العديد من العقبات، ويأتي على رأسها قلَّة الاهتمام الرسمي بتطوير الإعلام وتنميته -خاصةً في الدول النامية- وحَصْره فقط في التغطيات الإعلاميَّة الرسميَّة، بينما اتجه الإعلام غير الرسمي إلى التسلية والترفيه؛ الأمر الذي انعكس بشكلٍ سلبيٍّ على أهميَّة الحاجة إلى الإعلام المتخصِّص، وخصوصاً الإعلام البيئي، فضلاً عن مشكلاتٍ تواجه الإعلام البيئي نفسه.

وإذا ما تحدَّثنا عن الإعلام البيئي في الوطن العربي، فنحن لا نبالغ إذا قلنا أنَّ الإعلام البيئي ما يزال غريباً عن الساحة الإعلامية العربية، فهو لم يحظَ بالاهتمام الذي حظي به الإعلام السياسي أو حتَّى الرياضي، وغالباً ما يرجع ذلك إلى كون الإعلام البيئي قد وُلِدَ متأخِّراً مقارنةً بغيره من الأنماط الإعلاميَّة الأخرى.

ومن أهمِّ العقبات التي تحدُّ من دور وسائل الإعلام في تنمية الوعي البيئي:

  • عزوف الإعلاميين عن التخصُّص في الإعلام البيئي، حيث يأتي غياب الكوادر الإعلامية المؤهَّلة والقادرة على تناوُل البيئة ومشكلاتها على رأس قائمة مشكلات الإعلام البيئي.
  • قلَّة دعم وتشجيع برامج توعية الجمهور بكيفيَّة حماية البيئة.
  • عدم التحاق الإعلاميين بدوراتٍ تدريبيَّةٍ متطوِّرةٍ في مجال البيئة.
  • عدم كشف السلبيات التي تلحق بالبيئة، والاقتصار على ذكر الجهود والأنشطة الإيجابيَّة المتعلِّقة بحماية البيئة.
  • ضعف دور المؤسَّسات المتخصِّصة بالبيئة.
  • غموض المادة الإعلاميَّة البيئيَّة.
  • قلَّة المواد الإعلاميَّة البيئية اللازمة لإنتاج البرامج المتعددة.
  • ارتفاع تكلفة إعداد البرامج ذات المستوى والتأثير الجيد.
  • غياب التشجيع من قِبَل المؤسَّسات الإعلاميَّة للصحفيين للخوض في مجال البيئة.
  • غياب التبادُل المعرفي بين المُشرِفين على الصفحات البيئية في الصُّحُف، وكذلك غياب الخُبراء والمُهتمِّين والجمعيَّات المعنيَّة؛ الأمر الذي ينتج عنه أحياناً معالجةٌ سطحيَّةٌ لقضايا البيئة.
  • غياب استطلاعات الرأي التي تُحدِّد مستويات الوعي البيئي لدى الشرائح المُختلفة للجمهور العام والنوعي، والتي تُساعد في رسم السياسة الإعلامية الخاصَّة بالبيئة، وتتيح للقائمين بالاتصال حُسن اختيار المضامين البيئية والأساليب الإعلامية المُلائمة لتوصيل الرسالة البيئية إلى الجمهور.
  • ضَعف الحافز المادي للإعلاميين البيئيين.

دور الإعلام بكافة وسائله في تنمية الوعي البيئي:

  1. كشف التجاوُزات والتعدِّيات على البيئة.
  2. تلقين الأطفال السلوكات البيئيَّة السليمة، وذلك من خلال القصص والرسوم الكرتونية.
  3. تغطية المؤتمرات والندوات المحليَّة المُختصَّة بالبيئة.
  4. العمل على تقديم برامج توعيةٍ بيئيَّةٍ تغطِّي الموضوع من جوانبه الاجتماعيَّة والقانونيَّة والدينيَّة.
  5. التعاوُن مع المدارس والجامعات في إعداد الحملات الإعلامية المُتعلِّقة بحماية البيئة.
  6. تغطية الندوات والمؤتمرات العربيَّة والدوليَّة الخاصَّة بقضايا البيئة.
  7. تقديم أفلامٍ وثائقيَّةٍ لحماية البيئة.
  8. تخصيص برنامجٍ أسبوعيٍّ متخصِّصٍ في توعية الجمهور في حماية البيئة.
  9. التعاوُن مع الجهات المعنيَّة بالبيئة في نشر الحملات الإعلاميَّة الخاصَّة بحماية البيئة.
  10. استضافة المتطوِّعين البيئيين لتحفيز الجمهور في الانخراط في التطوُّع البيئي.
  11. تكليف المتخصِّصين في مجال البيئة بالتعاوُن في إعداد برامج خاصَّةٍ بحماية البيئة.
  12. التركيز على التحقيقات التي تُثير انتباه الجمهور نحو حماية البيئة.
  13. تخصيص مساحاتٍ إعلانيَّةٍ للتوعية بحماية البيئة.
  14. التركيز على القضايا البيئيَّة الأكثر خطورةً واتصالاً بواقع الناس.
  15. القيام باستطلاعات الرأي لقياس مستوى الوعي البيئي لدى الجمهور.
  16. التركيز على المشكلات البيئيَّة على المستوى المحلِّي.
  17. القيام بتغطياتٍ ميدانيَّةٍ واسعةٍ مع الجمهور لمعرفة مستوى وعيهم البيئي.
  18. استغلال وسائل التواصُل الاجتماعي التي تشهد إقبالاً كبيراً، خاصةً من قبل فئة الشباب، للنهوض بالوعي البيئي لدى المستخدمين، وطرح القضايا والمشكلات البيئيَّة من خلال تقديم المعلومات والأخبار المتعلِّقة بالبيئة ومشكلاتها، والدعوة إلى نشاطاتٍ وحملاتٍ تطوعيَّة.
  19. تحفيز الإعلام البيئي للجمهور للمشاركة الفعَّالة في رعاية البيئة، من خلال دفع الناس إلى العمل الشخصي، وتشجيعهم على الحوار وإيصال آرائهم بقوَّة إلى المسؤولين، فيكون لهم رأيٌ مسموع يُساهِم في صنع القرار.
  20. إقامة حوارٍ تصل من خلاله آراء الناس إلى المسؤولين، كما يُوصِل المسؤولون إلى الجمهور من خلاله إيضاحاتٍ عن جدوى التدابير والإجراءات التي تتَّخذها الحكومات والهيئات الرسميَّة لحماية البيئة. الأمر الذي يُسهِم في تعميم الوعي للحفاظ على موارد الطبيعة، كما يَمْنَح المسؤولين صورةً واضحةً عن اهتمامات الرأي العام.

وأخيراً فإنَّ وسائل الإعلام قادرةٌ وبشكلٍ كبيرٍ وفعَّالٍ على التأثير في الجماهير وتنمية الوعي البيئي لديهم، وذلك من خلال إعادة الاعتبار لهذه القضيَّة، وجعلها أولويَّةً قصوى، وليس مجرَّد موضوعٍ ثانويٍّ يأتي ضمن قائمة الاهتمامات أو مجرَّد مناسبةٍ تحصرها في حملةٍ مرتبطةٍ بيوم البيئة العالمي، أو يوم التنوُّع الحيوي العالمي؛ وذلك لا يتحقَّق إلَّا من خلال خَلق منظومةٍ للتعاوُن المُشتَرَك بين الدولة ووسائل الإعلام المختلفة.

 

المصادر:

  1. رسالة ماجستير بعنوان “دور وسائل الإعلام المتخصصة في تطوير الوعي البيئي”، إعداد (عبد الباسط خلف).
  2. بحث بعنوان “دور الإعلام في تحقيق التنمية المستدامة في الوطن العربي”، إعداد: (لمين هماش، فريدة كافي، نورة بن وهيبة).
  3. رسالة ماجستير بعنوان “الإعلام البيئي ودوره في المحافظة على البيئة”، إعداد (بن مهرة نسيمة).
  4. رسالة ماجستير بعنوان “دور الإعلام في حماية البيئة في المملكة العربية السعودية”، إعداد (عامر بن صقر مصري الدوسري).
Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!