الجميع يفكر في أن الكوارث الطبيعية تكون ناتجة عن الطبيعة، ولكن في كثير من الأحيان تكون الكوارث ناتجة من تأثير البشر على الطبيعة، وما يقوم به من أفعال تضر بالطبيعة وتسبب الكوارث، خاصة مع تطور الزمن واكتشاف الأسلحة المتطورة والمواد الكيميائية المختلفة، فالكثير من الانفجارات التي تسبب ضرر بالغ للطبيعة، تكون بسبب مواد كيميائية من صنع الإنسان، ودور الإنسان في حدوث الكوارث الطبيعية كبير ولا يستهان به.
دور الإنسان في حدوث الكوارث الطبيعية
تتسبب الفيضانات والأعاصير وحرائق الغابات في حدوث أضرارًا جسيمة للإنسان، وعلى الرغم من إنه يتم النظر إلى تلك الكوارث الطبيعية على أنها مضرة للإنسان وطبيعية، إلا إنها ليست طبيعية بالمرة. منذ بداية وجودنا على الأرض أثرنا على البيئة بشكل مختلف وتدريجي، ومع الزيادة السكانية الكبيرة والتطور، وزيادة المباني وزيادة النشاط الزراعي، الذي يعتمد على إزالة العديد من الغابات، لوجود أرض مناسبة للنشاط الزراعي أو المباني، وزيادة عوادم السيارات وزيادة مخلفات المصانع والمواد الكيميائية المختلفة، أثر ذلك بشكل كبير على الطبيعة، وتسبب ذلك في حدوث حرائق الغابات والفيضانات على سبيل المثال.
تأثير النشاط الزراعي على حدوث الكوارث الطبيعية
رغم كوننا نأكل المنتجات الحيوانية مثل اللبن والجبن والزبادي واللحوم، ونستفيد من العناصر الغذائية بها، إلا إنها قد تسبب تأثير سيء على الطبيعة وتسبب الكوارث الطبيعية، على سبيل المثال يتم قطع أجزاء كبيرة من غابات الأمازون الممطرة، لإفساح المكان لمزارع الماشية، وبالتالي يؤدي قطع الأشجار إلى الاحتباس الحراري وتعطيل دورة المياه، فبدون وجود أشجار تمتص مياه الأمطار يتسبب ذلك في حدوث فيضانات وتآكل التربة في هذه الأماكن.
عام 2004 تسبب إعصار جين في حدوث ضرر بالغ بهايتي، وتسبب في قتل المئات وإلحاق الأضرار الجسيمة بالمجتمعات البشرية، وأوضح العلماء لاحقا أن الضرر حدث بشكل شديد بسبب إزالة أجزاء كبيرة من الغابات في هايتي، حيث تم إزالتها لإفساح المكان للنشاط الصناعي، وتسبب ذلك أيضا في عدم تقييد العاصفة حيث تساعد الأشجار الكثيفة في تقييد العاصفة. وفي بعض الأحيان يتسبب قطع الأشجار أو إزالة أجزاء من الغابات في حدوث الجفاف الشديد، فقلة الأشجار قد تتسبب لاحقا في هطول كمية أمطار أقل من السابق ويزيد ذلك من مخاطر الجفاف. قضية أخرى تتسبب في حدوث الكوارث الطبيعية وهي إزالة جزء من الأراضي الزراعية لإنشاء المباني المختلفة، مما يؤثر على المحاصيل الزراعية وعلى التربة وعلى العناصر الغذائية في التربة.
تأثير تلوث الهواء على حدوث الكوارث الطبيعية
من القضايا والملفات الشائكة والمفتوحة طوال الوقت، هو ملف موضوع تلوث الهواء، والذي يؤثر على الكثير من الأشياء، ومن الأمور التي تتسبب في حدوث كوارث لا تعد ولا تحصى، وبالطبع ينتج تلوث الهواء عن الإنسان، فمنذ الثورة الصناعية ازداد تلوث الهواء بشكل كبير، ومن أكثر مشاكل تلوث الهواء هي مشكلة الاحتباس الحراري، وهي من أكبر الكوارث الطبيعية المطروحة حاليا. والاحتباس الحراري هو زيادة متوسطة في درجة الحرارة العالمية، حتى لو كانت الزيادة بسيطة وتبدأ بشكل تدريجي، فهي مدمرة لكوكب الأرض، ومن الأسباب التي تؤدي للاحتباس الحراري زيادة أكسيد الكربون والميثان وأكاسيد النيتروز، والتي تدخل في الغلاف الجوي وتسبب مشكلة الاحتباس الحراري.
يتسبب الاحتباس الحراري في حدوث تغيرات كبيرة في المناخ، فترتفع درجات الحرارة ويؤدي ذلك لأذابه الجليد وتغير درجة حرارة المحيطات، وتغير مستويات مياه البحر، ويؤثر تسخين وتبريد المحيطات على التبخر، ويتسبب ذلك في حدوث العواصف الاستوائية وهطول الأمطار وزيادة العواصف. [2]
دور الأنشطة البشرية في حدوث الكوارث الطبيعية
- حدوث التعدين الغير منظم والمسؤول إلى حدوث كوارث طبيعية، على سبيل المثال في نوفمبر عام 1980 اختفت بحيرة بأكملها بسبب حفر منجم تحت البحيرة.
- بناء السدود يتسبب في حدوث الزلازل، بسبب ضغط الكتلة المائية الضخمة على السطح تحتها.
- تحدث الفيضانات لأسباب متعددة مثل ذوبان الجليد، وهطول المطر لفترة طويلة، وتربة رطبة، ولكن الإنسان له دور في زيادة حدوث الفيضان، مثل زيادة التنمية الصناعية، وإزالة الغابات، وتدمير الأراضي الزراعية الرطبة، وبسبب الأنشطة الزراعية المخالفة.
- التخلص من الأراضي الزراعية من أجل البناء، يتسبب ذلك في أن الأرض الإسمنتية لا تمتص الأمطار مثل التربة، وبالتالي تبحث عن قنوات أخرى، وحدوث أي خطأ في تصريف هذه الأمطار، يؤدي لحدوث كوارث طبيعية تسبب اضرار جسيمة للبشرية.
الانهيار الأرضي في سد فاجونت
عام 1963 إنهار ما يقرب من 270 مليون متر مكعب من الأرض والصخور، وتسبب ذلك في حدوث تسونامي يبلغ طوله 150 متر وتجاوز السد، حيث تدفق 25 متر مليون مكعب من المياه من الوادي الضيق حتى قرية لونجارون، وتسبب ذلك في تدمير القرية وأربعة قرى أخرى وأدى ذلك إلى مقتل 2000 شخص، وذلك حدث بسبب إعادة ملء السد والذي أدى لانهيار جانب الجبل بشكل تام وتسبب في حدوث هذه الكارثة الطبيعية، ففي عام 1962 تحرك التلال المجاور للسد وحينها تم وقف ملء السد على الفور ومن ثم خفض منسوب المياه، وتوقف التحرك بالفعل، ولكن مع إعادة ملء السد مرة أخرى تسبب ذلك في حدوث انهيار جانب الجبل.
حرائق الغابات في إندونيسيا
عام 2015 اندلعت حرائق الغابات في إندونيسيا والتي تم وصفها بالمدمرة، وتسببت في تدمير الغابات والأدغال بشكل كبير ولمساحات شاسعة، وتسببت الحرائق في عواقب وخيمة لأشهر متتالية من حدوثها، وبلغت الخسائر الاقتصادية حينها المليارات، وتسببت في حدوث مشاكل صحية لبعض الأفراد، وتم غلق المطارات والمدارس، وهذه الحرائق حدثت بسبب الطبيعة والإنسان أيضا، حيث اندلعت حرائق الغابات هذه عمدا لتطهير الغابات، وبسبب الظروف الجافة للغابات، اندلعت مساحات أكبر من المقصودة وتسبب ذلك في حدوث حرائق على نطاق واسع في الغابات.
التسرب النفطي لشركة إكسون فالديز
عندما حدث التسرب النفطي لشركة إكسون فالديز في ألاسكا وتسبب في سكب 11 مليون جالون من النفط، والذي أنتشر عبر 1300 ميل من الساحل، تسبب في تدمير موائل سمك السالمون والرنجة، وقتل عدد من الطيور وثعالب الماء وتضرر الحيتان وأدى لفقد العديد من الصيادين لعملهم بسبب التدمير الهائل الذي حدث.
التسمم بالزئبق
من عام 1932 إلى عام 1968 قامت شركة يابانية بإطلاق مياه الصرف الصحي التي تحتوي على مادة ميثيل الزئبق في خليج مدينة ميناماتا، أثرت مادة ميثيل الزئبق السامة على الأسماك في المحيط، وتسببت في تسمم كلا من قام بأكل هذه الأسماك، وتسبب تسمم الزئبق في حدوث تشنجات عضوية ونوبات، وتم تقدير ضحايا هذا المرض ما يقرب من 3000 شخص.[1]
بالطبع يتسبب الإنسان في كثير من الأحيان في حدوث الكوارث الطبيعية، التي تختلف في شدتها من البسيطة للمتوسطة والشديدة، وهناك محاولات مختلفة من المؤسسات المهتمة بالبيئة بتقليل هذه الكوارث والأضرار وخاصة مشكلة الاحتباس الحراري.