ديفيد هيرست: ماذا يحدث عندما يتوقف نفط السعودية؟

مقال للكاتب البريطاني ديفيد هيرست يستشرف مستقبل الاقتصاد السعودي في ظل سياسات محمد بن سلمان، وانهيار النفط، والظروف الاستثنائية التي تمر بها المملكة والعالم جراء تفشي وباء كورونا.

Share your love

ديفيد هيرست: تداعيات انهيار الاقتصاد السعودي الذي ظل لعقود محرك اقتصاد المنطقة بأسرها، ستنعكس سريعا على دول عربية عديدة (الجزيرة)

نشرت صحيفة ميدل إيست آي مقالا للكاتب الصحفي البريطاني ديفيد هيرست يستشرف مستقبل الاقتصاد السعودي في ظل سياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وانهيار أسعار النفط، والظروف الاستثنائية التي تمر بها المملكة والعالم بسبب تفشي فيروس كورونا.

وانتقد هيرست سياسات ولي العهد السعودي الاقتصادية، وقال إن المكالمة الهاتفية العاصفة التي أجراها محمد بن سلمان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عشية اجتماع أوبك الشهر الماضي، وانتهت بحرب أسعار نفط كارثية بين السعودية وروسيا؛ تعكس نمط الحكم الذي تسير به المملكة.

وقال هيرست إن محمد بن سلمان لا شك أنه أدرك مدى فداحة الخطأ الذي ارتكبه بتلك المكالمة؛ فقد انهارت أسعار النفط، وسرعان ما ستنفد المساحات المخصصة لتخزينه، وتواجه شركات الطاقة احتمال إغلاق آبار النفط.

ويمثل قطاع النفط والغاز نحو 50% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، و70% من عائدات التصدير، وقد اختفى كل ذلك نتيجة انهيار الأسعار، وفقا للكاتب.

نفط من دون مشتر وخزائن فارغة ومشاريع تحولت إلى سراب.. هذا ما جناه محمد بن سلمان على السعوديين (الجزيرة)

السعودية من دون نفط
وأشار هيرست إلى أن السعودية قد تصبح دولة مدينة، وهي فرضية كانت مستبعدة في الماضي، لكنها باتت الآن احتمالا واردا.

ففي ظل هبوط سعر خام برنت إلى أقل من عشرين دولارًا -يقول الكاتب- فإن ولي العهد السعودي في طريقه لاكتشاف ماذا يعني استغناء العالم عن نفط المملكة.

وقال هيرست إن الاقتصاد السعودي يشهد تراجعا منذ بعض الوقت، فعندما تولى الملك سلمان العرش في 23 يناير/كانون الثاني 2015 بلغ إجمالي الاحتياطات الأجنبية 732 مليار دولار، وبحلول ديسمبر/كانون الثاني من العام الماضي، تقلص ذلك الرقم إلى 499 مليار دولار، وهو ما يعني خسارة قدرها 233 مليار دولار في أربع سنوات، وفقًا لمؤسسة النقد العربي السعودي.

كما انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة من 25 ألفا و243 دولارًا عام 2012 إلى 23 ألفا و338 دولارًا عام 2018، وفقًا للبنك الدولي.

وقدر صندوق النقد الدولي أن صافي دين المملكة سيصل إلى 19% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، و27% العام المقبل، وقد يصل إلى 50% بحلول عام 2022 في ظل جائحة كورونا وأزمة أسعار النفط.

ووفقا لهيرست، فإن الإغلاق الذي تسبب فيه تفشي فيروس كورونا المستجد، وأدى إلى تعليق الحج ومواسم العمرة، التي تجذب نحو عشرة ملايين حاج ومعتمر سنويا؛ قد أفقد ميزانية المملكة ثمانية مليارات دولار أخرى.

أسباب أزمة النفط السعودي خيارات خاطئة وحرب أسعار خاسرة (الجزيرة)

استثمارات سيئة
وواصل هيرست تلمس ملامح الصورة القاتمة لمستقبل اقتصاد المملكة؛ فبعد الإشارة إلى الخسائر الناجمة عن انهيار أسعار البترول، وإلغاء الحج والعمرة، وإغلاق الاقتصاد؛ هناك مؤشرات أخرى تشير إلى عمق الأزمة، ومن أهمها الاستثمارات السيئة.

ووفقا لهيرست، فإن تراجع قيمة صناديق الثروة السيادية يعد أحد المؤشرات الدالة على الاستثمارات السيئة.

واحتل صندوق الثروة السيادية الرئيسي للمملكة -صندوق الاستثمار العام- المرتبة 11 عالميا، بعد هيئة أبو ظبي للاستثمار وهيئة الاستثمار الكويتية وهيئة الاستثمار القطرية، حيث بلغت قيمة صندوق الثروة السيادية للإمارات 1.213 تريليون دولار، ثم الكويت بمبلغ 522 مليار دولار، وقطر بمبلغ 328 مليار دولار، والسعودية بمبلغ 320 مليار دولار.

وتشير تقديرات قدمها صندوق النقد الدولي قبل تفشي وباء كورونا إلى أن خطط زيادة صندوق الاستثمار العام السعودي ليصل إلى تريليون دولار لن تكون كافية لتوفير الدخل اللازم، إذا أرادت السعودية تنويع مصادر اقتصادها بدل الاعتماد على النفط.

وقدم هيرست أمثلة على تراجع قيمة مشاريع استثمارية سعودية مهمة، مثل مشروع نيوم والاستثمار في شركة أوبر وغيرهما.

وقال إن الركيزتين الأساسيتين لخطة الإصلاح التي تبناها محمد بن سلمان تتداعيان، حيث فشلت خطته الرامية لجلب استثمارات أجنبية من خلال بيع 5% من أسهم شركة أرامكو في بورصات الأوراق المالية الأجنبية، كما يشهد صندوق الاستثمار العام -الأداة الرئيسية لتنويع اقتصاد المملكة بعيدًا عن النفط- حالة من الفوضى.

وخلص هيرست إلى أن ولي العهد السعودي في عصر ما بعد النفط لن يكون قادرا على إنفاق مليار دولار من دون أن يطرف له جفن كما كان من قبل، وأن أطرافا كثيرة في المنطقة ستفرح بنهاية محمد بن سلمان الذي آذى الكثير من الناس، خاصة في مصر.

ولكن تداعيات انهيار الاقتصاد السعودي، الذي ظل لعقود طويلة المحرك لاقتصاد المنطقة بأسرها؛ ستنعكس سريعا على دول عربية عديدة طالما اعتمدت اقتصاداتها على الحوالات المالية التي يرسلها الملايين من أبنائها العاملين في المملكة.

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!